الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

"راهب مصري تحدّى الصهاينة برفع الأذان في كنيسة القيامة"؟ إليكم الحقيقة FactCheck#

المصدر: النهار
الصورة المتناقلة مع الشرح الخاطئ المرفق بها (فايسبوك).
الصورة المتناقلة مع الشرح الخاطئ المرفق بها (فايسبوك).
A+ A-
راهب ثبّته شرطيان اسرائيليان أرضاً. صورة يتناقلها مستخدمون لوسائل التواصل الاجتماعي، بمزاعم انها تظهر "الراهب المصري مكاريوس، الذي رفع الأذان من كنيسة القيامة في القدس بعد منع الصهاينة اليهود الأذان في المسجد الأقصى"، الامر الذي أدى الى استيائهم "فاعتدوا عليه واعتقلوه". غير أنّ هذه المزاعم لا صحة لها. الصورة تعود الى 24 تشرين الأول 2018، وتظهر شرطيين اسرائيليين يوقفان الراهب القبطي الارثوذكسي مكاريوس الاورشليمي خلال اعتصام للرهبان الاقباط الارثوذكس في ساحة كنيسة القيامة في القدس، احتجاجاً على رفض الحكومة الإسرائيلية تنفيذ أعمال ترميم في موقع دير السلطان. FactCheck#
 
"النّهار" دقّقت من أجلكم 
 
الوقائع: تنتشر الصورة على نطاق واسع، في صفحات وحسابات، في الفايسبوك (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا...)، وتويتر (هنا، هنا، هنا...). وقد أرفقت بالمزاعم الآتية (من دون تدخل أو تصحيح): "تحية للراهب المصري ابن اسيوط الذي تحدي الصهاينة
الراهب المصري. ماكاريوس أبن مركز أبو تيج، ابن مصر قام بالاذان لصلاه الفجر في المسجد الأقصى بعد قيام الصهاينة اليهود بمنع الاذان في المسجد الاقصي فقام هذا الراهب بالاذان من كنيسه القيامه في القدس فجن جنون الصهاينه فقاموا بالاعتداء عليه واعتقاله فتدخلت مصر فتم الافراج عن أبنها البار...". 
وقد ضُمّت الى الصورة، لقطة أخرى للراهب مكاريوس. 
 
 
 
 التدقيق: 
يبيّن البحث ان هذا الخبر سبق ان انتشر في وسائل التواصل الاجتماعي في اواخر تشرين الاول 2018 (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا...). ومما جاء فيه: "مكاريوس الاورشليمي... مصري صعيدي من ابو تيج... رفع اذان الفجر من الدير بعدما منع الصهاينه الاذان في الاقصي... اعتقلوه وبهدوله".
 
ولكن بعد ذلك، "خرجت أكثر من شخصية قبطية تنفي صحة هذه الواقعة، موضحة أن هذا الكلام عار تماما من الصحة، ولا دليل له"، على ما نشرت يومذاك مواقع اخبارية، لا سيما مصرية، بعد تداول هذه المزاعم (هنا، هنا، هنا، هنا...). 
 
ولكن ما حقيقة الأمر؟ 
يقودنا البحث العكسي عن الصورة الى مواقع اخبارية نشرتها، في 24 تشرين الاول 2018، ضمن تقارير عن "اعتداء الشرطة الإسرائيلية على رهبان أقباط خلال اعتصام في ساحة كنيسة القيامة" (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، وهنا ايضا...).  
 
 
 
ووفقا للتفاصيل، فقد اعتدت قوات الشرطة الإسرائيلية، الأربعاء 24 ت1 2018، على عدد من رهبان بطريركية الأقباط الأرثوذكسية المصرية خلال اعتصامهم في ساحة كنيسة القيامة في القدس، احتجاجاً على رفض الحكومة الإسرائيلية تنفيذ أعمال ترميم في موقع دير السلطان.

ووثقت صور ومقاطع فيديو نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي قيام الشرطة الإسرائيلية بالتعدي على عدد من الرهبان وضربهم. كذلك، القت القبض على أحدهم قبل إطلاق سراحه لاحقاً (هنا، هنا، وهنا ايضا).
 
 
 
 
 ويظهر في  الفيديوين ادناه (هنا، هنا) المنشورين في 24 ت1 2018، الراهب القبطي الارثوذكسي خلال القاء الشرطة الاسرائيلية القبض عليه (هنا ايضا)، والذي انتشرت صورته. 
 
 
 
- ولكن من يكون هذا الراهب؟ -
ذكرت مواقع اخبارية مصرية ان اسم الراهب القبطي الارثوذكسي الذي اعتقلته الشرطة الاسرائيلية يومذاك هو مكاريوس الأورشليمي (هنا، هنا، هنا، هنا...)، مشيرة الى ان "قوات الاحتلال الإسرائيلي افرجت عنه، بعد اعتقاله" (هنا ايضا).
 
وقد نشرت له صورا أخرى له، بينما اورد بعضها سيرته الذاتية (هنا، هنا، وهنا ايضا). وجاء فيها ان "اسمه هو حنا صبحي حنا عبدة. وهو من محافظة اسيوط، مركز القوصية، قرية بلوط".  
 
 
 
- أزمة دير السلطان -
وجاء احتجاج الراهب مكاريوس الاورشليمي ورفاقه الرهبان، بدعوة من الكنيسة القبطية، امام باب كنيسة الملاك بدير السلطان، على خلفية ما يُعرَف بـ"أزمة دير السلطان". 
 
جغرافيا، يقع دير السلطان بجوار كنيسة القيامة في القدس، أو داخل نطاق موضع الصلب والقبر المقدس، وفقا لما توضح الكنيسة القبطية الارثوذكسية (هنا)، مشيرة الى انه "يعتبر من الأماكن المسيحية المقدسة التي يسري عليها نظام Quo Status أي "الوضع الراهن"، ومنها القبر المقدس وملحقاته، وقبر السيدة العذراء بالجثسيمانية، وكنيسة المهد".
 
وللدير " أهمية خاصة تاريخية عند الأقباط"، على قولها. وقد "منحه السلطان عبد الملك بن مروان (684- 705) الاقباط"، وفقا لنبذة تاريخية عنه. تبلغ مساحته 1800 متر مربع تقريباً. وهو يتصل من الشمال بالبطريركية القبطية، ومن الغرب بمبانى كنيسة القيامة. وتقع ساحته بالتحديد فوق كنيسة الملكة هيلانة (مغارة الصليب). وفي الزاوية الجنوبية الغربية لهذه الساحة كنيستان تاريخيتان على الطراز القبطي هما كنيسة الأربعة الأحياء غير المتجسدة وكنيسة رئيس الملائكة ميخائيل". 
 
ومشكلة دير السلطان "قديمة، اذ تعود الى عام 1820"، وفقا لما تفيد الكنيسة، متكلمة على "محاولات مستميتة للاستيلاء على هذا الدير القبطي، دير السلطان. وتم اللجوء الى المحاكم أمام الدولة العثمانية التي أقرت أحقية الكنيسة القبطية في الحيازة والملكية".
 
في الواقع، النزاع القديم قائم بين بطريركية الأقباط والرهبان الأحباش حول أحقية السيطرة على الموقع. وفي معلومات تاريخية تنشرها الكنيسة القبطية، فقد "استضافت الرهبان الاحباش مؤقتا، كضيوف، في بعض غرف الدير في النصف الاخير من القرن السابع عشر".
 
"عام 1820، نفذت الكنيسة اعمال ترميم في الدير، مما استوجب اخلاءه من كل قاطنيه، الاقباط والاحباش. وقد سمح لهم بالعودة الى الاقامة كضيوف في الدير عام 1840". وفي ت2 1850، "حاول الاحباش الاستيلاء على مفتاح الدير، لكنه اعيد الى الاقباط بموجب وثيقة رسمية من الدولة العثمانية عام 1851"، على قول الكنيسة.
 
وقد استمر الخلاف بين الجانبين في العقود اللاحقة.   
 
ودخلت السلطات الإسرائيلية في هذا الخلاف، مع "ارسالها في 25 نيسان 1970، قوات عسكرية مكّنت الرهبان الاحباش من دير السلطان بتغيير الكوالين وسلموا المفاتيح الجديدة الى الاثيوبيين"، و"منعت مطران الاقباط وكل من معه من دخول الدير". 
 
ورغم اقرار المحكمة العليا الاسرائيلية، عام 1971، "اعادة مفاتيح الكنيستين وابواب الممر الى الاقباط، "فإن الحكومة الاسرائيلية امتنعت عن تنفيذ هذا الحكم"، وفقا لبيان نشرته الكنيسة القبطية في 25 ت1 2018 (هنا، هنا). 
 
 
في ايلول 2017، طلبت الكنيسة القبطية اجراء ترميم "بعد سقوط حجر من سقف كنيسة القديس ميخائيل". وقد "قوبل طلبها بالرفض"، على قولها، بينما "عرضت الحكومة الاسرائيلية القيام بهذه الاصلاحات كجهة محايدة". ومع تحديد الكنيسة "بعض الشروط" لقبول العرض الاسرائيلي، الا انها لم تتلق "اي رد".
 
وفي تشرين الاول من ذلك العام، "فوجئت الكنيسة بـ"مهندس عنيته الحكومة الاسرائيلية يحاول ادخال معدات للبدء بالتصليحات، من دون اخطارها وموافقتها كتابيا"، الامر الذي ادى الى "احتجاج رهبان الكنيسة سلميا امام باب دير السلطان. "فتم تأجيل العمل... وتواصلت المفاوضات".    
 
 النتيجة: اذاً، لا صحة للمزاعم ان الصورة تظهر "الراهب المصري مكاريوس، الذي رفع الأذان من كنيسة القيامة في القدس بعد منع الصهاينة اليهود الأذان في المسجد الأقصى"، الامر الذي أدى الى استيائهم "فاعتدوا عليه واعتقلوه". في الواقع، الصورة تعود الى 24 تشرين الأول 2018، وتظهر الراهب القبطي الارثوذكسي مكاريوس الاورشليمي يعتقله شرطيان اسرائيليان، خلال اعتصام للرهبان الاقباط الارثوذكس في ساحة كنيسة القيامة في القدس، احتجاجاً على رفض الحكومة الإسرائيلية تنفيذ أعمال ترميم في موقع دير السلطان.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم