الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

الراعي معلّقاً على أحداث الطيونة: المساس بالسلم الوطنيّ مرفوض وندعم دور الجيش

المصدر: "النهار"
 البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي.
البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي.
A+ A-
اعتبر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أنّ "في القلب غصّة لما جرى في محلّة الطيّونة وعين الرمانة الذي أوقع ضحايا وجرحى"، مستنكراً أشدّ الإستنكار الأحداث و"ما رافقها من مظاهر مسلّحة استعملت بين الإخوة في الوطن الواحد".
 
وأكّد الراعي في عظة الأحد من الديمان أنّ "شباب لبنان ليس للتقاتل بل للتآخي. ليسوا للقتل والموت بل للنموّ والحياة. ليسوا للتباعد، بل للحوار. ليسوا للتجاهل، بل للتعارف".
 
وأضاف: "الشباب المسيحيّون مدعوّون هم أيضاً ليعرفوا حقيقة الإسلام وإيمانه وقيمه، والشباب المسلمون مدعوّون ليعرفوا حقيقة المسيحيّة وإيمانها وقيمها. هذا هو جوهر العيش المشترك الذي يشكّل ميزة لبنان ورسالته، والتعدّديّة في الوحدة ثقافيّاً ودينيّاً".
 
ودعا الراعي إلى "تسهيل عيش فرح الحياة لشباب لبنان المسيحيّين والمسلمين وتحقيق ذواتهم وأحلامهم بما حباهم الله من مواهب وفكر وقيم وإمكانيّات وروح مواطنة"، مضيفاً: "ما أجملهم عائلة واحدة على تنوّعهم في ذاك 17 تشرين عندما بدأوا ثورتهم الحضاريّة الخلّاقة. وما أمرّ هذه الذكرى السنويّة الثانية اليوم التي يلفّها الحزن والحداد وتفكّك أوصال وحدتهم في التنوّع".
 
وتابع الراعي: "عائلات لبنان، بكبارها وشبابها وأطفالها، تعذّبت وبكت بما فيه الكفاية، وما زالت تنتظر لتفرح بمستقبل أفضل وبالاستقرار. من أجل هذه الغاية كانت الثورة إذ بدا للشعب اللبنانيّ فشلُ الجماعةِ السياسيّةِ في نقلِ لبنانَ من التوتّرِ إلى الاستقرار، ومن الهيمنةِ إلى الاستقلال، ومن الفسادِ إلى النزاهة، ومن القلقِ على المصير إلى الثقةِ بالمصير، ومن الحوكمةِ الرديئةِ إلى الحوكمةِ الرشيدة".
 
وشرح الراعي: "انتفض الشعبُ بكلِّ فئاتِه ومناطقِه وأجيالِه وطالَب بدولةٍ صالحة، وبشرعيّةٍ فاعلة، وبإصلاحاتٍ عميقة، وبجيشٍ واحِد، وبقرارٍ وطنيٍّ واحد. وبَدَت الثورةُ في بداياتِها شفّافةً وسلميّةً وحضاريّةً ومتَّحِدة. ونحن كنا منذ اليوم الأوّل ولا نزال إلى جانبها؛ فإنيّ أتوجّه إلى شبيبة لبنان بالقول: "عبّروا عن إرادتِكم في الانتخاباتِ النيابيّةِ المقبلة واختاروا الأفضلَ والأشْجعَ والأقدرَ على أن يوفِّر لكم التغييرَ المنشود، والثقةَ بوجود حرّ".
 
من جهة ثانية، اعتبر الراعي أنّ "النظام الديمقراطيّ وفّر لنا وسائل سلميّةٍ للتعبيرِ عن الرأي قَبولًا أو رفضًا، تأييدًا أو معارضة. وبالتالي لا يَجوزُ لأيِّ طرفٍ أن يلجأَ إلى التهديدِ والعنفِ، وإقامةِ حواجزَ حزبيّةٍ أو عشائريّةٍ على الطرقِ العامّة، لينال مبتغاه بالقوّة. إنَّ المساس بالسلمِ الوطنيِّ وبحسنِ الجوارِ الأخويِّ مرفوض أيًّا يكن مصدره. نرفض أن نعودَ إلى الاتّهاماتِ الاعتباطيّة، والتجييشِ الطائفيّ، والإعلامِ الفتنويِّ. نرفض أن نعودَ إلى الشعاراتِ الجاهزة، ومحاولاتِ العزل، وتسوياتِ الترضية. نرفض أن نعودَ إلى اختلاقِ الملفّات ضِدَّ هذا الفريق أو ذاك، واختيارِ أناسٍ أكباشَ محرَقة، وإحلالِ الانتقامِ مكانَ العدالة".
 
وأردف: "لقد نذرنا أنفسَنا من أجلِ تعزيزِ روحِ المحبّة والشراكةِ بين جميع اللبنانيّين، وندعو جميعَ الأفرِقاءِ إلى التلاقي لقطعِ دابرِ الفِتنة. ونؤيّد ما جاء في كلمةِ رئيس الجمهورية حين أعلن أنه يرفضُ التهديدَ والوعيد، وأخْذَ لبنانَ رهينة، وأكّد تمسَّكَه بالتحقيقِ العدليِّ، وحَذّرَ من إعادةِ عقاربَ الساعةِ إلى الوراء".
 
ودعا الراعي إلى "الاحتكام في خلافاتنا إلى القانون والقضاء، ومحضهما ثقتنا، ولنحرّر القضاء من التدخّل السياسيّ، والطائفيّ والحزبيّ ولنحترم استقلاليّته وفقًا لمبدأ الفصل بين السلطات، ولندعه يصوّب ما وجب تصويبه بطرقه القضائيّة. ما من أحد أعلى من القضاء والقانون. وحدهما كفيلان بتأمين حقوق جميع المواطنين، فالقانون شامل والقضاء شامل. إنّ الثقة في القضاء هي معيارُ ثقةِ العالم بدولةِ لبنان. والتشكيكُ المتصاعِدُ في القضاءِ منذ فترةٍ لم يَنل من القضاءِ فحسب، بل من سُمعة لبنان أيضًا، إذ أجْفلَ الدولَ المانحةَ والشركاتِ التي كانت تَنوي الاستثمارَ في المشاريعِ التي يُتّفق عليها مع صندوقِ النقدِ الدُوَليِّ والبنكِ الدوليّ. إنَّ هذه الحربَ الممَنْهَجةَ على جميعِ مؤسّساتِ الدولةِ تَدفعنا إلى التساؤل: ماذا يريد البعضُ بَعدُ من لبنان ومن شعبِ لبنان؟ ألا يكفي الانهيارُ الماليُّ والاقتصاديّ؟ ألا تكفي رؤيةُ اللبنانيّين، جميعِ اللبنانيّين، أذِلّاءَ ومقهورين ومشتَّتين ومهجَّرين ومهاجِرين؟".
 
كما أكّد "دعم دورَ الجيشِ في الحفاظِ على الأمنِ القوميّ، وقد نجحَ في الأيّامِ الأخيرةِ في حصرِ مناطق الاشتباك، ومنعِ توسُّعِ الاعتداءِ على الأحياءِ السكنيّةِ الآمنة. لقد أظهرَ الجيشُ اللبناني أنَّ القوّةَ الشرعيّة، بما تُمثّلُ من أمنٍ، هي أقوى من أيِّ قوّةٍ أخرى مع كل ما تُمثّل من إخلال بالأمن. وفي هذا الإطار، إنّ الحكوماتِ موجودةٌ لمواجهةِ الأحداث. فمجلسُ الوزراء الذي أصبحَ مع دستورِ الطائف مركزَ السلطةِ الإجرائيّة يَجدُر به أن يجتمعَ ويؤكّدَ سلطةَ الدولة ويَتّخِذَ القراراتِ الوطنيّة اللازمة، ويجدر بكل وزير احترام هذه السلطة، وممارسة مسؤوليّتهم باسم الشعب اللبنانيّ لا باسم نافذين".
 
وأضاف: "لا يجوزُ الإستقواء بعضِنا على بعض لأنَّ الاستقواءَ ليس قوّة، ولأن القوّةَ لا تخيفُ المؤمنين بلبنان. لا يوجد ضعيفٌ في لبنان، فكُلّنا أقوياءُ بإرادةِ الصمودِ والدفاعِ عن النفس، وعن أمنِنا وكرامتِنا وخصوصيّتِنا. كلُّنا أقوياءُ بحقِّنا في الوجودِ الحرّ وبولائِنا للوطنِ من دون إشراك. كلُّنا أقوياء بفعلِ ما يمثّل لبنان من حقيقةٍ تاريخيّةٍ وجغرافيّةٍ وحضاريّة لا يَقوى عليها أحد. في لبنان، وحدَه الحوارُ يؤدّي إلى الانتصارِ وإنقاذِ الشراكةِ الوطنية، ووحدَه الاستقواءُ يؤدّي إلى الهزيمةِ وتَرنّحِ الشراكةِ التي نَتمسَّكُ بها في أطرٍ حديثةٍ ترتكزُ على اللامركزيّةِ الموسَّعةِ، والحيادِ، والتشريعِ المدني، والشراكةِ في التعدّدية، والانفتاحِ على العالم والثقافة".
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم