متى يؤدي جدري القردة إلى الموت؟

أكثر من 31 ألف حالة مصابة بجدري القردة في العالم مسجّلة حتى اليوم. هذا الفيروس الذي ظهر لأوّل مرّة في خارج إفريقيا دفع بمنظمة الصحة العالمية إلى إعلانه حالة صحيّة طارئة بعد انتشاره في بعض الدول، ويُحاول الخبراء فهم ما جرى ومتابعة كلّ الحالات من كثب، خصوصاً حالات الوفاة التي ارتبطت بالفيروس.
 
وقد شكّل ظهور المرض والفيروس المسبّب له في مناطق غير معتادة حالة أرباك، إذ ظهر الفيروس لأوّل مرّة في الولايات المتحدة، حيث سُجّل نحو 10 آلاف إصابة، وفق ما ذكر موقع "CNN".
 
ولكن بالرغم من ارتفاع وتيرة الإصابات، فإنّ معظم الأشخاص يتعافون في منازلهم من دون مشكلات، ومع ذلك يُحاول الأطباء جاهدين فهم الأسباب المسؤولة التي تجعل جدري القردة خطيراً عند البعض، وربّما مميتاً في حالات نادرة.
 
بالاستناد إلى بيانات منظّمة الصحة العالمية، تسبّب الفيروس بحالتَي وفاة في إسبانيا، وواحدة في البرازيل، وواحدة في الإكوادور، وواحدة في الهند، وجميعها بلدان غير مستوطَنَة بالمرض، في حين لم تُسجّل أيّ حالة وفاة بعد في الولايات المتحدة حتى السّاعة.
 
وفي هذا الصدد، أشارت مديرة إدارة جدري القردة في برنامج الطوارئ لمنظمة الصحة العالمية، الدكتورة روزاموند لويس، إلى أن الافتقار إلى فهم واضح بشأن شدّة المرض هو من الأسباب التي تجعل الأمراض المعدية تحدّيًا كبيرًا.
 
وأوضحت: "عندما يتعرّض الأشخاص لعوامل معدية، فهم يستجيبون بطرقٍ مختلفة. ولن يُصاب البعض بأيّ أعراض، وقد يعانون من مشكلات بسيطة مثل حمّى خفيفة، وهم يتحسّنون، ويمضون قدمًا. في المقابل، يعاني آخرون من مضاعفات خطرة.
 
ناقوس الخطر
في التفاصيل، أعلن تقرير صادر عن مديرة المعهد الوطني الإسباني لعلم الأحياء الدقيقة، الدكتورة إيزابيل جادو، أن حالتَي الوفاة في البلاد كانتا لرجلين في الـ31 والـ44 من عمريهما، بعد أن كانا بصحّة جيّدة قبل إصابتهما بجدري القردة، مع عدم وجود عوامل خطر كامنة مثل ضعف جهاز المناعة، علماً بأنه لا توجد علاقة بين الحالتين، ولم يعرف بعضهما بعضاً، ولم يكونا في المنطقة نفسها. وشكّلت هاتان الحالتان الحديثتان ضجّة، وكانتا بمثابة دق ناقوس الخطر، بعد أن أُصيب كلا الرجلين بالتهاب الدّماغ، أو تورّمه، وهو أمر يمكنه الحدوث نتيجة الالتهابات الفيروسيّة. ونتيجة ذلك، دخلا في غيبوبة قبل أن يفارقا الحياة.
 
 
 
من جهتها، أوضحت خبيرة فيروس الجدري في المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها وعالمة الأوبئة أندريا ماكولوم بأن "التهاب الدماغ حالة نادرة جداً معروفة بارتباطها بجدري القردة. ولكن يبقى سبب معاناة بعض هؤلاء المرضى من التهاب الدماغ أمر لا نعرفه".


وأضافت أنه "تعتمد شدّة المرض على صحّة الشخص، وعلى موارد الرعاية الصحيّة التي يمكنه الوصول إليها، وسلالة الفيروس التي تُصيبه".
وأشارت ماكولوم إلى كون نحو 11% من حالات جدري القردة مميتة في حوض الكونغو في وسط أفريقيا، ويعود ذلك إلى حدٍّ كبير لعدم تطعيم السكّان حتّى ضدّ فيروس الجدري الذي يرتبط به، والذي من شأنه أن يقي من جدري القردة.
 
وفي غرب أفريقيا، يُصبح جدري القردة مميتًا في 1% من الحالات، بحسب البيانات التي تأتي من نيجيريا على الأغلب.
وتُظهر البيانات أيضًا أنه في أغلب الأحيان عاني الأشخاص الذين يموتون بسبب جدري القردة من عوامل خطر تقلّل من وظائفهم المناعيّة، مثل فيروس نقص المناعة البشريّة.
 
وقالت ماكولوم إن الأطفال أكثر عرضة لخطر الإصابة بمرض شديد، لأن أجهزتهم المناعية لا تعمل بكامل طاقتها، وقد تكون النساء الحوامل أكثر عرضة لخطر الإصابة بجدري القردة نتيجةً لمناعتهن المنخفضة.






.