بين بكركي و "حزب الله"... "حوارات رسمية" وجيوش رديفة

يتفاعل الخطاب الأخير للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، ويواجه سيد #بكركي والصرح معه اعنف الهجمات التي وصلت الى حد التخوين والاتهام بالعمالة. ويعتبر الفلتان في العالم الافتراضي الأكبر والأكثر شراسة من صفحات وافراد معروفي الخلفيات السياسية والعقائدية.


في المبدأ السياسي العام، لم يحمل خطاب الراعي جديداً بارزاً نوعياً، فهو تكرار لخطاب سياسي ثابت يطلقه منذ مدة ويعبر عنه في المناسبات كافة، خصوصاً لناحية احترام القرارت الدولية، والابتعاد عن الحرب بإعتبار ان الكنيسة تنشد السلام وتنبذ الحروب، كما انها ليست المرة الاولى التي يطالب فيها الراعي بحصر قرار السلم والحرب بيد الدولة ورفض اعطاء هذه الورقة ل"#حزب الله" وجعل لبنان ساحة.

في الموازاة، هذا الخلاف السياسي ليس الأول بين "حزب الله" والبطريركية المارونية، فلطالما مرت العلاقة بين الفريقين بخلافات بقيت في العادة تحت السيطرة، ودأبت لجنة الحوار المشتركة على التدخل للتخفيف من التوتر.

لكن هذه المرة اختلفت الأمور، وارتفع منسوب الهجومات بطريقة غير مسبوقة، ما استدرج ردات فعل مقابلة أخذت منحىً طائفيا في حيّز كبير منها، اضافة الى دخولها لعبة الصراع السياسي الانتخابي والمزايدات الحزبية.
ويعتبر "التيار الوطني الحر" ابرز المتأثرين من هذه المواجهة الجديدة، وخصوصاً وقوعها بعد اسبوع حافل من أحداث لا تروق للرأي العام المسيحي، كالهجوم على التحقيق العدلي، واطلاق الصواريخ وابقاء الساحات مفتوحة للحرب اضافة الى الاشتباك مع الكنيسة وما تمثله معنويا ودينياً ووطنياً عند هذا الجمهور. وهذه الاحداث جعلته هدفاً من قبل خصومه، للتصويب على التحالف الذي يجمعه مع "حزب الله"، وهذا ما دفع رئيس الجمهورية، وقيادة "التيار" الى استصدار بيانات استنكار بعد يومين من الهجوم الحاد، ما رأى فيهما البعض انهما بيانا مجاملة لا أكثر ولا أقل لوضع حد لاستغلال الخصوم الخلاف.
ولكن ما الذي دفع "حزب الله" لردة الفعل هذه؟
بحسب مقربين من الحزب، لم يبد الاخير اي ردة فعل على كلام الراعي رغم انه يرى فيه استكمالاً "للهجمة التي يتعرض لها لمحاصرته والتي بدأت سنية واستتبعت درزياً لتنتقل الى الشارع المسيحي عبر كلام الراعي". ويرون في حملة التضامن خير دليل على هذه النظرية حيث ان هناك من انتظر تغريدة على "تويتر" ليقوم بحملة "سياسية كبيرة وبيانات ومؤتمرات صحافية وتجييش يضرب فيها عصفورين بحجر واحد، بهدف زيادة الضغط على "حزب الله" واحراج "التيار الوطني الحر".


ويؤكد المقربون أن الحزب لم يعلّق على كلام البطريرك، ولم يصدر أي موقف رسمي ولو تلميحاً، وهو "ملتزم لجنة الحوار مع بكركي ويبدي ملاحظاته لديها، ولا يذهب ابعد من ذلك بل دعا عبر اكثر من مسؤول الى تهدئة الاجواء لأنه يعلم ان ما يجري يحرج حلفاءنا".


ويجزم المقربون انه "بعكس كل ما يقال وما يكتب فليس لـ"حزب الله" جيش الكتروني منظم، كما انه من الظلم تحميل "حزب الله" مسؤولية كل ما يصدر عن البيئة المؤيدة له، ومن الاستحالة ضبط هذا الأمر".


هذه التبريرات لا تقنع المقربين من اجواء بكركي، الذين يعتبرون أن "حزب الله" بدأ يعتمد اسلوباً جديداً لايصال رسائله، عبر منصات التواصل الاجتماعي، اذ أنه ليس من سبيل الصدفة ان تنطلق حملة في وقت واحد وتشمل منظمين ومسؤولين اعلاميين في الحزب، اضافة الى مراسلي واعلاميي قناة "المنار" الذين تحسب مواقفهم في السياسة.


ويوافقون على ان هذه الحملة تؤثر على حليفهم المسيحي وخصوصاً ان المستهدف هي بكركي، ولهذا اعتمدت الخطة البديلة. ويستشهدون بالحملة التي انطلقت اثر حادثة خلدة التي تم ضبطها في غضون ساعات، وفي المقابل ترك الانصار والاتباع السياسيون يأخذون مداهم في مهاجمة بكركي.

ويشيرون الى بعص البيانات التي صدرت، وهي من اشخاص يدورون في فلك "حزب الله"، لا بل يرتبطون سياسياً ومالياً به، وبالتالي ايضاً بياناتهم ليست عن عبث، مشددين على أن لجنة الحوار بين بكركي و"حزب الله" مستمرة ولم يتم حلّها وستكمل عملها لتنفيس الخلافات، لكن على الحزب وضع حدّ لجو التخوين وهدر الدماء، و الّا لا داعي للجان مماثلة، "فكيف يتحاورون عملاء؟".