الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

حرب "استنزاف" في إدلب للضغط على "حاضنة المعارضة"

حرب "استنزاف" في إدلب للضغط على "حاضنة المعارضة"
حرب "استنزاف" في إدلب للضغط على "حاضنة المعارضة"
A+ A-

تدكّ طائرات النظام السوري وحليفته روسيا منذ ثلاثة أشهر مناطق في شمال غرب سوريا، مستهدفة المنشآت الطبية والمدارس والأسواق، في تصعيد يعكس، في رأي محللين، إصرار دمشق على استعادة السيطرة على هذه المنطقة التي تشكل آخر معقل لمعارضيها.

ويصف معارضون هذا التصعيد بأنه "إبادة"، بينما نددت المفوضية السامية للامم المتحدة لحقوق الإنسان الجمعة، بـ"اللامبالاة الدولية" حيال استمرار القصف الذي أجبر أكثر من 400 ألف شخص على الفرار إلى مناطق أكثر أماناً.

وتتعرض محافظة إدلب ومحيطها لقصف سوري وروسي منذ نهاية نيسان، على رغم أن المنطقة مشمولة باتفاق روسي- تركي منذ أيلول، نصّ على اقامة منطقة منزوعة السلاح ونجح في ارساء الهدوء قرابة خمسة أشهر، إلا أن تنفيذه لم يُستكمل.

ويقول الباحث في مركز عمران للدراسات نوار أوليفر الذي يتخذ اسطنبول مقراً له: "الاستنزاف الحاصل مخيف عبر الاستهداف المباشر للمدنيين والأسواق والمنشآت الصحية والبنى التحتية".

ويهدف ذلك في الدرجة الأولى كما قال أوليفر، إلى "الضغط على الفصائل وحاضنتها الشعبية، بعدما باتت المنطقة تضم كل السوريين المعارضين وعائلات مقاتلي الفصائل". وتالياً فإنّ "أي ضغط على الحاضنة سينعكس على الفصائل".

ومن شأن التصعيد الجوي، استناداً اليه، أن "يخدم أي عمل بري في المستقبل"، ذلك أن الاتفاق الروسي- التركي "أدى إلى تأجيل أو وقف الهجوم البري للنظام موقتاً" على المنطقة.

وتعدّ إدلب التي تسيطر عليها "هيئة تحرير الشام" ("جبهة النصرة" سابقاً) وتنتشر فيها فصائل اسلامية أقل نفوذاً، أبرز المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق. وتؤوي مع أجزاء من محافظات مجاورة نحو ثلاثة ملايين نسمة، نصفهم نازحون من مناطق أخرى، وبينهم عشرات الآلاف من المقاتلين والمدنيين الذين رفضوا البقاء في مناطقهم وعقد اتفاقات تسوية مع دمشق.

ومنذ نهاية نيسان، أحصت الأمم المتحدة 39 هجوماً على منشآت صحية وطواقم طبية. وتضررت 50 مدرسة على الأقل جراء القصف.

وقالت رئيسة المفوضية السامية للامم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشليه في بيان الجمعة إن "هذه الممتلكات مدنية، ويبدو من المستبعد جداً أن تكون قد ضربت عرضاً نظراً إلى النمط المستمر لمثل هذه الهجمات". وذكّرت بأن "الهجمات المتعمدة على المدنيين هي جريمة حرب".

وتركز الطائرات السورية والروسية غاراتها تحديداً على ريف إدلب الجنوبي وريف حماه الشمالي المجاور، حيث تدور معارك ضارية بين قوات النظام والفصائل، تسببت بمقتل مئات المقاتلين من الجانبين.

وقال أوليفر :"تقدّم روسيا النظام على أنه استعاد شرعيته... ويصوّر الطرفان إدلب باعتبارها آخر المعارك وآخر البؤر التي تمنع النظام من السيطرة على جيوب الإرهابيين".

ولاحظ الباحث المتخصص في الشأن السوري سامويل راماني، أنّ روسيا "تضغط اليوم أكثر من أي وقت مضى وبشكل متسق من أجل اعادة دمج سوريا تماماً تحت حكم (الرئيس السوري بشار) الأسد".

وعلى رغم ضراوة القتال في ريف حماه الشمالي الذي يعدّ البوابة الجنوبية لمحافظة إدلب، إلا أن قوات النظام لم تحرز أي تقدم استراتيجي نحو عمق إدلب. ومع استمرار المعارك والغارات، باتت مدن وقرى عدة في ريف حماه الشمالي وريف إدلب الجنوبي المجاور خالية من سكانها.

ويعزو محللون هذا الفشل إلى الدعم العسكري الذي توفره تركيا للفصائل في شمال غرب سوريا، حيث تنشر عدداً من قواتها على نقاط مراقبة، بموجب الاتفاق مع روسيا.

وتريد روسيا من تركيا أن "تكفّ عن تقديم المساعدة العسكرية للفصائل" باعتبار أنها "تعوق تقدم الأسد"، كما يعتقد راماني. كذلك تخشى أن يساعدها هذا الدعم على "تحدي سلطة الأسد" أكثر إذا ما بقي عالقاً في إدلب.

ومن المرجّح أن يطغى التصعيد في إدلب على جدول جولة جديدة من محادثات آستانا تجرى الأسبوع المقبل في قازاقستان في حضور ممثلين لطرفي النزاع، إلى جانب تركيا وروسيا وإيران.

وقال الباحث في مركز الأمن الأميركي الجديد نيكولاس هيراس إن "تدمير البنية التحتية المدنية في إدلب يجعل السكان أكثر اعتماداً على الدعم التركي".

وتطمح أنقرة بدورها إلى "تحقيق الاستقرار في إدلب كي يتمكن اللاجئون من بدء العودة إليها، مما يعني سيطرة ونفوذاً تركياً أوسع".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم