الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

"نهاية كورونا آتية لا مهرب منها"... فهل مصيره كمصير "سارس"؟

المصدر: النهار
نور مخدر
نور مخدر
انتهاء وباء كورونا (تعبيرية).
انتهاء وباء كورونا (تعبيرية).
A+ A-

بات معروفًا أنّ الفيروسات التي تتألف من حمض نووي ريبي (RNA)، تخضع لتعديلات جينية وطفرات مستمرة على غرار فيروس كوفيد-19. وذلك يرتبط بعامل اللاثبات الموجود في هذا النوع من الحمض النووي. هذه المعادلة العلمية أُثبتت بسلالات كورونا التي اختلفت بين مقرّ انتشارها، مدينة ووهان، والنوع البريطاني، الذي أدّى إلى تعديل بنوعية الفيروس من ناحية سرعة انتشاره لا حدته.

من هذا المنطلق، وضعت فرضيات عدّة عن قُرب نهاية فيروس كورونا، آخرها الدراسة التي أعدت في مدينة كاليفورنيا حول إمكانية أنّ "يدمر الفيروس نفسه" نتيجة التحديثات المستمرة فيه. هذا يتوافق مع تصريحات بعض الأطباء التي سمعناها في الأسابيع الأخيرة. فهل يمكن البناء على هذه التوقعات؟ وما مصير رحلة التطعيم ضدّ الوباء؟

"نهاية كورونا آتية لا مهرب منها"

 من وجهة نظر الباحث في علم المناعة والأستاذ الجامعي الدكتور حسان سعيّد، أنّ فيروس "كوفيد-19" يتضمن مجموعة جينات أساسية، منها تنتج النتوءات والغلاف الخارجي وغيرها. هذه المجموعات تصاب بتعديل جيني. وكلما تحدثت، تضع العالم أمام خيارين: إما ازدياد حدّة الفيروس أو اكتساب مواصفات جديدة، كالنوع البريطاني، أو تضعيف للفيروس.

ويربط الاحتمال الثاني بعامل الوقت، تخوفًا من انقسام جيني يقلب المعادلة، أي يصبح الفيروس أكثر فتكًا مما هو عليه. وذلك يأتي في ظلّ غياب أي مؤشر يحسم اختفاء الفيروس.

هذه المعادلة التي حددها الباحث في علم المناعة، تشرحها الأكاديمية والباحثة في علم الأدوية بالكلية الملكية البريطانية في لندن، الدكتورة ميس عبسي،  وتقول إن تراكم الطفرات وتطورها لا يؤدي فقط إلى ازدياد حدة فيروس كورونا، بل قد يساعد على اختفائه بشكل تدريجي، كما حصل مع فيروس الانفلونزا عام 1918 أو التعايش معه على غرار الرشح.

مقاربات علمية مع فيروس سارس الأول

برأي عبسي أنّ فيروس سارس بنسخته الأولى، التي ظهرت عام 2003 واختفت في العام التالي أي 2004، ارتبط سبب اختفائه بالقدرة على عزله لا على تراكم الطفرات، نظراً لأنّ العدوى تصيب الفرد بعد ظهور الأعراض، التي كانت شديدة. وعليه، كانت عملية احتواء المرض تتم في مراحل مبكرة، ما حدّ من عملية انتشاره. في المقابل، جاء فيروس كوفيد_سارس 2 على عكس الفيروس الأول، كون العدوى تنتقل قبل ظهور الأعراض على المصاب.

 

هل سيتوقف الفيروس عن الانتشار؟

يتوافق سعيّد مع عبسي في ترجيح احتمالية أنّ فيروس كورونا سوف يتوقف عن الانتشار نظراً لتحصين مناعة الفرد عبر تلقي اللقاح أو الاصابة الطبيعية بالفيروس.

وفي حال تحققت هذه الاحتمالية، فإنّ الفيروس سيستمر على مستوى منخفض، لكنّ، كل شيء يتوقف على استمرارية المناعة المكتسبة.

واستناداً إلى الدراسات الحديثة، إنّ المناعة تستمر لمدة ثمانية أشهر. ووفق عبسي، قد نشهد في فترات متباعدة ارتفاعاً في أعداد الاصابات ومن ثمّ انخفاضه. ورغم ضآلة هذه الفرضية، يتوقع العلماء استمرار المناعة أكثر من هذه المدة الزمنية، وقد تصل إلى عامين.

وفي مقارنة مع فيروس سارس 1، استمرت الأجسام المضادة لمدة عامين كاملين بعد الاصابة به. وفي حال تكوّن المناعة على هذه الفترة الزمنية، سيكون هناك عملية تطعيم سنوية على غرار الانفلونزا.

وعليه، يُحدد موضوع استمرار المناعة المكتسبة مدى انتشار الفيروس.

ماذا عن انتقال هذا الفيروس؟

إذا كان الفيروس ينتقل من الحيوان، هناك توقع بحصول وباء عالمي جديد. من هنا، تأتي أهمية اتخاذ دول كالصين إجراءات مشددة في التعامل مع الحيوانات. وذلك لأنّ انتشار فيروس سارس 1، كان نتيجة انتقاله من الحيوان إلى الانسان والأمر عينه تكرر مع الإيبولا.

بالتالي، من الصعب القضاء على الفيروسات بشكل نهائي. بمعنى أوضح، إذا لم يوضع حدّ لعملية التعامل مع الحيوانات، سوف نشهد وباء عالمياً جديداً، وفقاً لما حدث مع فيروس سارس 1، الذي اختفى ثمّ ظهر بعد سنوات وباء كورونا.

ما هو السيناريو الأقرب للإجراءات المتخذة؟

 
 في حال تلقي اللقاحات بشكل واسع والوصول إلى علاجات تخفف من شدّة الأعراض وحدّة المرض، يؤدي ذلك تدريجيًا إلى الحدّ من انتشاره وصولاً إلى التعامل معه كالرشح. ومن المعروف أنّه يوجد 4 أنواع من فيروس كورونا تسبب الرشح. وبالتالي، قد ينتهي كوفيد-سارس 2، وهو فيروس كورونا الخامس، بأعراض رشح عادية.
 

ماذا عن سيناريوات أكثر فتكًا؟

وفي مقاربة سريعة أجرتها الباحثة في علم الأدوية مع الرشح، الذي يتألف من مجموعة فيروسات، تختلف عن بعضها البعض، وتظهر بشكل موسمي، على سبيل المثال: فيروس H1N1 FLU، الذي حدث عام 2009، لم يختفِ بل بات فيروساً فصلياً. ويتم تلقي اللقاح بشكل سنوي ضدّه.

هذه فرضية محتملة أيضًا من ضمن السيناريوات التي قد يسلكها فيروس كورونا في نهاية المطاف.

ورغم ترجيح الباحث في علم المناعة إمكانية تحول جيني في الفيروس أكثر شراسة، تستبعد عبسي أنّ يتحول فيروس كوفيد إلى أعراض أقوى، تُسبب أعداد وفيات أعلى. ففيما يتعلق بكوفيد_سارس، وبعد مضي عام على ظهوره، من الواضح وفقًا للتغيرات التي مرّ بها، التي تجاوزت 5 آلاف تغير، إضافة إلى وجود 7 تحولات مختلفة، ظهرت في بريطانيا، والبرازيل، وجنوب أفريقيا، لا يوجد أي دليل على أنّ سلوك الفيروس قد تغيّر بهذا الاتجاه، عدا عن انتشاره الواسع.

بناءً على هذه الفرضيات، ونتيجة أعداد الاصابات المرتفعة واللقاحات، قد يكون العالم أمام حلّ من اثنين: الأول، تحول كورونا إلى فيروس فصلي كالانفلونزا، والثاني، يصبح على غرار الرشح.  

وعليه، الحلّ الوحيد، الذي يشدد عليه سعيد وعبسي، في ظلّ عدم القدرة على حسم نتيجة توجهات الفيروس بشكل نهائي، لأنه من سلوكه الطبيعي الاستمرار بالتبدل والتغير، يعدّ تحصين المجتمعات عبر تلقي اللقاحات، من أجل اكتساب مناعة ضدّه، وخفض معدل الوفيات، لا سيما عند كبار السن، نتيجة غياب جسم مضيف له، يصل في النهاية إلى السيطرة عليه واختفائه.

 

 

 

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم