السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

كيف تحضّر مدارس تلامذتها للالتحاق بالجامعات الأجنبية؟ الـ Grand Lycée والـ IC نموذجاً

المصدر: "النهار"
شربل بكاسيني
شربل بكاسيني
A+ A-

كلّما اقترب التلميذ من نيل الشهادة المدرسية، ازدادت حماسته للالتحاق بالاختصاص الذي يحب، والغوص في المجال الذي يبرع فيه. وباتت شريحة لا يستهان بها من تلامذة لبنان تسعى للالتحاق بالجامعات الأجنبية، خارج لبنان، لما في ذلك من خبرات وفرص لاكتساب معارف ثقافية واجتماعية متنوّعة، بالإضافة إلى المستوى التعليمي الذي تتحلّى به هذه الجامعات، والوصول إلى تحقيق تقدير الذّات والثقة بالنّفس.

اخترنا نموذجين من المدارس الفرنكوفونية والإنكلوفونية الرّائدة في المجال التعليمي في لبنان، وهما الليسيه الفرنسيّة اللبنانيّة الكبرى (Grand Lycée Franco-Libanais) و"الانترناشيونال كوليدج"  (International College)، لمعرفة كيف تحضّر تلامذتها لمتابعة تحصيلهم العلمي خارج لبنان.

الجامع في الخيط التعليمي الذي يوصل الطلاب إلى جامعات مرموقة في العالم هو جوٌّ من التّعدّدية اللغويّة عابرٌ للثقافات والحضارات، أضف إلى تشجيع الإبداع، والابتكار والمبادرات الفردية، بهدف توجيههم للالتحاق بالجامعات الأجنبيّة في الخارج.

أمام اللوحات الفنيّة والمنحوتات والكتب والحواسيب، يتحلّق التلامذة، جنباً إلى جنب، للتّحليل والمناقشة والاطّلاع على أحدث الاختراعات، وآخر ما توصّلت إليه الأبحاث، وأهم المواقع الإلكترونيّة والمنصّات الرّقميّة التّي تساعد الفرد على متابعة تحصيله العلمي والثّقافي والمعرفي. يناقشون في ما بينهم تارةً بالفرنسيّة وطوراً بالإنكليزيّة، إلى جانب اللغة الأم.

ثلاثية اللغة هذه تتشكّل لدى التلميذ منذ الحضانة، فيرافقه أساتذة لغة فرنسيّة وإنكليزيّة وعربيّة، يتفهّمون اختلاف الثقافات الذي يميّز لبنان، ويعملون على انفتاح التلاميذ عليها والتّعرّف إليها من دون استثناء.

من خلال القيام بنشاطات ثقافيّة وتعليمية، يدرك التلميذ أهمية التنوّع العقائدي والجندري والعرقي، ويتعرّف إلى هويّات كل حيّز جغرافي وكل بلد، انطلاقاً من مبدأ "المواطنة المعولمة" (global citizenship) الذي يشير إلى قدرة الفرد على التفاعل على مستوى عالمي جامع مع الآخر المختلف عنه ثقافيّاً وإثنيّاً وعرقيّاً، عابراً بذلك حواجز الانتماء العضوي الأوّلي. فبين مجموعة أعمال جماعيّة وسعيٍ لإبراز القدرات والمواهب المتنوّعة، يضمن أهالي التلامذة لأبنائهم التعليم والثقافة والصداقة، من خلال مشاركتهم في مجموعة نشاطات ثقافيّة من شأنها تقوية أواصر الصّداقة، والتّعرّف إلى الآخر وتقبّله وإرساء قواعد التفاهم والاحترام.

تتيح الليسية الفرنسية اللبنانية لتلامذتها على حدٍّ سواء فرصة المشاركة في برنامج L’Échange d’ADN""، جامعٍ المدارس الفرنسيّة حول العالم، وهو برنامج تبادل مدرسي تقدّمه منصّة "أغورا" (Agora) التي تسمح للتلميذ بالاتصال بتلامذة المدارس الثانوية والخريجين من المدارس الثانوية الفرنسية في العالم، لمناقشة مشاريع التوجيه التي تتبع البكالوريا. يقوم تعاون الليسيه مع أغورا على تبادل التلامذة اللّبنانيّين مع تلامذة من جنسيّات أخرى، والتي عادة ما تكون فرنسيّة أو كنديّة أو بريطانيّة، فيتمكّن بذلك من التعرّف إلى ثقافة البلد المضيف والمناهج المتّبعة في مدارسه، وبالتّالي الاطّلاع على النّظام التعليمي الجامعي فيه. وتمتدّ فترة التّبادل هذه لأربعة أسابيع، يعيش فيها التّلميذ المسافر مع عائلة التّلميذ الذي استُبدل به، ويتابع تعليمه في مدرسته. وتقول مستشارة التوجيه في الليسيه الفرنسية جاكي فاران: "تخرّج مدرسة ليسيه الفرنسيّة اللبنانيّة الكبرى سنويّاً حوالي 250 تلميذاً، ويتوجّه نصف العدد هذا، أي 120 إلى 130 تلميذاً، للتّخصّص في جامعات أجنبيّة خارج لبنان، وفي طليعتها جامعات فرنسا، ومن ثمّ جامعات كندا فبريطانيا وأميركا وغيرها".

وأمام كلّ ما تقدّمه المدرسة لتلامذتها، لا يعود اختيارهم للجامعات الأجنبيّة غريباً، فقد تلقّوا التّعليم المناسب، وتمكّنوا من الحديث بثلاث إلى أربع لغات، وتعرّفوا إلى الاختصاصات المطلوبة والثّقافات المتعدّدة.


في المقلب الآخر، أمام تلامذة الثانويّة العامّة في "الانترناشيونال كوليدج" أربعة خيارات للتّحضير للشّهادة، إذ تتيح المدرسة لتلامذة المرحلة الثانوية فرصة اختيار أحد هذه المناهج: المنهج اللبناني، البكالوريا الفرنسية، البكالوريا الدولية، بالاضافة إلى البرنامج المدرسي الخاص بها. وتقدّم هذا العام 176 تلميذاً لنيل شهادة الثانوية العامة اللبنانيّة من أصل 242 تلميذاً. كما نظّمت "الانترناشيول الكوليدج" في الأعوام الأخيرة مجموعة محاضرات تحضّر التلميذ للمستقبل المهني وتعرّفه إلى متطلّبات السوق وحاجاته. كما نظّمت معارض خاصّة استضافت فيها جامعات من المملكة المتحدة، كندا، أوروبا، الولايات المتحدة وأوستراليا. وهي بذلك تسعى لمتابعة برنامج التوجيه الأكاديمي والمهني المخصّص لتلامذة الصّفوف الثانويّة، الموازي للنشاطات التثقيفية واجتماعات التوجيه التي تعطي التلميذ لمحة عن اتّجاهات السوق والجامعات المناسبة لطموحاته.

يقول المسؤول الإدارية في "الانترناشيونال كوليدج" ريتشارد بامفيلد لـ"النهار": "تتراوح نسبة التلامذة الذين يرغبون بمتابعة تخصّصاتهم خارج لبنان بين 25 و30% من تلامذة البكالوريا سنويّاً". تعمل "الانترناشيونال كولدج" على مساعدتهم على تحضير وثائقهم ومستنداتهم لرفعها إلى الجامعات الدولية، بعد تأكّدها من وصول تلامذتها إلى المعلومات والمعارف التي يحصل عليها تلامذة البلدان الأجنبيّة كافّة، فلا تعود بذلك متابعة الدراسة خارج لبنان صعبة ومعقّدة، طالما اعتاد التلميذ المناهج الدولية التي تتكامل مع مناهج هذه الجامعات والمعاهد.

تلامذة لبنان، سفراؤه إلى الخارج، وصلة الوصل التي لا تنقطع بين بلدهم والعالم. ويتحقّق هذا بمجرّد أن يطأ المتفوّق اللبناني عتبة الجامعات الأجنبيّة، الأمر الذي تسعى إليه المدارس اللبنانية الرائدة والذي من شأنه أن يفيد التلميذ على الصعيد الشّخصي والمعرفي، كما يفيد بلده ومجتمعه.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم