الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

أول لقاح يعالج أورام الدماغ الخبيثة... ماذا تكشف آخر الدراسات حوله؟

المصدر: النهار
نور مخدر
نور مخدر
صورة شعاعية تظهر ورمًا في الدماغ
صورة شعاعية تظهر ورمًا في الدماغ
A+ A-

من المعروف أنّ أورام الدماغ الخبيثة هي عبارة عن سرطان متنامٍ ينتشر في مناطق أخرى من الدماغ والعمود الفقري. يتميز عن غيره من الأورام بسرعة نموه وانتشاره بين الخلايا العصبية. ويتم تصنيف أورام المخ من 1 إلى 4، وفقًا لسلوكها، مثل مدى سرعة نموها ومدى احتمالية نموها مرة أخرى بعد العلاج. إذ تعدّ أورام المخ من الصف الأول والثاني هي أورام غير سرطانية (حميدة) تميل إلى النمو ببطء شديد، في حين أنّ أورام المخ من الصف الثالث والرابع هي أورام سرطانية (خبيثة) تنمو بسرعة وتصعب عملية علاجها، وفق ما شرح الباحث في علوم البيولوجيا الجزيئية في الجامعة الأميركية في بيروت، محمد الشقور.

وعلى الرغم من شدّة خطورة الإصابة بنوع من هذه الأورام، إلا أنّ بارقة أمل في الأفق، قد تساعد في علاجها والحدّ من مخاطرها. وذلك بعد نجاح أول لقاح لأورام الدماغ الخبيثة، في المركز الألماني لأبحاث السرطان (DKFZ). إذاً، إلى أي مدى تطورت الأبحاث العلمية المتعلقة بهذه الأورام؟ ما هي آلية عمل هذا اللقاح؟

أولاً_ الأورام الدبقية المنتشرة

 

إنّ الأورام الدماغية غير قابلة للشفاء، تعرف باسم " الأورام الدبقية المنتشرة"، تنتشر في جميع أنحاء الدماغ، ويصعب إزالتها بالكامل عن طريق الجراحة. وتعتبر من الصف الثالث والرابع، بحسب منظمة الصحة العالمية. وتنتج هذه الأورام عن خطأ في الحمض النووي (خطأ مشترك لدى جميع الأورام الدبقية المنتشرة)، يؤدي إلى كتلة بناء بروتينية واحدة محددة في إنزيم  IDH1 (Isocitrate dehydrogenase 1). هذا التغيير يخلق بنية بروتينية جديدة تُعرف باسم "الحاتمة الجديدة"، والتي يمكن التعرف عليها من قبل جهاز المناعة للمريض على انها غريبة ولا تنتمي إلى الجسم.

ثانياً_ اللقاح المضاد للأورام الدبقية المنتشرة

استناداً إلى الدراسات العلمية التي نشرت في موقع "Nature"، نجح الفريق الطبي في المركز الألماني لأبحاث السرطان (DKFZ)، من إنتاج اللقاح الأول من نوعه لسرطان الدماغ.  

هذا اللقاح يساعد جهاز المناعة في الجسم على محاربة الخلايا السرطانية من خلال تحفيزه للتعرف على الخلايا السرطانية، والقضاء عليها دون تعريض الخلايا الطبيعية للأذى. وبالتالي، قد يحلّ المشكلة جذريًا،  وفق ما أوضح المدير الطبي لقسم طب الأعصاب في جامعة الطب في مانهايم، ورئيس القسم في المركز الألماني، مايكل بلاتن.

كيف يعمل هذا اللقاح؟

بحسب الباحث في علوم البيولوجيا الجزيئية، يعدّ اللقاح عبارة عن نسخة مصطنعة من شريحة بروتين IDH1 ذات الطفرة المميزة، تحقن في جسم الإنسان لتتعرف عليها خلايا الجهاز المناعي وتتعامل معها على أنّها "غريبة"، ومن بعدها تقوم هذه الخلايا المناعية بتكوين ذاكرة مناعية ضد هذا النوع الخاص من البروتين الذي يحمل الطفرة المميزة.

عند الاصابة بالأورام الدبقية، سيتعرف جهاز المناعة بشكل سريع على بروتين IDH1 ذي الطفرة المميزة، والموجود حصراً لدى خلايا الأورام الدبقية، وستقوم خلاياه بالقضاء على خلايا الورم السرطانية قبل نموها وتكاثرها.

وفي ما يتعلق بلقاح "الببتيد"، أوضح الشقور أنّ من أنتجه رئيس العلاج المناعي الخلوي في قسم أمراض الدم والأورام  وأمراض الروماتيزم في مستشفى هايدلبرغ الجامعي، مايكل شميت، وأستاذ المناعة الجزيئية في قسم علم المناعة في جامعة توبنغن، ستيفان ستيفانوفيتش.

ما مدى فاعلية هذا اللقاح؟

 

في العام 2019، استطاع لقاح "الببتيد" المحدد للطفرة وقف نمو الخلايا السرطانية المتحولة لـ IDH1 في الفئران. هذه النتائج دفعت بالعلماء والأطباء الى اختبار اللقاح لأول مرة في المرحلة الأولى من الدراسة على المرضى الذين تم تشخيصهم حديثًا بورم دبقي متحور IDH1.

في هذا الإطار، تم تسجيل إجمالي 33 مريضًا في مراكز مختلفة في ألمانيا للمشاركة في الدراسة. وتلقوا جميعهم لقاح الببتيد ثم قيمت الاستجابة المناعية في 30 مريضًا.

بحسب الدراسة المنشورة في موقع "Nature"، أظهر الجهاز المناعي استجابة محددة لببتيد اللقاح في 93% من المرضى، وقام بذلك بغض النظر عن الخلفية الجينية للمريض، والتي تحدد جزيئات العرض المهمة لجهاز المناعة، وهي بروتينات HLA والتي تختلف بين شخص وآخر.

ولاحظ الأطباء حدوث تقدم كاذب للورم ( (pseudo-progression، وهذا الازدياد في حجم الورم ناتج عن مجموعة من الخلايا المناعية المهاجمة لأنسجة الورم السرطاني. في الواقع كان لدى هؤلاء المرضى عدد كبير من الخلايا "التائية المساعدة" في دمائهم، مع وجود مستقبلات مناعية لببتيد اللقاح تحديداً على أسطح هذه الخلايا التائية، ما يشير الى تعرف هذه الخلايا على البروتين المتحور وتكون مناعة ضده.

وأظهرت النتائج أن معدل البقاء على قيد الحياة لمدة ثلاث سنوات بعد العلاج هو 84٪ في المرضى الذين تم تطعيمهم بالكامل، كما ولم يتطور نمو الورم خلال هذه الفترة لدى 63% من هؤلاء المرضى. كذلك، لم يكن هناك تطور في الورم بنسبة 82٪ خلال فترة الثلاث سنوات لدى المرضى الذين أظهر جهاز المناعة لديهم استجابة محددة للقاحات.

وفي ما يتعلق بالمضاعفات الجانبية، حتى الآن لم يلاحظ الأطباء أي آثار جانبية خطيرة لدى أي من المرضى الذين تم تطعيمهم.

ما مدى دقّه هذه الدراسة؟

وحول دقّة نتائج هذه الدراسة، أوضح الشفور أنّ هذا اللقاح الجديد، هو في المرحلة الأولى من التجارب، أدى الى الاستجابة المناعية المرغوبة في أنسجة الورم، وأثبت أنه آمن دون أي أعراض جانبية خطيرة. لكن هذا يحتاجُ إلى مزيد من الأبحاث من الفريق من أجل التأكد أكثر من فعالية اللقاح. وهذا ما يستعدون له في المرحلة الثانية لدراسة فعالية اللقاح.

أما الدراسة المنشورة، فلا تتضمن مجموعة تحكم " control group"، وهذا الأمر يجب معالجته في التجارب اللاحقة.

إذاً، إنّ النتائج الأولية لهذا اللقاح مفعمة بالأمل، وتمهد الطريق الى إمكانية تطوير علاج يمكنه تحجيم هذه الأورام بشكل أكثر فعالية لمدة أطول. هذه النتائج رهينة التجارب السريرية الثانية، والتي ستتضمن عدداً أكبر من المشاركين بالإضافة الى مجموعة تحكم وبعض التعديلات في بروتوكول العلاج لجعله أكثر فعالية.

 

 

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم