الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

ذلّ يوميّ أمام محطات الوقود... لماذا نرضى بالخضوع والتأقلم؟

المصدر: النهار
نور مخدر
نور مخدر
طوابير السيارات أمام محطات الوقود (تصوير مارك فياض).
طوابير السيارات أمام محطات الوقود (تصوير مارك فياض).
A+ A-

لم يكن ينقص المواطن اللبناني مع ما يعيشه من تهميش وسلب للحقوق الأساسية، بدءاً من قدرته على توفير الرعاية الصحية، والبحث اللامتناهي عن أدوية في الصيدليات، وعلب الحليب لأطفالهم، مروراً باحتجاز أموالهم وخسارة تعب عمرهم وما يرافقها من تهديد بالعتمة الشاملة، وصولاً إلى أزمة البنزين، التي هي حديث الساعة في الفترة الماضية.

لا داعي للحديث مطولاً عن أزمة يعيشها الجميع دونَ استثناء، طوابير لا نهاية لها على محطات الوقود، تنظيمٌ يبوء بالفشل، ومشكلات بالجملة فور إغلاق المحطات بالشرائط الحمراء، كإعلان واضح أنّ "موعد تعبئة البنزين انتهى". لحظاتٌ بعدها ويبدأ الصراخ والشتائم والمشاحنات.

هذا المشهد يلخص حالةً مجتمعية كأنّ كوارث العالم اجتمعت في لبنان، في وقت ينتظر فيه كثر ساعة الصفر لانتفاضة شعب على حقوقه الأساسية ورفض الخضوع والإهانة اليومية. برأي الاختصاصية في علم النفس العيادي، رانيا البوبو، أن مادة البنزين هي حقٌ أساسي للمواطن ومن الحاجات الأولية، التي من واجب الدولة تأمينها لشعبها. ومشاهد الانتظار بصفوف طويلة لساعات كثيرة يومياً، يدل على شكل من السلبية والاستسلام والخضوع، ما يتطلب حركة مجتمعية تغير الوضع للحصول على أدنى متطلباتها.

(حسام شابرو)
 

هكذا تختصر البوبو الوضع القائم في البلاد، حيث تعتبره شكلاً من أشكال المذلة والإهانة والاستضعاف للمواطن اللبناني. وعلى الرغم من أن الجميع يمر بهذه المرحلة، لكنه على الصعيد النفسي، ينتج منه ردتا فعل، تتمثلان على الشكل التالي:

إن الفئة الأولى تتضمن أشخاصاً تتقبل هذه المشاعر، مع إحساسها أنها تفتقر لأدنى حقوقها، مع ما تشعر به من مذلة وإهانة، لذا، تحاول عقلنة المسألة وتبرير الموقف، عبر اعتبارها أنها فداء الوطن أو الزعيم السياسي.

وتتخطى الأزمة هذا التقبل، حتى وصول البعض، على حد تعبير الاختصاصية في علم النفس العيادي، للقول إنه عند نفاد البنزين من السيارة، استبدلها بالمواصلات العامة من سرفيس وباص، وعند انتهاء قدرتك على الدفع، سر على أقدامك نحو المكان المقصود أو ابقَ في المنزل. وفي كل الأحوال، لا يرون مشكلة في ذلك. هذا ما يفسر خضوع المواطن للحالة الصعبة التي يمر بها.

(حسام شابرو)

أما في ما يتعلق بالفئة الثانية، فيحسون بالغضب العارم وأن الطريقة الأمثل لمعالجة الوضع بالصراخ والمشاكل، بمعنى آخر، أنهم يرفضون هذه الأزمات ويثورون عليها. في هذا الإطار، تأسف البوبو أن هذه الشريحة باتت تصب غضبها في اتجاهات مختلفة، بدءاً من نفسها، ومن ثم الدائرة الصغيرة وزملاء العمل، وصولاً إلى المشاكل العرضية والمنكافات في المحطات. وتالياً، توجيه غضبهم من الطبقة المسؤولة عن هذا الوضع إلى مسارات عدة.

وترجح سبب ذلك أن المواطن مر بفترة طويلة من الحراك الاجتماعي دون الوصول الى أي نتيجة أو تغيير بسيط أو هدف صغير، ما أدى إلى نوع من الاستسلام والإحساس بالعجز واستمرار الوضع على حاله.

وسط كل هذه الأحداث والذل اليومي، يترقب الجميع بحذر نقطة صفر، قد تؤدي إلى انفلات اجتماعي وأمني في البلاد نتيجة عدم تحمل الأطراف مسؤوليتهم في تأمين حقوق شعبهم.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم