الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

"الشعب غاضب وحاقد عليكم"... المطران عوده للمسؤولين: ألا يهزّ ضمائركم وضع اللبنانيين؟

المصدر: "النهار"
المطران عوده (مارك فياض).
المطران عوده (مارك فياض).
A+ A-
تــرأس مـتــروبـولـــيـت بــيــروت وتــوابــعـهـا الــمـطــران الــيـاس عــوده الــقــداس الإلـهـي فـي كــاتــدرائـيـة الــقــديـس جــاورجـيــوس فـي سـاحـة الــنـجـمـة. بـعـد قــراءة الإنـجـيـل الــمـقــدس ألــقـى الـعـظة، قال فيها: "الــيــومَ بــدءُ عــامٍ جــديــدٍ نــصـلّــي كــي يــجــعــلَــه الـــربُّ الإلــهُ مــقـــدَّسـاً بــحــضـورِه فــي قــلــوبِـنــا وفــي حــيــاتِــنــا. نــصـلّــي كــي يــحــمــلَ هــذا الــعــامُ الـســلامَ لــلــعــالــمِ أجــمــع ولــمــنــطــقـــتِــنــا ولــلـبــنــان، كــمــا نــصـلّــي كــي يُــعــتـــقَـــنــا الــربُّ الإلــه خــلال هـــذا الــعــامِ الــقـــادم مــن كــلِّ خــطـايــانــا وســقـــطـاتِـــنـا وكــبــريــائــنــا وحــقــدِنــا، لــنــكــونَ آنــيـــةً مــقـــدســةً لــروحِــه الــقـــدوس، تــنــشــرُ الــمــحــبــةَ وتــشــعُ تــواضـعــاً وقـــداســة".

وأضاف عوده: "يــودّعُ الــلــبــنــانــيــون ســنــة 2020 بــكـــثــيــرٍ مــن الــحــزنِ والأسـى والــخــيــبــةِ والــقــلــقِ عــلـى الــمـســتــقــبــل. ســنــة 2020 حــمــلــتْ لــلــعــالــمِ أجـــمــع وبــاءً يــهــدّدُ كــلاً مــنــا مــهــمــا عــلا شــأنُــه، ويــعــلّـــمُــنــا أنــنــا، مــهــمــا عَــظــمَ شــأنُــنــا وعــلا مــركـــزُنــا وانــتــفــخــتْ جــيــوبُــنــا، نــحــن عــاجــزون، ضــعــفــاء، غـــيــرُ قــادريــن عــلــى مــقــاومــةِ مــرضٍ، فــمــا بــالُــنــا بــعــظــمــةِ الله؟ هـــل يـــدركُ الإنــســانُ أنــه مــخــلــوقٌ ضــعــيــفٌ مـــصــــيـــرُه الــمــوت؟ هــل يــدركُ أنّ كـــلَّ مــا جــمــعَــه فــي حــيــاتِــه ســيــتـــركُــه هــنــا، عــلـى الأرض، عــنــدمــا تــأتــي ساعـــتُــه؟".

وأضاف: "الــعــامُ الــمــاضــي كــان اســتـــثــــنـــائـــيـــاً بــســلـــبـــيـــتِـــه عــلــى وطــنـــنــا: خيباتٌ ونكباتٌ وانهيارات. فـــلــيــرتُـــنــا فـــقـــدتْ قـــيــمـــتَـــهــا، واقـــتــصــادُنــا تــدهــورَ، ومــصــارفُـــنــا فــشــلــتْ، وســيــاســتُـــنـــا تـــراجــعـــتْ، وشــبـــابُـــنــا هــاجـــروا، وشــيــوخُــنــا افــــتـــقـــروا وجــاعـــوا. وجـــاءتْ كـــارثــةُ 4 آب لــتـــخـــلّـــفَ إلــى الــدمــارِ الـــقــــتـــلــى والـــجــرحــى والـــتــشــرّدَ والــحـــزنَ والـــيــأس، فـــيـــمــا الـــطــبــقــةُ الــسـيــاســيــةُ غــائــبــةٌ عــن اتــخــاذِ أيّ قــرارٍ يــبــعــثُ ولــو شــعــاعَ أمــلٍ فــي ســـوادِ أيــامِــنــا، وهــي مــنــشــغــلــةٌ بــمــصــالــحِــهــا وحــصــصِــهــا وارتــبــاطــاتِــهــا وتــصــفــيــةِ حــســابــاتِــهــا. الــعــالــمُ كــلُّــه خــائــفٌ عـلــى لــبــنــان إلاّ حــكّــامُــه"، مشيراً إلى أنّ "وزيــرُ خــارجــيــةِ فــرنــســا شَــبَّــهَ وضــعَــنــا بــســفــيــنــةٍ تــغــرق، فــيــمـا الــطــبــقــةُ الــســيــاســيــةُ عـــنــدنـــا تـــتـــلــهــى بـــجــدالاتِــهــا الـــعـــقـــيـــمــة ومـــقــامـــرتِــهــا بـــالـــبـــلـــد".

وتساءل: "تُـــرى أهـــو انــتــحــارٌ جــمــاعــي أم نــحــرٌ جــمــاعــي؟ ألا يــوجــدُ بــيــن مــن يــتــولــى أمــرَنــا مَــنْ يــهــتـــزُّ ضــمـــيــرُه لــمــا وصــلْــنــا إلــيــه، فـــيـــقـــومُ بــعـــمـــلٍ بــطـــولــي فـــي هـــذه الأوقــــاتِ الـــمـــصـــيـــريـــة؟ ألـــيـــسَ مــن يــحــمــلُ فــي قــلــبِــه رحــمــةً لــيــشــعــرَ مــع هــذا الــشــعــبِ الــحــزيــن الــذي لــم يــعــدْ يــعــرفُ لــلــفــرحِ طــعــمــاً؟ أم أنّ بــيــوتَــهــم دافــئــةٌ وســقـــوفَــهــم مــتــيــنــةٌ وجــيــوبَـــهــم مــلأى وأولادَهـــم فــي مــأمــنٍ كــمــا يــقــول الــشــعــب، فـــلِــــمَ يـــتـــنـــازلــون؟".

وأضاف المطران عوده: "فـــي الــــقـــلــب غـــصــةٌ لا لأنّ الأحـــزانَ كـــبـــيـــرةٌ والآلامَ عـــظـــيــمــةٌ وحــســب، بـــل لأنّ لا مــبـــالاةَ الــــمـــســؤولــيــن وقــلــةَ مــســـؤولـــيـــتِـــهــم تـــؤذي الــشــعـــبَ وهـــم لا يـــأبــهـــون. مــا نــفــعُ الــدولـــةِ بــلا شــعــب؟ وإلــى مــتــى ســيُـــبـــقـــون لــبـــنــان رهـــيــنــةَ مــصــالِـــحـــهــم وأســـيـــرَ لــعـــبـــتِـــهــم الــســيــاســيــة الـــتــقـــلـــيـــديــة وخــلاصــتُـــهــا تـــقـــاســمُ الــحــصــصِ والــغـــنـــائــمِ الـــوزاريـــة؟ وهـــل بــقـــي مــا يــســتــحـــقُ الـــتـــقـــاســم؟ ألـــم يـــأتِ الــشــلـــلُ الــســيــاســي، الـــذي دام طـــويـــلاً، عـــلــى كـــلِّ مــا تــبـــقّـــى مـــن لــبـــنـــان، بـــســـبــب ســـوءِ الــنـــيـــةِ أو ســـوءِ الإدارة، اللهُ يـــعــلـــم. هـــل يُـــعـــقـــل أن تـــتـــولى حـــكـــومــةٌ تـــصـــريـــفَ الأعـــمــال لـــمــدةٍ أطـــول مـــن مـــدةِ اضـــطـــلاعِـــهــا بــالـــمســؤولـــيــة؟ وهـــل يـــحـــدثُ فـــي بــلـــدٍ يـــحــــتـــرمُ نـــفـــسَـــه أن تـــكـــونَ فـــتـــراتُ تـــعــــطـــيـــلِ الحـــــكــمِ والـــمـــؤســســاتِ أطـــولَ مـــن فـــتـــراتِ الـــحـــكـــمِ والعـــمـــلِ الــفــعّـــال؟".

وتوجّه إلى المسوؤلين بالسؤال: "ألا يـــهــــزُ ضـــمـــائــــرَكــــم وضــــعُ الــــلـــبـــنــانــيــيــن؟ ألا يـــدمــي قـــلـــوبَــــكــم أنــيـــنُــهــم ومـــعـــانــاتُـــهـــم، وفـــيــهــم مـــن لـــيــس لـــديـــه مـــا يُـــطــعــم أولادَه؟ هـــل ســمـــعـــتــم أمـــنــيــةَ الـــلــبـــنــانــيـــيــن: أن تـــرحـــلــوا. الــشــعــبُ غـــاضـــبٌ وحــاقــــدٌ عـــلــيـــكـــم ويــريــدُكـــم أن تــرحــلـــوا. إن كــان لــم يــهــزَّكــم مــشــهــدُ بــيـــروت الـــمــدمَّــرة، ألا يــهــزُّكم رأيُ شــعـــبِــكــم بــكــم؟ ".

وأضاف: "خـــالـــقُ الـــكـــونِ تَــنـــازَلَ واتَّـــخَــذَ صـــورَةَ عَـــبـــدٍ وصــارَ بِـــصـــورَةِ جَــسَــــدِنا الـــوَضــيـــعِ لِـــــكَـــي يَـــجـــعَــــلَـــنـــا مُـــشـــتَـــرِكــيـــنَ بِـــصـــورَةِ مَـــجـــدِه، عـــلـــى حَـــسَـــبِ مـــا نَـــســـمَـــعُ فـــي الـــقـــدّاس الإلَـــهِـــيِّ الَّـــذي كـــتـــبَـــهُ الـــقــــدّيـــسُ بـــاســيـــلـــيــوس. هــــل يــــدركُ الإنــســانُ مــعـــنــى هـــذا الـــتـــواضــع؟ وهـــل مــن مــســؤولٍ أو زعـــيــمٍ يــعــي أنّ الـــوصــولَ إلــى الـــكــمـــال يـــمـــرُّ بـــالـــتــواضــعِ والإنــســحــاق؟ لــكــنّ الـــتَّـــواضُــعَ والـــمَـــحَــبَّـــةَ والـــتـــضــحــيــةَ والـــتــخـــلّــي عـــن الـــكـــبـــريـــاء كـــلَّــهــا تـــولّــــدُ أَلَـــمًـــا، لأنــهـــا تــســتــدعــي تَـــنــازُلاتٍ جَـــســيــمَـــةً لَـــن يَــــتَــــحَـــمَّــــلَـــهــا أَيُّ مُـــلـــتَــصِــقٍ بِـــكُـــرســِيٍّ أو مـــركــز. الـــمَــســيــحُ تَـــنـــازَلَ فَـــتَـــجَـــسَّـــدَ ثُــــمَّ خُــــتِــــنَ وصــولًا إلــى الـــصَّـــلـــبِ والـــمَـــوت، كُــــلُّ ذَلِــــكَ مِــــنْ أَجـــلِ خَـــلاصِ الـــشَّــعــب"، متسلائلاً: "هَـــل مَـــن يَـــتَّـــعِـــظ؟ كَـــيـــفَ يَـــــتَّــــعِـــظـــونَ ويَـــتَــــواضَــعـــــونَ ويُـــحِـــبُّـــونَ وهُـــم يــــكـــذِبـــونَ كُــــلَّـــمــا نَـــطَـــقــوا؟ وَعَـــدوا الــشَّــعـــبَ بِـــجَـــلاءِ حَـــقــــيـــقَـــةِ الــــتَّــــفـــجـــيـــرِ فـــي خَـــمــسَـــةِ أَيَّــــام، وهـــا خَـــمــسَــةُ أَشــهُـــرٍ مَـــرَّتْ لَـــمْ يُـــكــشــفْ خِـــلالَــهــا شَــيءٌ سِــوَى أنّ كـــلَّ مــن لــه عــلاقـــةٌ بـالــمــرفــأ وكـــلُّ الــمســؤولــيــن لــم يـــكــونـــوا يــدرون بــمــا فــيــه. مــضــحــكٌ مــبــكٍ أن يــتــســـاءلَ الــمــســؤولـــون عـــن أســبــابِ الإنــفــجـــار. كــلُّ واحـــدٍ بـــدورِه يـــريـــدُ أن يـــعـــرفَ كــيـــف دخـــلـــتْ الـــمــوادُ الــمــتـــفـــجـــرةُ إلـــى الــمـــرفـــأ وكــيــف فُـــجّــــرت. لــكــنَّ الــمــشـــكـــلـــةَ أنّ الــشـــعـــبَ لــــم يـــعـــطِـــهـــم الـــجـــوابَ بـــعـــد. وَعَـــدوا الـــشَّــعــبَ بِـــحُـــكـــومَـــةٍ إِنــــقـــاذِيَّـــةٍ، وهـــا نَـــحــنُ نَـــنـــتَـــظِـــرُ مُـــنــذُ أَشــهُـــرٍ وِلادَةً قَــــيـــصَــرِيَّـــةً لِـــحُـــكـــومَـــةٍ لا نــعــرفُ لِـــمَ الــتــأخــيــرُ فــي تـــألــيــفِــهــا والــبــلــدُ فـــي عــيــن الـــعــاصــفــة. هـــل الــكِـــبــرِيــاءُ أم الــجَـــشَــعُ أم الـــمَـــصــلَــحَــةُ الـــخـــاصَّــةُ الَّـــتــي تَــعــلــو عــلــى مَــصــلَــحَــةِ الــوَطَــنِ والــمُـــواطِـــنــيــن، أم الـــتـــأثــيــراتُ الــخــارجــيــة هــي الـســبــب؟". وقال عوده: "مــؤســفٌ أنَّ الـــســـلـــطــةَ غـــيـــرُ قـــادرةٍ عـــلـــى كـــشـــفِ الـــحــقـــيـــقـــة وعــلـــى وقـــفِ الإنـــهــيـــار وعــلـــى اتـــخــاذِ خــطـــوةٍ إنـــقـــاذيـــةٍ واحـــدة، وكـــلـــفـــةُ الانـــتــــظــــارِ بـــاهـــظـــةٌ جـــداً والـــشـــعـــبُ وحـــده يـــدفــــعُ الـــثـــمـــن".
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم