هل صحيح أنّ لقاح كوفيد-19 "يحتوي على جنين ذكر تمّ إجهاضه"؟ إليكم الحقيقة FactCheck#

لقاحات كوفيد- 19 مجدّدا. والمزاعم، هذه المرة، أنّ "البحاثة استخدموا أنسجة من رئة جنين ذكر تم إجهاضه في إنتاج لقاح أسترازينيكا/أوكسفورد ضد كوفيد- 19". وفي الفيديو المتناقل، تعزّز  متكلمة هذه المزاعم بـ"أدلة" للتنبيه. غير أنّ مزاعمها خاطئة. "لم تستخدم أسترازينيكا خلايا MRC-5، التي تم الحصول عليها للمرة الأولى من رئتي جنين ذكر عمره 14 أسبوعًا في الستينيات من القرن العشرين، في عملية إنتاج لقاح كوفيد- 19". FactCheck# 
 
"النّهار" دقّقت من أجلكم 
 
الوقائع: الفيديو انتشر على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي ابتداء من 15 تشرين الثاني 2020، انطلاقا من صفحة We Are Vaxxed في الفيسبوك (مؤرشف هنا، وقد تم حذفه لاحقا). وتشاركت فيه صفحات ومواقع (مثل هنا، هنا، هنا... وهنا في موقع Rumble). مدة الفيديو 5.12 دقائق، تُسمَع خلالها متكلمة مجهولة الهوية وهي تشرح عن لقاح استرازينيكا/أوكسفورد.
 
فبعد أن تظهر صورة على شاشة الكمبيوتر لغلاف هذا اللقاح الذي يُعرف حاليا بتسمية AZD1222 (إيه زد دي 1222)، تنتقل إلى نافذة تعرض نسخة أولية من دراسة لجامعة بريستول لتركز على جزء محدد منها جاء فيه: "لقد استخدمنا تسلسل الحمض النووي الريبي المباشر لتحليل جينوم ChAdOx1 nCoV-19 في سلالات الخلايا البشرية إم آر سي-5 (MRC-5) وإيه 549 (A549)".
 
ثم تنتقل المتحدثة إلى صفحة ويكيبيديا حول الـ"إم آر سي-5"/ MRC-5، والتي تشرح أن الـMRC-5 عبارة عن خط خلوي "تم تطويره في الأصل من بحث يستخلص أنسجة من رئة جنين ذكر قوقازي تم إجهاضه، ويبلغ 14 أسبوعا". وتخاطب المتكلمة جمهورها حول تركيبة اللقاح قائلة: "شيء واحد مؤكد هو أن اللقاح يحتوي على أنسجة رئة من جنين قوقازي عمره 14 أسبوعا تم إجهاضه... هل يوافق الجميع على حقن أنفسهم أو أطفالهم به؟"".
 
 التدقيق: 
-هل يحتوي لقاح كورونا AZD1222 على "أنسجة رئوية من جنين قوقازي عمره 14 أسبوعا تم إجهاضه"؟
 
"لا، أبدا"، على ما أكدت شركة أسترازينيكا لوكالتي رويترز واسوشيتد برس، موضحة أن "لقاحها لم يتم تطويره باستخدام خطوط خلوية من MRC-5 (إم آر سي-5).
 
في الشرح العلمي، الـMRC-5 (إم آر سي-5) ترمز إلى مجلس البحوث الطبية (Medical Research Council). وهي فصيلة ثانية من الخلايا البشرية التي تم تطويرها في المختبر العام 1966 (بعد فصيلة دبليو آي-38 WI-38 عام 1961)، بحيث جُمعت من رئة جنين ذكر يبلغ 14 اسبوعا، تمّ اجهاضه في إنكلترا، "بدوافع نفسية". وتستخدم هذه الخلايا حتى اليوم في تطوير لقاحات عدة، منها لقاح التهاب الكبد الوبائي أ والفيروس الحماقي النطاقي، وشلل الأطفال...
 
 
-ماذا عن الدراسة التي نُشرت في Research Square، وأشارت إليها المتكلمة في الفيديو ؟
هذه الدراسة مستقلة أجراها علماء في جامعة بريستول (هنا، هنا) لاختبار فعالية اللقاح المحتمل قبل التجارب البشرية. وقد اختبرت ذلك من خلال ملاحظة كيفية عمل AZD1222 لدى إدخاله في خط خلية بشرية، أي خطوط خلايا MRC-5. وهذا يختلف عن تطوير لقاح، بحيث تكون MRC-5 مكونًا في المنتج النهائي، على ما توضح رويترز
 
وقال ديفيد ماثيوز David Matthews، الباحث في علم الفيروسات في جامعة بريستول، والذي شارك في وضع الدراسة، لوكالة "اسوشيتد برس": "عملنا لم تكن له علاقة بإنتاج اللقاح، بل بالتحقق من أن الفيروس يتصرف كما نتوقع". 
 
-لقاح  AZD1222 -
ما يُعرَف عن لقاح استرازينيكا/أوكسفورد AZD1222 (أو ChAdOx1 nCoV-19) هو أنه نسخة ضعيفة وغير قادرة على التكاثر من فيروس زكام شائع (Adenovirus) مأخوذ من الشمبانزي، وتم تصميمه ليحتوي على تعليمات لإنشاء بروتين السنبلة "سبايك" (spike) لفيروس كورونا المستجد، واسمه العلمي سارس كوف-2 المسبب لمرض كوفيد-19 (هنا، هنا). ووفقا لمقال نُشر في مجلة Nature (هنا)، فإن لقاح ChAdOx1 nCoV-19 استخدم خلايا T-Rex 293 HEK في مرحلة تكاثر الفيروس. وهذا يشير إلى خلايا "الكلية الجنينية البشرية"، والتي تأتي من سلالة مختلفة من الخلايا البشرية.
 
لمزيد من الشرح، تشكل خلايا 293 HEK (إتش إي كاي 293) خطا خلويا محددا مشتقا في الأصل من خلايا كلى جنينية بشرية نمت في أنسجة مزروعة أخذت من جنين  مجهض، العام 1973
 
غير أن فريق تطوير اللقاح في جامعة أوكسفورد أفاد أنه، مع أن "خلايا 293 HEK مأخوذة من كلية جنين مجهض العام 1973"، الا ان "الخلايا المستخدمة حاليا مستنسخة من الخلايا الأصلية، وليست الأنسجة الجنينية الأصلية".
 
وأوضح ماثيوز لوكالة رويترز أنه "يتم تصنيع العديد من لقاحات الفيروسات في سلالات خلوية مشتقة من الأجنة. ثم يتم تنقية اللقاح بعيدًا عن هذه الخلايا، إلى مستويات عالية بشكل استثنائي. وقد تم اشتقاق معظم خطوط الخلايا هذه (بما في ذلك خلايا MRC-5 وخلايا 293) من عينات الأنسجة المأخوذة من أجنة تم إجهاضها في الستينيات والسبعينيات (من القرن العشرين)، ونمت الخلايا في المختبرات في جميع أنحاء العالم منذ ذلك الحين".
 
كذلك، أفاد غاري ماكلين Gary McLean، أستاذ علم المناعة الجزيئي في جامعة لندن متروبوليتان، رويترز، أن "هذا اللقاح سيتم أيضا "تنقيته" من أي ملوثات، قبل استخدامه على البشر". وقال: "لقاح أسترازينيكا يتطلب إنتاج الناقل الفيروسي الغداني في هذه الخلايا، ثم يتم تنقيته قبل إعطائه الناس".
 
من جهته، أوضح الدكتور ديباك سريفاستافا Deepak Srivastava، رئيس معاهد غلادستون والرئيس السابق للجمعية الدولية لأبحاث الخلايا الجذعية، في حديث لأسوشيتد برس، أن "الأمر المهم الذي يجب أن يعرفه الناس، حتى لو كانوا يعارضون استخدام الخلايا الجنينية في العلاجات، هو أن هذه الأدوية التي يتم تصنيعها واللقاحات لا تحتوي على أي جانب من جوانب الخلايا فيها". واشار الى أن "الخلايا تستخدم كمصانع للإنتاج". 
 
النتيجة: المزاعم في الفيديو أن "لقاح أسترازينيكا/اوكسفورد استخدم نسيجا رئويا لجنين ذكر تم إجهاضه" مزاعم خاطئة. والدراسة التي استندت اليها المتكلمة وتشير إلى خلايا  MRC-5 (إم آر سي-5)، كانت جزءا من بحث قبل سريري مستقل "لم تكن له علاقة بإنتاج اللقاح". وقد أوضح الخبراء أن اللقاح يمر بعملية تنقية قبل الحصول على المنتج النهائي، ولا تشكل الخلايا الجنينية أحد مكوناته.