الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

علاجات فاعلة أم لقاحات تُجرى لأول مرة... ما هو الأفضل لمواجهة كورونا؟

المصدر: النهار
ليلي جرجس
ليلي جرجس
شكوك حول اللقاحات وتباين في العلاجات.
شكوك حول اللقاحات وتباين في العلاجات.
A+ A-

تتجه الأنظار اليوم إلى اللقاحات التي تنتظر الحصول على موافقة الترخيص من منظمة الصحة العالمية وإدارة الغذاء والدواء. اللعبة التجارية تحتل مكانة مهمة في هذه المنافسة. الشكوك كثيرة والهواجس أكثر. الكل يريد الانتهاء من هذه الجائحة، إلا أن ذلك لا يعني أن نسير في مقولة "الغاية تبرر الوسيلة". الجدل الطبي والعلمي يرافق فيروس #كورونا منذ ظهوره الأول. آمال كثيرة اندثرت في بعض العلاجات الواعدة وأخرى نتمسك بها للتخفيف من نسبة الوفيات وحدّة الأعراض. وفي ظل اشتداد المعركة وقساوتها، بريق خافت بدأ يُغّير مسار هذا الوباء، فهل تنجح اللقاحات بالرغم من كل علامات الاستفهام التي ترافقها حول مأمونيتها وفعاليتها في القضاء على الفيروس، أم إن العلاجات الفعالة تبقى أكثر أماناً وفعالية؟
في العودة إلى تاريخ علم الوبائيات، لم تستطع البشرية مجابهة أوبئة كثيرة، وقليل منها تم القضاء عليه نهائياً ومنها الجدري. فهل التعويل على اللقاحات سابق لأوانه استناداً إلى التجارب الأخرى مع الأوبئة؟ الإيبولا أكثر فتكاً من كورونا بنسبة وفياته، ومع ذلك لم يتوصل العلماء إلى لقاح له، ربما لأن اهتمام الباحثين محدود مقارنة بهذه الجائحة التي ضربت العالم أجمع. المصالح تختلف وكذلك السياسات، وهذا أكبر دليل على أن ليست كل الأوبئة والأمراض تلقى الاهتمام نفسه في عالم تتحكم به المصالح التجارية والاقتصادية والسياسية أكثر من الخدمة الإنسانية والطبية.
تؤكد رئيسة قسم الأمراض الجرثومية في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، الدكتورة سهى كنج، "أن ليس كل مرضى كورونا متشابهين، كل مريض له معطيات وخصائص مختلفة عن غيره. ومع ذلك تُشكّل بعض العلاجات أساساً في علاجاتهم الاستشفائية وأهمها الأوكسجين، والكورتيزون للمرضى الذين يعانون من نقص في الاوكسجين، إذ ظهر أن علاج الكورتيزون عند هؤلاء المرضى ساعد في التخفيف من نسبة الوفيات بشكل ملحوظ. وهذا ما نعتمده اليوم عند علاج المريض الذي يدخل إلى المستشفى، وهذا العلاج القديم أثبت فعاليته وقد شملته منظمة الصحة العالمية في دراستها من ضمن العلاجات الفعالة ضد كورونا.
ويُشكّل دواء الـRemdesivir في مرحلة مبكرة من العلاج خياراً أساسياً ومهماً بالرغم من التباين الطبي حوله. فبالرغم من أن دراسة منظمة الصحة العالمية أظهرت أن هذا العلاج لا يؤثر على مرضى كورونا، إلا أن هناك دراسات عديدة وكبيرة أثبتت خلاف ذلك، وتوصلت إلى أنه ساعد في تخفيف وطأة المرض والأعراض وسرّع في عملية الشفاء (المريض الذي يتلقى الـRemdesivir يتماثل إلى الشفاء أسرع بـ4-5 أيام من المريض الذي لم يتلقَّ الدواء شرط إعطائه في وقت مبكر وليس في مرحلة متأخرة من الإصابة)
كذلك، نعتمد في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت على بروتوكولات علاجية عديدة أولها الأدوية المسيلة للدم لمنع التجلطات، خصوصاً بعد معرفتنا بما قد يُسببه الفيروس من تجلطات ليس فقط رئوية وإنما في أجزاء أخرى من الجسم.
كما تتوافر علاجات أخرى حسب حالة المريض وحاجته، ومنها أدوية لتخفيض مناعة الجسم التي نلجأ إليها في مرحلة ثانية من الالتهاب، نتيجة مقاومة المريض للفيروس بطريقة مفرطة حيث يُقاوم خلايا جسمه (مثل الـActemra)، بالإضافة إلى علاج البلازما عندما تكون حالة .المريضة متقدمة أو شديدة
 

وماذا عن اللقاحات؟
 
برأي كنج أنها "كاختصاصية في الأمراض الجرثومية أشدد دائماً على أهمية الوقاية التي تُعتبر أهم من كل علاج، وهناك قسمان من الوقاية: الأولى، ترتكز على ارتداء الكمامة والالتزام بالتباعد الاجتماعي وتعقيم اليدين، أما الثانية فتعتمد على لقاح آمن أثبت فعاليته ولم يُسبب أعراضاً جانبية على المدى الطويل.
ويجب أن نعرف أن دراسات اللقاحات دقيقة وعلينا معرفة كيفية تحليلها. وكما نعلم، يقسَّم المتطوعون إلى مجموعتين، مجموعة تتلقى اللقاح وأخرى تتلقى علاجاً وهمياً، وبعد ذلك يستكمل المتطوعون حياتهم بشكل طبيعي، ولأن الفريقين لم يتعرضا للفيروس بالطريقة نفسها، علينا أن نتطلع أكثر إلى كيفية تعريض المتطوعين إلى الفيروس وماذا نعني بـ90 أو 95% من فعالية اللقاح؟ يتعرض كل شخص بطريقة مختلفة عن الآخر للفيروس؛ نسبة الفيروس التي تعرّض لها والمخالطون له... لذلك عندما نتحدث عن لقاح علينا أن نكون على اطلاع بكل هذه التفاصيل المهمة والعلمية".
 
مشيرة إلى أن "ما نعرفه عن اللقاحات كان من خلال بيانات صحفية أو press release ونحتاج إلى الاطّلاع على الدراسات بشكل دقيق لمعرفة تفاصيلها وكيفية تعرض المتطوعين للفيروس وكمية الفيروس حتى نتوصل إلى اللقاح الذي يعتبر الأفضل والأكثر مأمونية وفعالية. وبالتالي حصلنا اليوم على المعلومات الأولية لهذه اللقاحات في انتظار نشر الدراسات بكل تفاصيلها العلمية".
وما هي الأوبئة التي لم نتمكن من الوصول إلى لقاح لها؟ تُجيب كنج: "هناك أمراض كثيرة ليس لها طعم أو لقاح، ومن أهم هذه الأمراض والتي تعتبر أكثر فتكاً بكثير من كورونا هو فيروس "إيبولا" الذي تسبب بنسبة وفاة 90% من مصابيه ولم يتم إيجاد لقاح له. الفرق اليوم أن كل العالم متضرر ومنهك من كورونا على خلاف الإيبولا الذي أصاب الدول الأفريقية والذي لم يفرض تسيير كل المنظمات الصحية وشركات الأدوية بهدف دراسة هذا الوباء لإيجاد لقاح له. مع العلم أن فيروس إيبولا هو أكثر فتكاً بالوفيات من كورونا".
 

آمال وخيبات
من جهته، يوضح رئيس قسم الأمراض الجرثومية في مستشفى "أوتيل ديو" الدكتور جاك شقير لـ"النهار"، أن "المعطيات الطبية الدولية لا تشير إلى دواء فعال 100% لفيروس #كورونا، صحيح أنه في بداية العام (عند ظهور الفيروس) اعتمدنا أدوية ضد فيروسات أخرى مثل الـ lopinavir–ritonavir، أو أمراض أخرى مثل هيدروكسي كلوروكوين والمضاد الحيوي الـ Antimycin والتي جميعها فشلت ولم تعد مدرجة في البروتوكولات العلاجية للكورونا.
وجاءت الخيبة بعد الآمال الكبيرة التي علّقت على بعض هذه الأدوية، أما اليوم فنعتمد على علاجات أخرى وأهمها الأدوية المسيلة للدم خصوصاً عند المرضى الذين لديهم عوامل خطر، لمنع التجلطات عند الإصابة بالفيروس. كما نلجأ إلى علاج الكورتيزون عند المرضى الذين يعانون من نقص الأوكسجين، لتخفيف الوجع وتحسين حالة المريض حتى لا يحتاج إلى العناية الفائقة.
إذاً، هذان العلاجان أثبتا فعاليتهما اليوم عند بعض الحالات وليس كل حالات الكورونا".
مضيفاً: "توجد أيضاً علاجات أخرى نلجأ إليها عند الحالات المتقدمة أو الشديدة مثل دواء الـRemdesivir بالرغم من بعض الدراسات غير المشجعة له، إلا أنه قد يساعد بعض المرضى على التحسن. وعلينا أن نعرف أنّ لا يوجد دواء ليست له آثار جانبية أو ردة فعل، ولكن أحياناً حاجتنا إلى الدواء تكون أكبر من ردة الفعل التي قد يحدثها.
كما هناك أدوية للتخفيف من حدّة مناعة الجسم ضد الفيروس،خصوصاً في المرحلة الثانية من كوفيد_19، بالإضافة إلى التنفس الإصطناعي والرئة الإصطناعية لإنقاذ بعض المرضى من خطر الموت".
يشدد شقير على أن "ليس هناك دواء خاص لمواجهة كورونا حتى الساعة على خلاف الإنفلونزا، وعليه نأمل أن يساعد اللقاح للقضاء على هذا الوباء. وبالتالي يعتبر اللقاح حاجة، ويوجد حتى الساعة أكثر من 120 تجربة والتي ستنتهي بالوصول إلى 5 أو 6 لقاحات فعالة.
وكما بات معروفاً، قبل طرح أي دواء في السوق عليه أن يمرّ بثلاث مراحل لمعرفة مدى قدرة هذا الدواء وفعاليته واحتمال حدوث ردات فعل ودرجتها (هل تكون وخيمة أم بسيطة).
 

موافقة اللقاح أكثر دقة وحساسية
بحسب الأشقر "من المهم أن نشدد على أن طرح الدواء مخالف للقاح، فهذا الأخير ليس موجهاً لفئة محددة وإنما لكل العالم. وعليه، يجب التأكد من عدم وجود ردة فعل وفي حال وجودها يجب أن تكون بسيطة جداً وخفيفة. ويُشكّل تجمع "كوفاكس" أملاً كبيراً لأنه يسعى إلى تأمين اللقاحات إلى كل الدول بطريقة متساوية وعادلة. ولن نتخلص من هذه الجائحة إلا بتضافر كل الجهود وتوفير التطعيم لكل الناس".
ويؤكد رئيس قسم الأمراض الجرثومية في أوتيل ديو، أنه "لا يمكن لمنظمة الصحة العالمية والمنظمات الصحية الدولية أن تطرح لقاحاً في السوق يتفقر إلى المأمومنية والفعالية، وعليه يستحيل إعطاء لقاح لديه مخاطر أو قد يتسبب بوفاة. لذلك عند الإعلان عن لقاح فعال وآمن لا مجال للتشكيك، ولا مجال للإنتظار لمراقبة ما قد يحدثه هذا اللقاح عند المتلقين. المسألة كلها مرتبطة بالثقة، فإما لدينا ثقة بهذه المنظمات الطبية أم لا".
لقاحات أزالت بعض الفيروسات من الوجود
واستذكر أنه "لو عجزنا عن التوصل إلى لقاح ضد بوليو أو شلل الأطفال، لما كان لبنان اليوم خالياً منه منذ عشر سنوات. ولو ما اقتنعت الناس في 1970 بالتطعيم ضد الجدري لما نجحنا في القضاء عليها واختفائها. إذاً، الهدف القضاء على الفيروس وزواله نهائياً لأن الفيروس يعيش بالإنسان وعند تلقي اللقاح يختفي الفيروس. لذلك دورنا اليوم التحلي بالمسؤولية والوعي وأن نتضامن ونساعد بعضنا حتى نتخلص من هذا الوباء".
ويختم قائلاً: "نحن أمام تحديات كبيرة وعلينا التفكير في كل التفاصيل المتعلقة باللقاح سواء طريقة تخزينه وتوزيعه وتحضير الفريق المختض لإعطائه. وعلينا التحضير وتجهيز لبنان لاستقبال أي لقاح، وهذه مسؤولية تترتب وضع خطة متكاملة لتنظيم آلية تخزينه وتوزيعه وضمان عدم هدره نتيجة سوء الإدارة والتنظيم".
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم