الشراء بدافع الذعر... كيف نتعامل مع هذه الأزمة؟

رفوفٌ فارغة، طوابيرٌ أمام المتاجر، مشهدٌ اعتاد عليها المواطن المتواجد على الأراضي اللبنانية. إذ توسعت أزمة البلاد، حتى شملت القطاع الغذائي، نتيجة الظروف الخارجة عن إرادته. كلّ هذه الأمور تدفع الناس إلى التهافت على المتاجر وشراء ما "يلزم" ولا "يلزم" من أجل تخزينه خوفًا من تصاعد الدولار أيضًا وغلائها أكثر. وبالتالي، تغيرت عادات وسلوكيات الأفراد ليتوافق مع الأزمة التي نمر بها حالياً.

 
 

ما هي العوامل التي تدفع المواطنين إلى التهافت لشراء المواد الغذائية؟

 

برأي الاختصاصية في السلوكيات والاضطرابات الغذائية جوانا جليلاتي، أنّ العوامل النفسية تُحدد سلوك المواطنين، بما فيها "الندرة"، وهي عامل نفسي يحضّ الناس على تخزين أكبر عددٍ ممكن من السلع أو البضائع عند قلّة توافرها في الأسواق، فتصبح ذات قيمة أكبر.

وفي هذه الحالة، يواجه الأفراد مشكلة نقص المواد الغذائيّة في السوبرماركات،  ما يفسر سلوك "الشراء بدافع الذعر" لدى المستهلك.

ومن بين العوامل الأخرى، التي تُشدد عليها، هو عامل "السيطرة". إذ كلما كان المستقبل مجهولاً، يشعر الناس بالقلق حيال عدم شراء البقالة أو شراء كميّة قليلة منها، كلما حاولوا جمع وتخزين أكبر عدد ممكن من البضائع كي لا يتحسّروا لاحقاً لعدم توافرها.

بالإضافة إلى ذلك، يرى المستهلك أنه يعجز عن التحكّم في الأزمة الحالية وإدارتها، إلا من حيث شراء الغذاء أو استهلاكه، فهو مجال يمكنه التحكم فيه بشكل فعّال للتعويض عن نقص السيطرة الذي فرضته الأزمة، ما يساعده على الشعور بأنه أكثر تماسكًا ويوفّر له الراحة النفسيّة.

أمّا العامل الأخير فهو "الانعكاس الاجتماعي". ويشير هذا المصطلح النفسي إلى السلوكيات اللاواعية التي يقلد فيها الشخص نمط وسلوكيّات الآخرين. ومع ذلك، فإن رؤية فرد يركض من رفٍ إلى آخر ويخزّن كميّات هائلة من الطعام يدفع الشخص الآخر تلقائيّاً على شراء المزيد من المواد لعائلته عندما يتعلّق الأمر بالاحتياجات الأساسية.

كيف نتعامل مع هذه الأزمة؟

في هذا الإطار، أوضحت جليلاتي مجموعة من الخطوات التي يمكن اتباعها لمواجهة الشراء بدافع الذعر ومنع المزيد من التصعيد في السلوك. ومن الجدير ذكره، أهميّة تطبيق الاستراتيجيات على المستوى الاجتماعي والبيئي. خاصةً أنّه من غير المرجح تغيير الناس سلوكهم ما دام محيطهم غير مستقرّ، لكن بإمكانهم تجنّب ذلك باتباع التعليمات التالية:

أولاً- التقليل من استعمال مواقع التواصل الاجتماعي لتجنّب رؤية صور الرفوف الفارغة وغيرها من إشارات الندرة.

ثانياُ_ قم بجرد ما لديك من مواد في المنزل، ودوّن قائمة تسوّق لما تحتاج إلى شرائه قبل الذهاب إلى السوبرماركت ولا تشتري سوى اللوازم.

ثالثاً_ ثق بنفسك وتشبّث بقراراتك عند شراء الطعام. وإن رأيت شخصاً ما يشتري 20 كيساً من الأرز، تذكر أنك بغنى عنها ولا تحتاج إلى 20 كيساً منها.

رابعاً_ قد يكون التسوق عبر الإنترنت أيضاً فكرة جيدة لتجنب مشاهدة الرفوف الفارغة.

خامساً_ إنشاء روتين يومي للسيطرة على جوانب أخرى من حياتك، وفسّر شعورك بالسيطرة عن فعل شراء البقالة.

حتى الآن، نلاحظ كيف تغيّرت سلوكياتنا في الشراء بشكل كبير بسبب التغيير في حالتنا النفسية. إلّا أن  بعض الأشخاص الذين يعانون من حالة نفسية غير مستقرة، وخاصة أولئك الذين يعانون من اضطرابات في تناول الأكل بشكل يومي، قد يواجهون صعوبة في التخلّص من هذا الشعور.

ماذا عن الأفراد الذين يعانون من اضطرابات الأكل؟

ومع انعدام المخزون في دقائق قليلة في السوبر ماركت، قد يصعب جدّاً على الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الأكل التعافي بشكل سريع. لذلك، إليكم بعض الطرق لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الأكل على التعامل مع الأزمة الحالية:

أولاً ــ اطلب من شخص آخر التسوق نيابة عنك، أو إذا كنت مسؤولاً عن ذلك، فاصطحب شخصاً تثق به وقادراً على التعامل مع اضطراباتك الناتجة عن الذعر والقلق أثناء التسوق.

ثانياً ــ اللجوء إلى المساعدة المهنية؛ طلب المساعدة من معالج وأخصائي تغذية (إذا لزم الأمر) للتأكد من أنك تتلقى اللوازم العلاجية والغذائية الصحيحة.