الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

الاستقلال الّلبنانيّ عام 1942 أو 1943؟

المصدر: النهار
سيلينا بريدي
الاستقلال الّلبنانيّ عام 1942 أو 1943؟
الاستقلال الّلبنانيّ عام 1942 أو 1943؟
A+ A-

هذه المقالة لا تتحدّث عن الاستقلال الّلبناني، كما أنّها ليست مكتوبة بمناسبة عيد الاستقلال. وقد يستغرب العديد منكم العنوان، لكنّه في الحقيقة يترجم قسمًا من الواقع الّلبناني وواقع أطفال وشباب لبنان. فما هو هذا الواقع، وما هي أسبابه الرّئيسيّة؟

من الممكن أن نفهم واقع أطفال وشباب لبنان بمجرّد أن نطرح عليهم السّؤال "ما هو تاريخ استقلال لبنان؟" لتتعدّد الأجوبة والتّواريخ. بالفعل، إنّه أمرٌ مضحكٌ مبكٍ في آنٍ واحدٍ، وهو واقعٌ يسوء يوماً بعد يوم منتقلًا من جيلٍ إلى آخر. إن مختلف الفئات العمريّة في لبنان في ابتعادٍ متزايدٍ عن اهتمامهم بوطنهم، لتنتقل من عدم معرفة التّاريخ الصحيح للاستقلال إلى جهل أسماء الرّؤساء الثّلاثة. ويمكن القول إنّ الاطّلاع على أخبار اليوم والتطوّرات السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة أصبح سخيفاً، والتّعمّق في تاريخ الوطن أمر معيب. وإذا نظرنا إلى البلاد الاوروبيّة نجد أنّ شعوبها ما زالت تحافظ على ذكريات ورموز تاريخها وتحتفل بها سنويًّا، وعلى سبيل المثال الثّورة الفرنسيّة في فرنسا وسلالة الهبسبورغ في النمسا بالأخصّ الامبراطورة سيسي التي نجد وجهها اليوم في بعض الإعلانات النّمساويّة.

تتكوّن هذه المشكلة منذ الصّغر وهي تترجَم في صفوف الأطفال. فالسّبب الأوّل هو تعرّف الأطفال على "العالم الآخر" في أولى مراحل حياتهم. والمقصود بـ"العالم الجديد" هو عالم التّكنولوجيا الذي ينقل مستخدميه إلى الدّول المتطوّرة وثقافاتها بواسطة مواقع التّواصل الاجتماعي، ليصبح حبّ هذه الدّول "الغريبة" عنّا حقيقة، والعيش فيها حلماً. إذًا، يكبر الطّفل وينضج متعلّقًا بتلك الأفكار "الغريبة"، غير منجذب إلى تاريخه وثقافته الأمّ اللذين لم يعطهما فرصة واحدة ليشدّاه لهما.

وعند الدّخول في حياة الشّباب الّلبناني نجد أنّ معظمهم لا يعيّدون عيد الاستقلال ولا ينشرون رسالة للمناسبة عبر حساباتهم الخاصّة على مواقع التّولصل الاجتماعي. كما أنّهم لا يتابعون الأخبار المحلّيّة التي تعنيهم بالدّرجة الاولى، ولا يعرفون إذا شُرّع قانون جديد أو اغتيل رجل سياسي. أيضًا، غالبًا ما نسمع جملة "لا تهمّني السياسة فكلّ الأحزاب فاسدة". نعم، ربّما بنظرغالبيّة الشباب كلّ الأحزاب فاسدة ولا تعمل لمصلحة البلاد، ولكن في الوقت عينه، لا يمكن العيش في أيّ بلد في العالم من دون الإيمان بمستقبل أفضل للوطن وفق رؤية مستقبليّة معيّنة، وإيديولوحيّة تتناسب مع معتقدات كلّ شخص، وإلّا نكون نشبه الآلات. وإذا كانت هذه هي الحالة، فذلك يُسمّى هروباً وقلّة نشاط وعدم مثابرة من قبل الشّباب اللّبناني، بالأخصّ بوجود الأحزاب المدنيّة على السّاحة الّلبنانيّة أو الأحزاب التي تخطو خطواتها الخجولة داخل المؤسّسات التّشريعيّة والتّنفيذيّة.

يُلقى أيضًا الّلوم على الدّولة الّلبنانيّة، المسؤولة الأولى عن هذا الواقع. فأخبار الفساد الّلامتناهية، والوعود الوهميّة، والمشاريع الموجودة فقط على الورق، خلقت حالة من اليأس عند الّلبناني وبالأخصّ الشباب الغارقين في مشاكل البطالة وأزمة الإسكان. بطبيعة الحال سيبتعدون عن بلدهم وتاريخه ويشعرون بأنّهم غير معنيّين به.

السؤالان اللذان يطرحان نفسهما اليوم "على من يُلقى الّلوم أكثر، الدّولة أم الشّعب؟ وهل من حلول لهذة "الأزمة" أم أنّ الوضع متأزّم؟".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم