السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

سيراميك يشق طريقه وسط الضباب وشابة "بتحاسب ع اللبناني"

المصدر: النهار
هنادي الديري
هنادي الديري https://twitter.com/Hanadieldiri
سيراميك يشق طريقه وسط الضباب وشابة "بتحاسب ع اللبناني"
سيراميك يشق طريقه وسط الضباب وشابة "بتحاسب ع اللبناني"
A+ A-
مشاهد مأخوذة من رواية قصيرة كتبها فريق عمل "النهار" في مُحترف مُسيّج بالسحب الداكنة، يُحاول التكيّف مع الواقع على مضض. مُحترف مؤلّف من غرف عدة وفناء خلفي يحضن جنينة قد تبدو شاسعة، لكنها في الحقيقة "مكنكنة". تُشرف على العاصمة الجريحة. هذا الصباح، تبدو العاصمة بعيدة، لا نصل إلى آثار ندوبها التي تصر على التدفق في إتجاه أحلامنا. نغض الطرف عن مشاهد ما بعد الكارثة المحفورة في روحها، رغبة منا في كتابة مشاهد جديدة أكثر رقة. رواية قصيرة بطلتها شابة "ما بتحب تعمل دعاية لحالها" حفاظاً على الحميميّة التي تثور على المُتطفلين. السيراميك يشق طريقه وسط الضباب الكثيف. وأمطار قد تبدو "نيّتها" للوهلة الأولى "قاسية". والمشهد في هذه اللحظة يتطلّب منّا الجلوس أمام مدفأة ليست في الواقع موجودة، نقضم أصابع اليدين في حركة عصبيّة، وسُرعان ما تُهدهد الألوان والحركات المنتظمة بين اليد والسيراميك، التي يُنجزها الطلاب وأعضاء المحترف، خوفنا من المجهول. هذه الشابة "بتحاسب باللبناني" على الرغم من إرتفاع أسعار مستلزمات السيراميك. "وما بتعمل دعاية لحالها". تريد أن يبقى المحترف مريحا، cozy. المبنى قائم في شارع صغير في برمانا المشهديّة. البرد قارس هذا الصباح، وفريق عمل "النهار" ينزل السلالم المؤدية إلى محترف Earthing Ceramics من دون أن يعرف سلفاً بأن "تحت الأرض" توجد عوالم جميلة تختبئ بين السحب الداكنة. بعيدة من المُتطفلين. قهوة جاهزة وجهاز التسخين يبث بعض دفء، وسرعان ما يقتحم الصقيع الجسد متسللاً من الباب الفتوح الذي يفضي إلى الفناء الخلفي. جنينة قد تبدو مديدة، لكن الضباب يعطيها إطلالة أكثر رقة. وبيروت الجريحة بعيدة، وجويس سماحة شامي تقطن برمانا منذ 14 عاماً، وعلى الرغم من هدوء المنطقة وسكونها الذي يغوي الإبداع، تضحك قائلة، أنها بالنسبة لها "مدينة، وبضل بحاجة إهرب منّا عالجبل من وقت للتاني". السيراميك "وين ما كان"، بكل الألوان، والموسيقى الخلفيّة تتداخل مع الأحاديث الجانبيّة، و"تفضلوا فوتوا، النهار عم بيصوّروا". الجميع يحتاج إلى هواية صناعة الخزف ليهرب بعيداً من كل ما يحيط بنا من ألوان قاتمة. جويس "بتحاسب ع اللبناني"، مع أن المواد التي كانت تكلّفها 2خ ليرة، "صار حقّها 120 ليرة!". تصر على شراء الجبنة الشهيّة من اللبنانيّين، حتى الأجنبيّة منها كـ"البري". وتروي عن إكتشافها أحد المبدعين الذي يصنع أطيب أصناف الجبنة الغربية متوسلاً المكونات المحليّة. "لازم نصير Sustainable. ليش بدنا نضل متكلين على الإستيراد من الخارج؟". وتؤكد أن الناس يتوافدون إلى المحترف القائم في برمانا الأنيقة، بالرغم من الصعاب والخوف والتوتر. تضحك مجدداً، قبل أن تضيف، "قصّتي مع السيراميك قصّة". فبعد تخصصها بالسمعي والبصري وعملها في مجال التصوير، وبعد تكوينها عائلتها، راحت تبحث عما تحب. "وشفت حالي عمري سبعين وعم بعمل سيراميك". طلاب الشابة يقولون عنها إنها صبورة. والأكيد أنها "قليل ما بتحط على السوشال ميديا. ولا مرة شايفتا معصّبة". كيف يمكن أن يشعر المرء بالتعصيب وسط هذه الأجواء الساكنة؟ الصقيع يتسلّل من الباب الذي يُشرف على الضباب. جويس تطلب من الطلاب  توسل اليدين من دون الإتكال على آلة الخزف. تعلّمهم العديد من التقنيات، وتطلب منهم بعدها الإنطلاق بإستقلال نحو نزوات مخيلاتهم. ترى في تقاسم المعرفة، ما يشبه العلاج النفسي. والأكيد أنها "ما بتفكر تهاجر". لبنان، بالرغم من الرعب المتدفق من حناياه في إتجاه أحلامنا، "هيدا لبنان تبعي".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم