الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

"النهار" تنشر ردّ "كفى" على ملاحظات المحاكم الطائفية حول اقتراح تعديل قانون حماية النساء من العنف الأسري

"النهار" تنشر ردّ "كفى" على ملاحظات المحاكم الطائفية حول اقتراح تعديل قانون حماية النساء من العنف الأسري
"النهار" تنشر ردّ "كفى" على ملاحظات المحاكم الطائفية حول اقتراح تعديل قانون حماية النساء من العنف الأسري
A+ A-

في كلّ مرة يتم تقديم مشروع قانون من شأنه إعطاء المرأة حقوقها البديهية كحمايتها من العنف مثلاً، يجابه بالممانعة والرفض والعنف.

هكذا جرى وقت تقديم مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري (قانون 293/2014)، وجرت المماطلة في البحث فيه وأخذ إقراره مع إدخال تعديلات عليه سبع سنين، واليوم، يتمّ التعامل مع مشروع تعديل القانون 293 بالطريقة ذاتها.

أقرّ قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري في 1 نيسان 2014 ، لكنه تضمّن ثغرات عديدة حالت دون تطبيقه بشكل فعال. اعتمد بعض القضاة على اجتهاداتهم الخاصة لسنوات لتغطية ثغرات القانون وحماية المرأة المعنّفة. إلّا أن ذلك لم يكن كافياً، خصوصاً أن الأمر يعود إلى كل قاضٍ ويختلف من قاضٍ إلى آخر. وبعد 3 سنوات ونصف من إقرار القانون، أعدت "كفى" دراسة تحليلية لقرارات الحماية التي اتخذها القضاة، كانت بمثابة "جردة حساب" نوقشت مع القضاة وتوصلت فيها إلى ضرورة تعديل النص القانوني. وقامت لجنة خاصة تضم "كفى" ووزارة العدل بصياغة اقتراح لتعديل القانون وأطلق التعديل في وزارة العدل بالشراكة مع الهيئة الوطنية لشؤون المرأة ووزير الدولة لشؤون المرأة ووزير الدولة لحقوق الإنسان. قام وزير العدل آنذاك بتقديم المقترح إلى الحكومة في 7 نيسان 2017. ثمّ طرح رئيس الجمهورية مشروع التعديل من خارج جدول الأعمال في 3 آب 2017 وأُقرّ المشروع بالإجماع.

وفي 26 تشرين الثاني من العام 2018، وقّع 10 نواب من كتل سياسية مختلفة على اقتراح تعديل القانون وقدّموه إلى مجلس النواب لإقراره. وعقدت اللجان النيابية المشتركة لغاية اليوم عدّة اجتماعات لدراسة مشروع القانون.

أبرز التعديلات التي تضمنها مشروع القانون هي:

- إعادة تعريف الأسرة بحيث تشمل الزوجين أيضاً بعد انفصالهما لأن الانفصال لا يمنع المعنِّف من ارتكاب التعنيف.

- إعادة تعريف العنف الأسري ليعكس أيضاً استعمال السلطة داخل الأسرة بالقوة الجسدية أو غيرها.

- اعتبار جريمة العنف الأسري بموجبه جريمة قائمة بذاتها عن طريق إدراج نص خاص للعقوبات يغني عن العودة إلى نصوص قانون العقوبات.

- اعتماد مبدأ تخصّص القضاة في قضايا العنف الأسري.

- تخصيص أمر الحماية للنساء.

- شمول الحماية الأطفال بغض النظر عن سن حضانتهم.

- إلزامية جلسات التأهيل للمعنف في قرار الحماية.

- تفعيل آلية تنفيذ قرارات الحماية ليصبح التنفيذ عن طريق النيابة العامة.

هجوم

عند تقديمنا مشروع القانون هذا، شُنّ علينا، كما العادة، هجوم شرس، وتحديداً من رجال الدين.

في كل مرّة نطالب فيها بالمساواة وبالحماية القانونية وبالحقوق البديهية، تتكرّر الاتهامات الجاهزة: التحريض على الرجال، قبض الأموال المشبوهة، تنفيذ أجندة غربية، مخالفة الدستور، إحداث هرج ومرج، ارتجال وتسطيح... وفي كلّ مرّة أيضاً، نواجه بغضب يحمل في طيّاته خوفاً من تحرّر النساء وخوفاً على المساس بمصالح رجال الدين ومساءلة سلطتهم على حياة الناس.

في هذا المقال سنردّ على الملاحظات العامة التي وردتنا، وسنخصّص مقالاً آخر (يُنشر غداً) للردّ على الملاحظات المتعلّقة بالبنود الخاصة الواردة في اقتراح تعديل القانون 293/2014.

