تباين في آراء العلماء حول الجرعة المعزّزة من اللقاح... "فكرة "غير واقعية" لمكافحة كورونا؟

بعد التوصّل إلى اكتشاف لقاحات مضادة لفيروس كورونا، كانت الخطط تقضي بإعطاء جرعتين لكلّ شخص من أجل تعزيز المناعة ومحاربة الوباء، إلّا أنّه وبعد نحو عام من إطلاق حملات التلقيح عالمياً، بدأت دول عديدة باعتماد جرعات معزّزة من اللقاحات.

في هذا السياق، برز تساؤل حول عدد الجرعات المعزّزة التي سيحصل عليها الناس، ومدى واقعية تلقّي جرعة جديدة من اللقاح كلّ فترة، وهو حلّ غير مستدام أو طويل الأمد.

ووفق صحيفة "النيويورك تايمس"، يرى علماء وأطباء أنّ محاولة منح الناس جرعة جديدة كل بضعة أشهر فكرة ليست واقعية، بالرغم من مسار الوباء.

فمن جهتها، تشير اختصاصية المناعة بجامعة "ييل"، أكيكو إيواساكي، إلى أنّه "ليس مألوفاً أن يحصل الناس على اللقاح ذاته بشكل دوريّ، وأعتقد أنّ هناك طرقاً أفضل من إعطاء اللقاحات كل ستة أشهر"، مؤكّدةً أنّ "الاستراتيجيات الأخرى يمكن أنّ تخرجنا من فكرة الجرعات المعزّزة للأبد".

وعارض العديد من الخبراء في البداية فكرة جرعة معزّزة على الإطلاق، إذ يعتقد البعض أنّ أنظمة اللقاح الأصلية كانت كافية لإبعاد معظم الناس عن المستشفى، وأنّ هذا ما يجب أنّ يكون المقياس الحقيقي لنجاح اللقاح.

وأوضح اختصاصي المناعة بجامعة روكفلر في نيويورك، ميشيل نوسينزويغ، بأنّ الوقاية من جميع الإصابات هي قضية خاسرة، مضيفاً: "في النهاية الأهمّ هو إبقاء الناس خارج المستشفى"، لافتاً إلى أنّ اللقاحات نجحت في إبعاد الناس عن المستشفيات، وحدّت من الأعراض الخطيرة إلى حد كبير.

ويلفت الخبراء إلى أنّه "بالنظر إلى زيادة تفشي متحور (أوميكرون)، يجب أن يحصل الأميركيون على جرعة ثالثة خلال أسرع وقت ممكن".

لكن عالم الفيروسات بمعهد "لا غولا" لعلم المناعة في كاليفورنيا، شين كروتي، حذّر من أنّه "حتى مع هذه الكمية من الأجسام المضادة، من الصعب جداً إيقاف الفيروس لفترة طويلة جداً، والأفضل أنّ يكون هناك لقاح ضد متحوّر (أوميكرون) الجديد".

وفي وقت سابق، أفادت شركات اللقاحات "فايزر" وشريكتها "بيونتيك"، إضافةً إلى "موديرنا" و"جونسون آند جونسون"، بأنّهم يختبرون لقاحات مصممّة للحماية من متحور "أوميكرون" تحديداً.

وقال الخبراء إنه إذا كان الهدف هو تعزيز المناعة ضد "أوميكرون" أو المتغيّرات المستقبلية، فإنّ التكتيكات الأخرى ستكون أفضل من التعزيزات المستمرّة للقاح المصمّم لتعرّف الفيروس الأصلي. وتقوم بعض الفرق البحثية بتطوير ما يسمّى بلقاح فيروس كورونا الشامل المصمَّم لاستهداف أجزاء من الفيروس تتغيّر ببطء شديد أو قد لا تتغيّر على الإطلاق.

ويُمكن دمج اللقاحات الحالية مع اللقاحات المعزّزة للأنف أو الفم، والتي تعتبر أفضل في الوقاية من العدوى، لأنها تغلّف الأنف والأسطح المخاطية الأخرى، وهي نقاط دخول الفيروس، بالأجسام المضادة.

ويؤدّي السماح بمزيد من الوقت بين جرعات اللقاح أيضاً إلى تقوية المناعة، وهو درس تعلّمه العلماء في مكافحة مسبّبات الأمراض الأخرى.

ويرى بعض الخبراء أنّ تبنّي استراتيجيات أخرى غير اللقاحات للسيطرة على انتشار الفيروس قد يكون فعّالاً. وتلفت عالمة الأحياء التطورية بجامعة شيكاغو سارة كوبي إلى أنّ "تحسين التهوية في المدارس سيحدّ من انتشار الفيروس التاجيّ بين الأطفال وجميع معارفهم".