الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

لماذا فوّت ترامب فرصة تعزيز انقسام الحزب الديموقراطيّ؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
A+ A-

هاجم "الفرقة".. لكنّ ذكره بيلوسّي ليس بريئاً

في 14 تمّوز، غرّد ترامب على "تويتر" كاتباً: "من المثير جداً للاهتمام رؤية عضوات ‘تقدميات‘ في الكونغرس، أتين أصلاً من دول حكوماتها كارثة شاملة وكاملة، الأسوأ، الأكثر فساداً وعجزاً في أي مكان من العالم (إذا كان لديها حكومات فاعلة على الإطلاق)، يقلن الآن عالياً وبمكر لشعب الولايات المتّحدة، الأمة الأعظم والأقوى على الأرض، كيف يجب أن تُدار حكومتنا".



وأضاف: "لماذا لا يعُدن ويساعدْن في إصلاح الأماكن المدمّرة بالكامل والموبوءة بالجرائم التي أتين منها. ثمّ عُدنَ وأظهرْنَ لنا كيف يتمّ إنجاز ذلك. هذه الأماكن تحتاج مساعدتكنّ بشكل حرج، يمكنكنّ المغادرة بسرعة كافية. أنا متأكد من أنّ نانسي بيلوسي ستكون سعيدة جداً بالعمل على إنجاز ترتيبات السفر المجاني بسرعة".على الأرجح، لم يقحم ترامب اسم بيلوسّي و"سعادتها" في التغريدة عبثاً.

جاء تعليق الرئيس الأميركيّ بعد أربعة أيّام على اجتماع عقدته بيلوسي مع تجمّع النواب الديموقراطيين وقد طالبت أعضاءه، وتحديداً "الفرقة" من دون أن تسمّيها، بالتوقّف عن انتقاد الحزب أمام المراسلين وعلى "تويتر". وطالبت التجمّع أيضاً بتجنّب مهاجمة الكتل المحافظة داخل الحزب، معتبرة أنّ كلّ عائلة تمرّ بمشاكلها الخاصة وأنّ أفضل وسيلة لتخطّي هذه المشاكل هي التحدّث إليها مباشرة.

أسباب الخلاف.. وانتشاره

أشار نائب مدير مكتب بيلوسّي درو هاميل إلى أنّ الرسالة لم تكن موجّهة إلى التقدّميين بل إلى كلّ النوّاب الديموقراطيّين. وبرز الخلاف بعد صراع بين أجنحة الحزب الوسطية و"الفرقة" حول مشروع إنفاق 4.6 مليار دولار على معالجة الأزمة الإنسانية على الحدود. وفضّلت بيلوسي مسايرة الجمهويين عبر اعتماد نسخة القانون التي تقدّم بها مجلس الشيوخ، بينما عبّرت كورتيز عن رفضها لهذا التصويت في تغريدة أواخر حزيران الماضي. وكانت بيلوسّي قد حذّرت الديموقراطيين من الغلوّ في السياسات الليبيرالية لأنّ ذلك سيعزز فرص ترامب في الانتخابات المقبلة.

عاد الخلاف الحادّ إلى الإعلام حين تحدّثت بيلوسّي إلى صحيفة "نيويورك تايمس" في 6 تمّوز قائلة إنّ النائبات الأربع استعراضيات أمام جمهورهنّ وعلى "تويتر"، وأنّهن لم يقرنّ تصريحاتهنّ بالمتابعة والفعل، مضيفة: "إنّهن أربعة أشخاص وهذا هو عدد الأصوات التي حصلن عليها". دفع هذا الأمر ثلاث نائبات من الفرقة إلى الرد بحزم على بيلوسي عبر تغريدات.



بعد هذا الشرخ في الحزب الديموقراطي أتى كلام ترامب ليساعد في ردم الفجوة. دافعت بيلوسّي عن النائبات الأربع وانتقدت موقف ترامب في تغريدة واصفة شعاره "جعل أميركا عظيمة مجدّداً" بأنّه مسعى لجعل أميركا "بيضاء مجدّداً". وعلى الرغم من حملات الاستنكار الدولية والداخلية ومن بينها للنائبات الأربع اللواتي وصفت كلام ترامب ب "العنصري" وبتشجيع "القومية البيضاء"، أصرّ الرئيس الأميركي على تجديد انتقاده لهنّ وللحزب الديموقراطي باعتباه "حزب الضرائب المرتفعة ومعدّلات الجريمة العالية والحدود المفتوحة والإجهاض المتأخّر والتعصّب والانقسام". كما دعاهنّ إلى طلب المغفرة بسبب "تصريحاتهنّ الفظيعة".

عدسة التنافس

هذا الإصرار يدفع إلى التساؤل عن الأسباب التي تدفع ترامب إلى إطلاق هذه التصريحات وغيرها. فمؤخراً أيضاً، قام ترامب بانتقاد النائبين الديموقراطيين ذوي البشرة السمراء جون لويس وإيلايجا كامينغز. يخفّف هذا النوع من الهجوم احتمال أن تكون تصريحات أو تغريدات ترامب عشوائية ووليدة لحظتها. بالتالي، إذا كانت محسوبة كما هو مرجّح فالسؤال حول نوعيّة الحسابات التي يجريها رئيس على أبواب الانتخابات الرئاسية يصبح أكثر إلحاحاً.



يميل مؤسّس موقع "فوكس" الأميركيّ إزرا كلاين إلى أنّ ترامب عمد إلى توحيد الديموقراطيين تحديداً من أجل تعزيز سرديّته بما أنّ البعض ينظر إلى التنافس الأميركي من خلال عدسة التغيير الديموقراطي وسياسات الهوية البيضاء التي يطلقها. حاولت بيلوسي التخفيف من الظهور الإعلاميّ القويّ ل "الفرقة" لكنّ الإعلام المحافظ يركّز عليها لأنّ ذلك يجعل الانقسام الحقيقيّ بينها وبين ترامب فيما تضطر المؤسسة الديموقراطية التقليدية الوقوف "خلف" تلك "الفرقة". بالتالي، يظهر الرئيس الأميركي بصفته الجدار الوحيد في وجه ليبيراليين متطرفين يريدون تغيير هويّة أميركا "البيضاء".

مخاطرة

قد يصحّ تحليل كلاين للحسابات التي يجريها ترامب. لكنّ حساباته نفسها ليست مضمونة النتائج. وحّد ترامب الحزب الديموقراطي في لحظة بدا فيها التراشق الكلامي بين مسؤولين ديموقراطيين من كلا الجانبين قد بلغ حدّ تبادل الاتّهامات العنصريّة. وليس مؤكداً ما إذا كان توحيد الحزب الديموقراطي وحتى ولو خلف أضواء اليساريّين المتشدّدين الذين يقلقون قاعدة واسعة من الجمهوريّين سيكون أفضل من حزب ديموقراطي وصل إلى الانتخابات منهكاً بفعل انقسامات يُحتمل أن تتوسّع.

فترامب، وفقاً لتحليل رونالد براونشتيان في مجلة "ذي اطلانتيك" يحتاج إلى أصوات من يؤيّدون أداءه الاقتصادي ويعارضون أسلوب حكمه بشكل عام، أي أنّه بحاجة لما هو أوسع من قاعدته الشعبيّة كي يفوز في الانتخابات المقبلة وفقاً لإحصاءات عدّة استند إليها. ورأى أنّ ترامب يخوض المعركة على سؤال "من الأميركّي الحقيقيّ؟" بدلاً من سؤال "هل أصبحتم أفضل مما كنتم عليه منذ أربع سنوات" لأنّ حساباته الانتخابية تملي عليه ذلك لا فقط لأنّه يحبّ هذا الأمر. لكنّ تصريحاته العنصريّة تزداد حدّة بشكل قد تضرّ كثيراً بتلك الحسابات كما أضاف.


هل ستنقلب عليه؟

لا يمكن تكوين صورة عامّة منذ اليوم عن تأثير خطاب ترامب على حظوظه الرئاسية. إذ هنالك آراء أخرى تشير إلى أنّ تعليقاته قد تفيده لاحقاً كما هي الحال في تقرير جيريمي بيترز وستيفاني سول في صحيفة "نيويورك تايمس" في 22 تمّوز وغيره من التقارير.

ولعلّ أبرز مثل عن صعوبة توقّع نتائج انتخابات 2020 بناء على تصريحات ترامب قدّمه الكاتب والخبير في شؤون استطلاعات الرأي جون زوغبي في حديث إلى "الغارديان":

"هل ستنقلب عليه؟ لا أعلم. لو كان للانتخابات أن تجري اليوم، لخسر ترامب بفارق شاسع. لكنّ الانتخابات ليست اليوم والديموقراطيون بدأوا للتو بالاصطدام (انتخابياً) ببعضهم البعض".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم