الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

الأقساط بالدولار... هل فقدنا الثقة بالليرة؟

رامي راجح ـــ بيروت مدينتي
الأقساط بالدولار... هل فقدنا الثقة بالليرة؟
الأقساط بالدولار... هل فقدنا الثقة بالليرة؟
A+ A-

"تصدير" الشباب إلى الخارج بات من ميزات الحكم في لبنان. وتقارب نسبة هجرة هؤلاء أكثر من نصف عدد متخرجي الجامعات. وفي حين لا نزال نتغنّى بمستوى ورُقيّ التعليم العالي في بلدنا، لا يمكن بعد اليوم تجاهل مدى التضحيات والتحدّيات التي تصطدم بها غالبية الأسر لتأمين أقساط جامعية عالية في ظلّ إصرار النظام، إهمالاً أو عن قصد، على إضعاف الجامعة اللبنانية الرسمية. فما الفائدة من تكبّد هذه الأعباء، المادية والمعنوية، والكل على يقين بأنّه في آخر المطاف، يعجز قطاع العمل عن توفير فرص تؤمن الحد الأدنى من العيش الكريم وتؤسس لمستقبل يلاقي تطلعات الشباب اللبناني وتتناسب مع تخصّصاته؟ وكيف يمكن قراءة خلفية وتبعات قرار الجامعة الأميركية في بيروت الأخير بشأن إصدار فاتورة الأقساط بالدولار الأميركي في ظلّ هذا الواقع؟

لا يمكن فصل سياسة التعليم ومتطلباتها عن الآثار التي تولّدها السياسات الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئة السياسية في مختلف الدول وفي ما بينها. وتأتي ردود الفعل الطالبية وعدد من قوى التغيير المعترضة على هذا القرار تحديداً في هذا الإطار، متجاوزةً بذلك مسألة كيفية إدارة جامعة خاصة عاملة على الأراضي اللبنانية لشؤونها الداخلية لتطرح مخاوف واعتبارات مشروعة وملحّة نضعها في رسم وزارة التربية والتعليم العالي وحكومة "إلى العمل" في شكل عام:

أولاً: مدى خطورة تبعات القرار المباشرة على الطلاب وأسرهم:

إنّ الاعتراض على القرار ناتج أولاً عن الخوف من تغيير قيمة صرف الدولار في حال تخلي مصرف لبنان عن قرار الحفاظ على سعر الصرف المعتمد حالياً، كون العديد من أهالي الطلاب، وفي شكل خاص العاملات والعاملين في القطاع العام، يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية، ما يمكن أن يشكّل أزمة حقيقية لجهة قدرتهم على الإيفاء بالتزاماتهم.

ثانياً: مدى خطورة دلالات هذا القرار على درجة الثقة بالحكومة اللبنانية:

نكرّر أنّ هذه المعضلة ليست ظرفية ولا يمكن عزلها عن سياسة الدولة المالية والاقتصادية على حد سواء، كون الأزمة التي نمرّ بها حالياً دفعت بالمؤسسات العاملة في عدد كبير من القطاعات بأن تلجأ إلى إجراءات تحميها من احتمالات تقلُّب الوضعين النقدي والمالي والتي من شأنها التأثير على القدرة من استمرار نشاطها. لذلك لا بد من النظر الى جوهر المشكلة في محاولة جادة لحلها. والتوقيت مناسب لطرح السؤال حول وضع التعليم العالي وكيفية مواكبته كل التطورات في العالم وتقليص الهوة بين الاختصاصات الموجودة اليوم في جامعات لبنان وتوجّه سوق العمل. فالمشكلة ليست بالعملة التي ستُدفع بها الأقساط الجامعية، بل بفرق قيمة هذه الأقساط في حال وقعت الكارثة، وفي الأضرار التي سيدفع ثمنها الطلاب وأسرهم.

كيف ستتدارك وزارة التربية والتعليم العالي مخاطر هذا الملف؟ هل ستترك، كما اعتدنا في العديد من المسائل الحياتية الحيوية، لـ"الفرقاء" (الطلاب والأهالي من جهة وإدارات الجامعات الخاصة من جهة أخرى) أن "يتفاوضوا" في ما بينهم، والنتيجة معروفة سلفاً بأنّ "الفريق الأضعف اقتصادياً" هو الذي سيتكبّد التبعات؟ هل ستبادر الحكومة إلى إصلاح جذري لاستعادة الثقة بالبلاد واقتصادها بعد أن تُركت مسؤولية ملاءمة سياسات التعليم بفرص ومتطلبات سوق العمل على عاتق حملة الشهادات وحملة هموم البطالة في ظلّ تغييب دور الوزارات والمرافق العامة؟

أسئلة كثيرة للحكومة الحالية، حكومة "إلى العمل"، حان وقت طرحها والعمل على إيجاد أجوبة عملية لها لعلّ تحرك الطلاب وداعميهم يكون نقطة البداية لفتح أبواب المستقبل.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم