الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

الاستفتاء على دستور "الجزائر الجديدة" بدأ: معسكر الـ"نعم" مطمئن إلى الفوز

المصدر: "أ ف ب"
رجل يدلي بصوته في مركز اقتراع في العاصمة الجزائر (1 ت2 2020، أ ف ب).
رجل يدلي بصوته في مركز اقتراع في العاصمة الجزائر (1 ت2 2020، أ ف ب).
A+ A-
بدأ قرابة 25 مليون جزائري التصويت، الأحد، على تعديل دستوري يفترض أن يؤسّس لـ"جزائر جديدة"، ويضفي الشرعية على الرئيس عبد المجيد تبون الذي فاز في انتخابات قاطعها جزء كبير من الجزائريين. 

ولا شك في فوز معسكر "نعم"، إذ أن الحملة التي سبقت الاستفتاء ولم يبال بها جزء كبير من السكان كانت في اتجاه واحد بينما لم يتمكن أنصار التصويت بـ"لا" من تنظيم تجمّعات.

وقال تبون في رسالة نشرتها وكالة الأنباء الرسمية مساء السبت إنّ "الشعب الجزائري سيكون مرّةً أخرى على موعد مع التاريخ من أجل التغيير الحقيقي المنشود (...) من خلال الاستفتاء على مشروع تعديل الدستور، من أجل التأسيس لعهد جديد يُحقّق آمال الأمّة وتطلّعات شعبنا الكريم إلى دولة قويّة عصريّة وديموقراطيّة".

ولم يتمّ اختيار موعد الاستفتاء مصادفة. فالأوّل من تشرين الثاني هو "عيد الثورة" ذكرى اندلاع حرب الاستقلال ضدّ الاستعمار الفرنسي (1954-1962). 

ونقل تبون (74 عاما) إلى ألمانيا الأربعاء للخضوع لـ"فحوص طبية متعمقة" بعد أنباء عن الاشتباه في إصابة محيطين به بمرض كوفيد-19. وأوضحت الرئاسة ان حالته "مستقرة وغير مقلقة". 

وفتحت مراكز الاقتراع البالغ عددها 61 ألف مكتب عند الساعة الثامنة (07,00 ت غ) وستغلق فى الساعة 19,00 بالتوقيت المحلى. وستعرف التقديرات الأولى بعد فترة وجيزة على انتهاء التصويت. 

وفي العاصمة، حيث اعتاد الناخبون ألا يتنقلوا في الصباح الباكر للتصويت، بدت مكاتب التصويت خالية. 

وفي مركز اقتراع بشارع باستور وسط العاصمة، لم يصوت حتى الساعة العاشرة سوى ستة أشخاص من أصل 249 ناخبا مسجلا.

وصرح جيلالي بوعزة، أحد الناخبين في مركز باستور لوكالة فرنس برس: "صوّت بنعم من أجل بلدي كي لا ينهار".

وفي مركز تصويت في بوشاوي بالضاحية الغربية للعاصمة الجزائرية، صوّتت زوجة الرئيس فاطمة الزهراء تبون نيابة عن زوجها المريض.

كما بثت قنوات التلفزيون الحكومية والخاصة صورا لتصويت رئيس الوزراء عبد العزيز جراد ورئيس المجلس الشعبي الوطني سليمان شنين ورئيس أركان الجيش الفريق سعيد شنقريحة. 

وبسبب الوباء يتم تطبيق إجراءات صارمة، من تحديد عدد الذين يدخلون إلى مركز الاقتراع بشخصين أو ثلاثة في وقت واحد والالتزام بوضع الكمامات. وألغيت الستائر في مقصورات الاقتراع لمنع لمسها من قبل الناخبين. 

والرهان الوحيد في هذا التصويت هو نسبة المشاركة.

وخلال الانتخابات الرئاسية التي جرت في 12 كانون الأول، بلغت هذه النسبة 39,93 بالمئة في أدنى نسبة من جميع الانتخابات الرئاسية التعددية في تاريخ الجزائر وهذا ما يدفع تبون إلى البحث عن شرعية.

وأعلن محمد شرفي رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات أن نسبة المشاركة على الساعة 11,00 (10,00 ت غ) بلغت 5,88 بالمئة وهي نسبة أضعف بقليل من نسبة التصويت في الانتخابات الرئاسية في نفس التوقيت حيث بلغت حينها 7,92 بالمئة.

ولم يعلن تفاصيل التصويت بحسب كل ولاية لمعرفة اتجاهات التصويت خاصة في منطقة القبائل المعروفة بعزوفها الانتخابي.

وأفاد ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن وقوع أعمال شغب وتكسير لصناديق الاقتراع ليل السبت الأحد.   

- "تغيير في الواجهة" -
منذ أدائه اليمين رئيسًا للبلاد في 19 كانون الأوّل 2019، بعد أسبوع من انتخابات شهدت نسبة امتناع قياسيّة عن التصويت، تعهّد تبون تعديل دستور 1996 من خلال مَدّ يده إلى "الحراك المبارك". 

لكنّ ناشطي الحركة الاحتجاجيّة رفضوا النصّ المقترح "شكلًا ومضمونًا" لأنّه لا يمثّل سوى "تغييرًا في الواجهة"، في حين أنّ الشارع طالب بـ"تغيير النظام"، لذلك دعوا إلى مقاطعة الاستفتاء.

وبحسب المحلّل السياسي حسني عبيدي، المتخصّص في شؤون العالم العربي، يواجه تبون "وضعا معقّدا" بسبب نسبة المشاركة الضعيفة في الانتخابات الرئاسيّة التي جاءت به.

وقال: "حتّى لو حاول الحصول على الشرعيّة من خلال صندوق الاقتراع، فإنّ مساحة المناورة لديه محدودة"، لأنّ الجيش "تعلّم الدروس" من رئاسة عبد العزيز بوتفليقة (1999-2019) الذي حرّر نفسه من وصايته، مشيراً إلى أنّه أصبح مرّة أخرى "الممسك الحقيقي" بزمام السلطة.

وينبغي على الناخبين أن يردّوا على سؤال "هل أنتم موافقون على مشروع تعديل الدستور المطروح عليكم؟"، فيُجيبون بـ"نعم" باختيار الورقة البيضاء، وإذا كانوا غير موافقين، عليهم الإجابة بـ"لا" عبر اختيار الورقة الزرقاء، حسب ما جاء في المرسوم الرئاسي الذي حدّد تاريخ الاستفتاء.

والدّاعون إلى التصويت بـ"نعم" هم أعضاء الحكومة وأحزاب الائتلاف الحاكم سابقًا، مثل حزب جبهة التحرير الوطني - حزب الرئيس بوتفليقة الذي أُطيح من السلطة في نيسان 2019 تحت ضغط مزدوج من الحراك وقيادة الجيش- ووسائل الإعلام المملوكة للدولة.

وتمكّن هؤلاء من تنظيم حملة انتخابيّة من أجل "التوعية والشرح" للشعب أنّ المشروع يضع أسس "جمهوريّة جديدة". 

وعبّر وزير الاتّصال والمتحدّث باسم الحكومة عمار بلحيمر عن تفاؤله "بوعي الشعب وقناعته بالتوجّه إلى صناديق الاقتراع بكثافة، للمشاركة في وضع لبنة جديدة في مسار البناء الوطني الشامل وتفويت الفرصة على أعداء الجزائر"، وفق ما نقلت عنه وسائل الإعلام الرسميّة الأربعاء.

لكنّ الدستور بتعديلاته الجديدة يُحافظ على جوهر النظام الرئاسي، رغم تضمنه سلسلة من الحقوق والحرّيات لتلبية تطلّعات الحراك.

- "علاقة مقطوعة" -
يَجري الاستفتاء في جوّ من القمع إذ استنكر المعارضون - من الإسلاميّين إلى أقصى اليسار، بمن فيهم المدافعون عن حقوق الإنسان - مشروعًا يهدف إلى دفن الحراك بالنسبة للبعض وإلى دسترة العلمانيّة بالنسبة لآخرين. 

وأفاد المحلل عبيدي أنّ "السلطة تُدرك أنّ العلاقة مع الشعب مقطوعة إلى الأبد".

وبعد ما يقرب من عشرين شهرًا على اندلاع الحراك بتظاهرات احتجاجيّة غير مسبوقة، تُشكّل الانتخابات اختبارًا حقيقيًا له، خاصّة بعدما أضعفه القمع اليومي للنشطاء والتوقيف القسري للتظاهرات بسبب الأزمة الصحّية.

وبالنسبة إلى لويزة آيت حمدوش، أستاذة العلوم السياسيّة في جامعة الجزائر، فإنّ الحكم على قوّة الحراك سيكون من خلال نسبة الامتناع عن التصويت واستمرار طبيعته السلميّة. 

وأشارت إلى أنّ "الاستفتاء لا يمثّل أيّ رهان من حيث التغيير السياسي وتغيير أسلوب الحكم" لكنّه "يمثّل رهانًا كبيرًا في ما يتعلّق بتوطيد السلطة، بالاعتماد في المقام الأوّل على نسبة المشاركة". 

وقرّرت حركة مجتمع السلم، الحزب الإسلامي الرئيسي، المشاركة في الاستفتاء، لكنّها دعت إلى التصويت بـ"لا".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم