إنهم يحطّمون سياج الوطن

المرء حيث يجعل نفسه، والأوطان حيث يجعلها رجالها. ولبنان خلق ليكون بلد الأعالي. ولكنه لن يسقط مع الذين لا يحسنون الارتفاع. فهذه مشكلتهم. ولكنها أيضاً مشكلة لبنان بهم. لأن الواقع الحالي، لو رد إلى أصله، لما كان غير ذلك، مشكلة الذين يحاولون إنزال الوطن إلى مواقعهم الصغيرة.فشعور المخلصين اليوم ليس بالأسف والاستنكار، بل بالغضب. كيف ترك المجال لكل طارئ أن يتعلم على حساب الوطن. كيف لم يردعه أحد. باستحضار تاريخ الدماء بما حفلت به من حروب واغتيالات وفتح الصفحات السوداء. كيف غاب عن الضمائر أن ما يجري من تطورات خارجية داهمة سيصيب لبنان حتماً إذا لم يكن الوعي شاغل المسؤولين. كيف تراهم يدمرون السياج بأيديهم، لأن سياج لبنان الأساسي هو داخلي.فالمشهد في لبنان اليوم ليس غير ذلك. لبنان ساحة من جديد. ليس للغرباء هذه المرة ولمن حشدوا جيوشهم وميليشياتهم طوال ست عشرة من سنوات الحروب، بل لطارئين جعلوا الكلام حروباً من غير أن يكون لذلك أي مبرر. أي مبرر سوى انعدام النضج وجهل التاريخ وجهل الخصائص. نعم للبنان خصائص تكونت على مدى أجيال، وليس بمستطاع شطحة قلم أو قانون انتخابي مشوه أن يُلغي ما بُني على مدى التاريخ.وقد وصل بهم الغرور حد إعادة النظر في لبنان العربي، فصاروا...