أولاً – المادة التاسعة من الدستور:

تشكّل المادة التاسعة من الدستور الشمّاعة التي تتمسك بها المحاكم الطائفية للوقوف بوجه أي تعديل يتعلق بقضايا النساء أو الأطفال. فلقد سبق أن أثيرت هذه المادة، وبحدة، عند بداية دراسة مجلس النواب - وقبله مجلس الوزراء - لاقتراح القانون 293/ 2014. فما يقال الآن، على اقتراح تعديل القانون 293/2014، ليس بجديد، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: إذا كانوا قد رأوا في القانون 293 مخالفة للمادة التاسعة من الدستور فلماذا لم يطعنوا بالقانون بعد إقراره في العام 2014 أمام المجلس الدستوري للبت في ما إذا كان القانون 293 مخالفاً للدستور أم لا، إذ إنهم ليسوا المرجع الصالح للحكم في هذا الموضوع. وبما أنهم لم يفعلوا ذلك عند إقرار القانون 293، من غير الجائز الآن التمسك بهذه الحجّة للتصدي لاقتراح التعديل على القانون 293 الذي يناقش حالياً في مجلس النواب، حيث إن هذا الاقتراح لم يمس بجوهر الأسباب الموجبة للقانون 293، إنما اقتصر على بعض الإجراءات العملانية والتنفيذية لتفعيل مضمون قرارات الحماية التي لم يطالها التعديل. من هنا، فإننا لا نجد جدوى في إعادة النقاش إلى ما قبل العام 2014 تاريخ إقرار القانون 293، وهذا التهويل والتهديد بالمادة التاسعة من الدستور لم يعد يستوجب الرد، فلو كان الأمر بهذه الخطورة، لما كانوا قد ترددوا في تقديم دعوى أمام المجلس الدستوري للطعن بالقانون 293.

يطالب جميع اللبنانيين بتطبيق اتفاق الطائف، وهذا ما نطالب به نحن أيضاً، ونطالب خاصة بتطبيق المادة التاسعة على ضوء تعديلات الطائف وبشكل خاص مقدمة الدستور التي التزمت فيها الدولة اللبنانية بتجسيد حقوق الإنسان في كل المجالات بدون استثناء.

وضع هذا الالتزام حداً نهائياً للقراءة القديمة للمادة التاسعة، وكرس أولوية حقوق الإنسان المواطن. ولقد صدر عن المجلس الدستوري قراراً واضحاً لجهة اعتبار أن أحكام مقدمة الدستور تتمتع بقوة أحكام الدستور الأخرى.

ثانياً – بالنسبة للهرج والمرج:

بالنسبة لما يسمونه بـ"الهرج والمرج"، فإن الهرج والمرج هو ما يحصل في المحاكم الطائفية التي تغيب عنها اعتبارات العدالة، فتدوس على أوجاع ومعاناة النساء وتلعب دور الحامي والحارس الأمين للمفاهيم الذكورية السائدة في المجتمع. فبعضها لا يمنح الطلاق للمرأة وإن شوهدت ودمها سائل على الأرض، لأن الطلاق في يد الرجل وحده، هو امتلكها وهو يقرر أن يعتقها. الهرج والمرج هو عندما يرى القاضي الطائفي أن 400 ألف ليرة لبنانية كافية كنفقة لامرأة مع ستة أطفال من دون إجراء دراسة لاحتياجات هذه العائلة تكون مسندة إلى معايير اقتصادية علمية، فتصبح مزاجية القاضي في هذه الحالات هي الحكم. لذلك فإن ما يعتبره القيّمون على الطوائف تداخلاً في الصلاحيات، نعتبره نحن تصويباً للاختصاص، لأن القضاء العدلي هو الصالح للنظر بالخطر الذي يهدد الأفراد وبوضع حد لهذا الخطر وحمايتهم منه، بمن فيهم الأطفال الواجب حمايتهم في حال وجدوا في بيئة تسيء معاملتهم وتهدد صحتهم الجسدية والنفسية.

ثالثاً – ارتجال وتسطيح

إن الارتجال والتسطيح اللذين يتهمون الآخرين بهما يكمنان في التهرب من مناقشة القانون بموضوعية وبمقاربة الواقع ومدى قدرة القوانين الحالية على الاستجابة لهذا الواقع. أما الغمز من قناة مصادر تمويل الجمعيات، فإن شفافيتنا في الكشف عن مصادر تمويلنا كافية لتدحض أي شكوك، وهي لا تشكل أي حرج لنا خاصة وأنها هي نفسها مصادر تمويل معظم مؤسسات الدولة. وحبذا لو كانوا قد طالبوا بالكشف على مصادر الهدر والفساد على كل مستويات إدارات الدولة، المدنية وغير المدنية.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم