الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

الأم المستثمرة رشا نهرا كريدي... الحياكة بديلاً عن الفرصة الضائعة

المصدر: "النهار"
كميل بو روفايل
كميل بو روفايل
رشا نهرا كريدي (تصوير حسام شبارو).
رشا نهرا كريدي (تصوير حسام شبارو).
A+ A-
جميل جدّاً أن يتداخل عالم الأعمال مع الحسّ الاجتماعي، لكن الأجمل هو دمجه مع الأمومة. تستحق قصّة رشا نهرا كريدي التوقف عندها، لأنها مليئة بالعلاقات الاجتماعية، وأحاسيس الأم التي تحتاج بعد الولادة للكثير من الدعم. قررت كريدي بعد أن أنجبت طفلتها، أن تشتري لفّة طفل تسمح لها بحمل ابنتها من دون مسكها، بشكل يحافظ على ظهر الأم والطفلة، كذلك أرادت شراء غطاء للرضاعة الطبيعية يسمح لها بإرضاع ابنتها في المجتمع، بطريقة تتيح لها
رؤية الطفلة. لكنها لم تعثر عليهما في السوق ما اضطرها إلى اللجوء للاستيراد.

بعد ذلك قررت كريدي صنع هاتين السلعتين في لبنان، وساعدها على هذا الأمر خلفية والدتها في مجال الحياكة. استغرقت الأبحاث أشهراً عديدة لمعرفة نوعية الأنسجة الواجب استخدامها، وكيفية الحياكة. بعد العثور على نوع القطن هذا، وتعلم أصول استعماله لصنع لفّة الطفل، وغطاء الرضاعة الطبيعية، انطلقت في مشروعها، وأخذت تسوّق لهذه البضائع على صفحاتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
 
(تصوير حسام شبارو).
 
اللافت في قصة كريدي أنّها على علاقة مع كل أمّ تشتري من هذه الأنسجة، فتزورها وتعلّمها كيفية استخدامها، وتبقى على اتصال معها إن احتاجت لأيّ مساعدة. تبيع السلع تحت شعار “MyHokeyPokey” وتخبر بأنها بعد فترة من انطلاقها في هذا المجال، اتصلت بها أمّ من إحدى الدول العربية لشراء هذه الأقمشة، وهي الآن تصدّر إلى العديد من الدول، وتخطط للتوسّع.
 
للوصول إلى البلدان العربية، كان على كريدي الاستعانة بفريق للقيام بعمليات الحياكة والتطريز. لذلك حرصت على أن يكون الفريق مكوّناً من عدد من النساء المتزوجات، حتى تتيح لهنّ فرصة عمل، ويحصلن على مدخول إضافي، ليكون ذلك شقّاً اجتماعياً مهمّاً راعته في استثمارها.
 


جودة السلعة هي الأساس عندها، لأنها أنسجة ستحتكّ بجسد طفل حديث الولادة، ما يستتبع انتقاء نوعية القماش بعناية فائقة، وهكذا فعلت. وحرصت على أن تسهّل لفة الطفل عملية حمله لفترات طويلة، لكن من دون أيّ آثار على ظهر الأم، وهذه اللفة جيّدة للولد أيضاً الذي يبقى ظهره مستقيماً. وغطاء الرضاعة الطبيعية سيتيح للسيدة التي أنجبت حديثاً، فرصة التنقل بسلاسة مع الطفل وإرضاعه في الأماكن العامة، بجيث تتمكن الأم من رؤية الطفل تحت هذا الغطاء، الذي يحجب العملية عن الآخرين. تحيك كريدي الغطاء واللفة وغيرهما من السلع الخاصة بالأمهات، وتقول: "في هذه الظروف المعيشية الصعبة، هناك الكثير من الأشخاص الذين يفضلون تقديم هدايا من هذا النوع للأم، لأنها مفيدة وضرورية، وهي محلية الصنع وبأسعار منافسة".
 
فيما تبحث العديد من الأمهات عن سبيل للهجرة وتأمين فرص للعائلة في الخارج، تسعى كريدي لتطوير إنتاجها ومضاعفته، لتصدير أكبر عدد من السلع والحصول على العملة الصعبة بهدف استمرار المشروع. تؤمن كريدي بلبنان رغم كل الأزمات التي يمر بها، هي التي خسرت وظيفتها بسبب الأزمة الاقتصادية ولم تستسلم، وتفرغت بشكل كامل لمشروعها “My HokeyPokey” الذي انطلقت به قبل التسريح، لتحلّ مبادرتها الريادية بديلاً من فرصتها الضائعة. وهي تؤكّد لكل مستثمر لبناني أنّ سرّ النجاح يكمن في الإيمان بالمُنتج الذي طوّره، حتى يستطيع إقناع المستهلك بجودته، وقدرته التنافسية في وجه مثيله الأجنبي.

الحاجة أمّ الاختراع، فالعديد من الحاجات أتت لتُفعِّل مبادرات الجيل الشابّ في الوقت الراهن في لبنان. فبالإضافة إلى حاجة كلّ أمّ لمنتجات “My HokeyPokey”، كانت الحاجة إلى فرصة عمل لكريدي، محركاً إضافياً لتوسعة المشروع. لا يعرف اللبناني الاستسلام ولا الانهزام. هو الذي شاهد عاصمته مدمرة في الحرب ولم يرحل، رآها اليوم مدمرة فازداد عزيمة وصلابة. مبادرة صغيرة حرّكت الأمور لدى بعض الموردين، وأتاحت فرصة لبعض السيدات، وضخّت في السوق منتجاً ضرورياً للأم. لذلك لا ينبغي لأيّ مواطن الاستهانة بقدراته التغييرية.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم