الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

#خلصنا_نزيف - عدد خاص من "النهار"... اغضبوا، اكتبوا، ولا تستسلموا

المصدر: "النهار"
#خلصنا_نزيف
#خلصنا_نزيف
A+ A-
لماذا هذا العدد، وفي هذا اليوم بالذات؟

في يوم عطلة صحيفة "النهار" الورقية، صدر عدد "خلصنا نزيف"، ليعلن أنه عدد استثنائي، مرتبط بعيد الحبّ، لأننا في أمس الحاجة إلى الحبّ، الذي يجمع ولا يفرق، يغفر ويسامح ولا ينتقم، يوّحد اللبنانيين بعيداً عن انقسامات لا طائل منها. وإذا كان الأحمر يرمز إلى الحبّ، فإنّه أيضاً رمز الشهادة.

تلك الشهادة التي تذوّقنا طعمها المرّ في "النهار"، وتذوّقها اللبنانيون مراراً وتكراراً، وآخر فصولها ضحايا الدولة الفاشلة في انفجار المرفأ، هذه الشهادة تمثّلت في أحد أقوى فصولها وأكثرها تأثيراً في المجرى السياسي، في 14 شباط 2005، مع جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

ولا ننسى الاغتيال المدويّ للكاتب والمفكر لقمان سليم الحاضر في المشهد السياسي والعاطفي بتداعياته.

٤٨ كاتباً وصحافياً وناشطاً واختصاصياً ومواطناً، عبّروا عن علاقة الحب والدم في مقاربتهم للواقع اليوم.
حكوا عن الانهيار والنزيف واليأس والحلول وممّرات الوصول الى وطن تتمظهر العدالة كممر أساسي لبلوغه.
 
وإذا كان اليأس ملكاً عند كثيرين، ففي حنايا الفجيعة، كان ترقب النور في آخر النفق المظلم غاية كثيرين أيضاً.

عدد "النهار" #خلصنا_نزيف يدعوكم الى التعبير عن صرخة الغضب على هذا الرابط: اضغط هنا


من قال أن التغيير ليس فعلاً تراكمياً؟ من قال أنه علينا اختيار الصمت في زمن الانهيار والنزيف؟ ندرك خيباتكم لكن أمانة لبنان تدفعنا دوماً الى محاولة عدم الاستسلام.

العدد تجدونه أيضاً الاثنين في السوق.
 
وفي ما يلي مقالات العدد الاستثنائي:
 
نايلة تويني: لولا فسحة الأمل... صامدون ولبناننا باقٍ
كلما اشتدت الأزمات، أعود إلى جبران تويني، والدي، في قسمه الشهير "نقسم بالله العظيم، مسلمين ومسيحيين، أن نبقى موحدين، إلى أبد الآبدين، دفاعاً عن لبنان العظيم"، لأجدني استمد منه ومن الجموع التي ردّدت القسم بصوت واحد، قوّة تسعفني وأبناء وطني، وتقوّيني للاستمرار في عملية إعادة بناء البلد.
 

 
نبيل بو منصف: سيقهرون اليأس... إنّهم أبناء القيامة
لم يشهد لبنان في تاريخ نشأته تمزقاً لدى أبنائه بهذا الحجم المخيف بين بقايا أمل في إنقاذه وإنسانه من أسوأ مصير أصابه ويأس مطبق من القيامة. وأقول كشاهد من أبناء جيل انفجرت الحروب وقت كنا في أول عمر المراهقة والشباب أنّنا على رغم عقود الحروب وما تلاها من مآسٍ وأزمات لم نعش مرة حقبة يائسة كتلك التي تطبق الآن على اللبنانيين جراء الكوارث المخيفة المتدحرجة التي تضرب لبنان منذ أكثر من سنة ونصف سنة. والحال أنّ المخيف الحقيقي ليس مرور لبنان بهذا التراكم من الانهيارات والكوارث الاقتصادية والمالية والاجتماعية والصحية فحسب، مقدار ما أمعنت وحفرت الأزمات في هذا الظرف الزمني من معالم دفع الإنسان اللبناني إلى يأس لم يقوَ عليه مرة بهذا المنسوب بما يعني تالياً إن دمار الأمل قد يكون أفدح الأثمان التي سيدفعها لبنان قبل كلّ التداعيات المادية والمعنوية الأخرى. هل تراهم اللبنانيون باتوا أهل عتمة وتقهقر وتخلوا عن تاريخ مديد مشرق من الشجاعة واجتراح البطولات في إعادة نفض اليأس والدمار النفسي والمعنوي؟


غسان حجار: هلّا توقّفنا عن حبّه من دون فعل حقيقي؟
تبدّلت نظرتي كثيراً إلى لبنان بعد انفجار المرفأ، وهو الانفجار الجريمة، في 4 آب 2020.

ليس عدد الضحايا هو السبب، وإن كان العدد يشكّل فاجعة، ولا الخسائر المادية التي لا ولن تُعوّض في ظلّ دولة مفلسة، وسارقة أيضاً، من رأسها إلى أسفل الهرم، ولا الأمراض النفسية التي صارت مزمنة وملازمة للبناني لكثرة المصائب؛ لكن الفاجعة الحقيقية تكمن في أسباب الانفجار، وفي التحقيقات التي تلته، وهي التي لن تبلغ أي حقيقة مرتجاة كما هو متوقّع انطلاقاً من تجارب معاشة في ملفّات سابقة، بحيث تغلب السياسة القضاء وتطيحه، هذا إذا افترضنا أنّ السلطة القضائية، وقد نخرها السوس، جادّة في عملها.
 
حازم صاغية- كاتب: ماذا نفعل بالوطن؟
على عكس ما تقوله الأغاني والأناشيد، ليس الوطن مقدّساً، هذا إن كان هناك ما هو مقدّس أصلاً. فهو يستحقّ التكريم بقدر ما يكون المواطن مُكرّماً وحرّاً فيه. والمواطن اللبنانيّ اليوم ليس حرّاً ولا مُكرّماً. هكذا يُجعل الوطن بيتاً للطاعة يؤدّيها الطرف الأضعف، وفي عداده المقتولون، للطرف الأقوى، وفي عداده القَتَلة.
 
ألكسندر نجار - روائي ومحامٍ وصحافي: نفق مظلم والأمل في الانتخابات
نحن في نفق مظلم، لدرجة أننا لا نستطيع رؤية أيّ شيء أمامنا. إنّ الطبقة الحاكمة التي تسيء معاملة هذا البلد دمّرته تماماً، ليطلق الفيروس التاجيّ رصاصة الرحمة. لكن يبقى أملي في الانتخابات التشريعية المقبلة، التي يجب أن تتمّ تحت سيطرة دولية. وأتمنّى أن يتمكّن أولئك الذين لم يصوّتوا في المرّة الأخيرة ونسبتهم 50%، أن يعبّروا عن خياراتهم. وكذلك ينبغي على المحبطين من الطبقة السياسية الحالية التصويت للتغيير.
 
ملحم خلف نقيب المحامين: ترابطنا معاً عضويّ والإقصاء بداية الخراب
الأمل هو ما نحتاج إليه اليوم. هذا يتطلّب منّا عملاً يومياً، وتحويله هدفاً نصبو إليه. هو منحى يجب التركيز عليه، لأنّه يحفّزنا على العيش، فلا شيء بلا رجاء. وترجمته تكون بتعالينا عن الصغائر والمصالح الضيّقة، مدركين أنّ مسؤوليةً جماعية تترتّب علينا ذات بُعد رسولي ووطني.
تستدعي الأمور اليوم منا مدّ اليد إلى الآخر، في محاولة للخروج من الحفرة التي تستوجب رمي البغض والحقد والعنف جانباً، والعودة إلى نقاط مشتركة نجتمع حولها ونؤسّس عليها. هذا أساس وجودنا وجوهر لبنان، ولا قيامة فعلية إلّا بالعيش معاً. والعيش معاً لا يقصي أو يستثني أحداً. صحيح أنّ ثمة صعوبات وعقبات أمام ذلك، ولكنها لن تُسقط أحلام شعب بأسره إذا كانت فعلاً مبنية على الرجاء الذي عمادُه الإيمان.
 
ميشيل تويني: من الحبّ ما قتل
من الحبّ ما قتل .

نعرف هذه العبارة ونردّدها، لكنّها أصبحت واقعاً.

حبّ لبنان قتلنا ويقتلنا ...

هذا الحبّ أخذ أغلى مَن لدينا. أخذ جبران تويني والكثيرين الذين استشهدوا.

هذا الحبّ أخذ ابتسامة غسان تويني الذي رحل مجروحاً بعد كلّ التضحيات والعطاء وكلّ ما وهبه للوطن.

وأخذ هذا الحبّ أجمل سنين حياتنا، فبتنا نسير بين الألغام، من حروب إسرائيل، إلى الانفجارات والإشكالات، حتى باتت معظم أيامنا مليئة بالخوف والقلق والإرهاق.

هذا الحبّ يجعلنا نأكل ونتنفّس ونعيش في بيئة غير ملائمة لنا ولأولادنا، ونحن نعلم ذلك وندرك الخطر.

هذا الحبّ يجعلنا نخسر كلّ ما كان متبقياً لنا، خصوصاً بعد مأساة 4 آب، إحدى أفدح جرائم التاريخ، التي جعلتنا نخسر أصدقاءنا وأحبّاءنا، ومنازلنا، وصحّتنا النفسية، وأحلامنا، بعدما دمّرت عاصمتنا.

هذا الحبّ يجعلنا نخسر كلّ ما نملك. ففي غضون 24 ساعة، تبخّرت كلّ مدخرتنا في المصرف!

هذا الحبّ قاتل. قاتل. قاتل.
 

 
"لو لم يكن لبنان وطني، لاخترتُ لبنان وطناً لي".
ما السرّ العجيب الذي يختصر تعلّقنا بهذه القطعة من الأرض، التي تكاد لا تظهر على الخريطة أو في حسابات دول أخرى ممتدّة على مساحات هائلة؟ ما هذا التعلّق العجيب بكلّ حبّة تراب، بكلّ سهل، بكلّ جبل، بكلّ نظرة من أهل، بكلّ ذكرى عن غزل، بكلّ بارقة أمل؟ أسأل نفسي هذا السؤال باستمرار منذ أن تفتّحت عيناي في وطن يرقص الناس في شوارعه على قرع الطبول؛ يسهرون في الملاجئ، ويتأمّلون بالغد الأفضل وهم يمرّون بين أكياس التراب التي زرعتها كلّ دول وأيديولوجيات العالم على أرضه...
 


بديع أبو شقرا- فنان: المرحلة خطرة والحريّة ضرورة مُلحّة
يتكرّر الكلام عن لبنان وبيروت؛ والمطلوب أفعال. خطابات من نوع أنّ لبنان سيقوم من تحت الردم، وهو سرعان ما سيتعافى، ويعود الأمل ليُضخّ في النفوس، وهو في كلّ مرةٍ يخوض الحروب، سيهبُّ لبناء ما تهدّم، وبأننا سنعود ذات يوم سويسرا الشرق؛ كلّها، في رأيي، شعارات مُستهلكة. المهم هو الفعل، فهل يكون لدينا بلد أو لابلد؟ هنا السؤال

مارسيل خليفة- فنان: كيف نُقايض "كلّنا للوطن" بغبار الدمار المغزول بالدّم والنّار؟
هكذا أكفُّ قليلاً عن عبث المسافة، وأخترع لنفسي كلّ يوم عودةً ما إلى الوطن البعيد. ما كان النوم متاحاً إلاّ في ساعات متأخرةٍ من الليل، أو في أختها المبكرّة من الصباح. ورأيتُ تدفُّق الحدث الدامي وكبرياء الألم في بيروت. حاولتُ إشغال نفسي بأمرٍ ما حتى أتجنّب الحقيقة المُرّة. ولكن... تعب الغربة، جحيم الوطن، وكم كتبناه على لحمنا ونثرناه في أغنية.

راغب علامة- فنان: طبقة حاكمة عميلة لأعداء لبنان
هذه الطبقة السياسية والحاكمة هي طبقة عميلة لأعداء لبنان لأنها دمّرت لبنان عن سابق تصوّر وتصميم! وما دامت هذه الطبقة الحاكمة موجودة، فمن المستحيل أن يكون هناك أي أمل للبنان وأي بصيص نور للخروج من هذه البئر الشيطانية التي رُمي بلبنان فيها بإرادة وتصميم وتخطيط وتنفيذ من هذه الطبقة! هم عارفون تمام المعرفة ماذا كانوا يفعلون لأن ما وصلنا اليه هو نتيجة ما خططوا لحصوله والوصول إليه وقد نفذوا مهمتهم بدقة. إنها الخيانة بكل تفاصيلها.

حسن جوني- رسام: النزفُ على رجاء القيامة
في نصوص وردت عن تاريخ لبنان، ثمة تأكيد لبقائه مُتأرجحاً بين الغياب الموقّت والظهور الموقّت. هكذا يعيش شعب لبنان ميزة الانتظار، وما هو مطلوب منه كي يكون "ظهوره" مشرقاً، كما عهدنا ونعهده وسنظلّ نعهده، برّاقاً في مختلف الأنشطة التي تثبت ديمومته الأبديّة. والشعب اللبناني المُعتاد على هذه المفارقات، لن يؤمن بالموت نزفاً إلّا على رجاء قيامته، وكأنّ الموت يزيد حياته كما أنّ حياته تتحدّى الموت نزفاً وإلى سيوف التعذيب ونوبات القهر... هكذا عرفتُ من تاريخه...يشتدّ بأسه كلّما ازداد يأسه على أمل قيامته من نوبات القهر، والنزف الموجع.
 


ابراهيم معلوف - موسيقي عالمي: لبنان الحبيب
لا صلاة غير الصلاة التي تُوحّد أولئك الذين لم يعد للخوف مكانٌ في قاموسهم. الخوف من العنف، ومن صنع السلام، ومن حب الآخر، الخوف من عدم استيعاب صدمات الماضي ولا هواجس المستقبل، والخوف من الإفراط أحياناً في فهم الآخر إلى حد التورط، وربما أيضاً الخوف من غياب التفاهم الكافي.
 
علي جابر- عميد كلية محمد بن راشد للإعلام في دبي: تركتُ لبنان ولن أسامح
من بُعد، ومنذ زمن، وأنا أرى السقوط الحرّ نحو الحفرة المظلمة التي لا قعر لها. منذ زمن، وينتابني شعور مخيف بعدم القدرة على فعل شيء. شعورٌ باللامفرّ، بالرغبة في الاستسلام. منذ زمن وأنا لا أرى في بلدي غير الحضيض. منذ زمن وأنا خائف على لبنان من التفكّك والانحلال والزوال، حيث نصبح شعباً مشرّداً، ملاحَقاً، نازحاً ومهجّراً، كأنّنا لم نتعلّم ممن هم حوالنا في فلسطين وسوريا، وما كنّا به من حرب وقتل على الهوية. تركتُ لبنان، لم أسامح، ولن أسامح. لن أسامح الشعب والجيش والمقاومة والنواب والوزراء والرؤساء والموظفين.

ابراهيم حيدر: لأجل لبنان نستحقّه ويستحقّنا... رهان على انتفاضة شبابية جديدة
كل المآسي التي نعيشها لا تدفعنا إلى الإقرار بالهزيمة، ولا تأخذ منا هذا الاعتراف أمام طبقة سياسية فاسدة أخذت البلد إلى الانهيار. أن نقرّر بوعي أننا لن نسقط أمام هول الجرائم المرتكبة بحقّ اللبنانيين، وأمام جائحة القتل التي عصفت بكل البنيان الاجتماعي وهشّمت نسيجه واغتالت شبابه، يعني أنّنا نتمسّك بلبنان والحياة بكثير من العنفوان ونرفض إحالة الهزائم والانكفاء إلى اندحار يطول ويتمدّد، نتحوّل معه بغير إرادتنا إلى متلقّين للموت كأنّه لعنة كُتبت علينا. نتمسّك أكثر بلبنان عندما نجد نقاطاً مضيئة برغم كلّ هذا الظلام والتوحّش، حين يخرج من بين الأنقاض مَن هو مستعدّ للمساعدة، فيهبّ هؤلاء الشباب لإنقاذ الناس من انفجار أودى بالمدينة، ويقضي طبيبٌ لياليَ حالكة في مواجهة الوباء لعلاج المرضى، أو موظّف يواظب على عمله ولا يقبل الرشى، ومعلّم لا يزال يؤمن بتربية الأجيال، لا يكترث لأخطار، ولشباب نزلوا إلى الشارع للتغيير. هؤلاء لا يزال الكثير منهم في لبنان؛ سلّم قيمهم الأخلاق، يمنحوننا الأمل وهم مَن يجعلوننا نحبّ لبنان ونعمل لأن يكون بلداً نستحقّه ويستحقّنا.


فرج عبجي: لبنان ليس فندقاً... وفيه باقون
لا شك أن ما نمر به في لبنان من أصعب اللحظات التي عشتها منذ طفولتي حين فتحت عيني على مشاهد الدمار والقذائف التي كانت تتساقط في محيط منزلنا. فالدمار الذي شاهدته في الحرب كلها، لا يقارن بالدمار الذي خلفته جريمة العصر في انفجار مرفأ بيروت، يوم عيد ميلادي، في 4 آب، حيث كُتب لي وللآلاف عمر جديد، نحاول أن نستغله حتى اللحظة الأخيرة. لم أتذكر يوماً أننا عشنا أوقاتاً طويلة بسلام من دون أزمات سياسية واجتماعية ومالية. حاولت مرات عدة أن أخرج من البلد، كي أعمل في الخارج، وأعيش بعيداً عن هذا الواقع. لكن الظروف كانت تعيدني مجدداً إلى لبنان. الله يريدني هنا، ولا أخفي مدى حبي للبنان، هو قضية انتماء ولا يمكن أن أكون بعيداً عنه. أعترف أني أشتاق حتى إلى أزماته، التي علمتنا قدرة الصبر والصمود. بالنسبة لي لبنان ليس فندقاً، كما كان يقول المعلم غسان تويني، أعيش فيه عندما لا يكون فيه مشاكل وأستفيد من خدماته، وعندما تحصل الأزمات، أغادره إلى وجهة ثانية. عندما أخذت قراراً بتأسيس عائلة في لبنان والبقاء هنا، كنت على يقين من أن هذه الطريق لن تكون سهلة بل مليئة بالصعاب. أعترف أنني خفت كثيراً بعد انفجار المرفأ، خفت على عائلتي وعلى كل من أحبهم، وخسرت الكثير منهم في هذه الجريمة. علاقتي بلبنان الذي ينزف، أبدية سرمدية، زواج أبدي، في السرّاء والضرّاء.
 
الأب سليم دكاش رئيس - جامعة القديس يوسف: كيف نترجم حبّ البلد ولماذا؟
في ثلاثة أمور،
أوّلاً، لن أنتظر حكومة ولا توبة من السياسيين. بل أدعو لاسترداد الثقة على مستوى قوى المجتمع ومؤسّساته الحية. استرداد ثقة اللبناني بمستشفاه، بمدرسته، بجامعته. كلّ شيء يحدث لضرب هذه الثقة ببعضنا البعض وكأنّما لا نستطيع أن نخرج من الهوّة. الثقة هي اولا بالعناية الإلهيّة عندما ينهار سقف البيت على قاطنيه. والثقة هي ثانيا ثفة بالنفس منبعها الايمان بأن قيم الوطن لن تموت والثقّة المتبادلة بين الأشخاص حول الأهداف المشتركة. اللبناني يعيش اليوم وكأنّه فقد جزءا من كرامته. فغاية استرداد الثقة هي أن يشعر اللبناني بأنّه من أهل الكرامة وليس مجرّد صفرا في الهامش.
 


جيلبير قرعان - خطيب المسعفة الشهيدة في انفجار المرفأ سحر فارس: حبيبتي سحر... الاقتصاص من قاتلكِ بداية الإيمان بلبنان
انفجار المرفأ هو اللحظة التي قلَبت حياتي من شاب مفعم بالأمل والطموح بمستقبل جميل برفقة من اختارها قلبي شريكة له إلى إنسان لم يعد لديه أمل ببلد تحكمه هذه الطبقة السياسية التي تتحمل مسؤولية دماره من كل النواحي السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية؛ نتيجة إهمال هذه الطبقة السياسية المجرمة، انطفأت شمعة خطيبتي وغيرها العشرات من الشهداء الذين دفعوا دمهم على مذبح الوطن في الرابع من آب 2020.

الدكتور بول زغيب - عميد كلية الهندسة والتصميم في جامعة الروح القدس- الكسليك: 
تشظّي اللوحة بالأحمر الفاقع
هو الذي يفهم ما تعنيه الحياة في فكر الفيلسوف هيل يحددها أوّلاً بالحبّ، ثم بمعنى حياة الروح من حياة الأخلاقيّة والسياسيّة للشعوب.
 

انطوان لحود- مهندس معماري: بحبك يا بيروت
الساعة السادسة وسبع دقائق في الرابع من آب ٢٠٢٠ ، وكان الانفجار المجرم الذي قتل بيروت وأهل بيروت وهدم بيوتها وهجّر أهلها، واصطبغت ألوان المدينة بلون دماء الشهداء والمصابين. وجع، حزن، ودموع، وصل صداها إلى العالم كله.
 

محمد خير حسن - أستاذ ومُربٍّ: أن يحقنَ الأستاذ الأمل...
لبنان مخلوق جميل، لكنه سيّئ الحظّ. ابتلاه الله بسلسلة من الأزمات الصحّية العنيفة شهدتها بنفسي، منذ عام 1958 مروراً بالحرب الأهلية عام 1975 والاجتياح الإسرائيلي في 1982، واستمرّت حالته تسوء حتى عام 1990، حين عاد بعض الأمل بالشفاء مع اتفاق الطائف.

مصطفى حرقوص - ممرض في قسم طوارئ كورونا في مستشفى الحريري الحكومي: نترقب فرصة الهجرة... الأمل وهمٌ الآن!
الحب صنو الأمل. لا يموت الحب ولكن في ظل السلطة الحالية، الأمل ليس إلا وهماً ولا يمكن أن نعوّل على تحسّن الأوضاع إذا ما استمر الطاقم السياسي نفسه. أملي بلبنان لن يتجدد ما لم يُضخّ دم جديد وروح جديدة في شرايينه ليعود البلد الذي لطالما بنينا أحلامنا وتطلعاتنا ومستقبلنا فيه. أما استمرار السياسات المتّبعة فلا يترك أي فسحة للأمل. ما يحصل على أرض الواقع خير مثال على ذلك، ففي نطاق عملي يهاجر كل طبيب وممرض ما أن تسنح له الفرصة من دون أن ينظر إلى الخلف مما ينعكس سلباً على القطاع الصحي. في مستشفى الحريري حيث أعمل، والذي يعتبر رأس الحربة في معركة كورونا، ما زال الموظفون يلاحقون حقوقهم وفق سلسلسة الرتب والرواتب بعد 5 سنوات على إقرارها فيما تقاضى موظفو المؤسسات الرسمية كامل حقوقهم. هذا في وقت يُفترض فيه أن يُقدّم كل الدعم للقطاع الصحي العام بعدما أثبت جدارته في معركة كورونا.
 

كمال مزوّق - مؤسس "سوق الطيّب":  أحبُّه لكنّه أتعبَني... وعملنا بقعة ضوءكمال
أنهكني لبنان، وأشعر كأنّ أحداً جفّف عروقي وحياتي، أحبّه لكنّه أتعبني. نعيش حالة طوارئ بكلّ ما للكلمة من معنى، وهي طوارئ على جميع الصُعُد. ولذلك، نحن مستمرّون في عملنا رغم هذه الحال الصعبة. ولا يمكننا إلّا أن نستمر، لكن على هذه "الطوارئ" أن تنتهي في وقت من الأوقات. ونحن بحاجة ملحّة للتغيير، وهذا هو الحلّ الوحيد لكي نُنتشل من المستنقع الذي نحن فيه. ليس مهمّاً الحب والمشاعر التي نكنّها للبنان، إنّما الأهمّ أن نكون قادرين على الاستمرار في بلدٍ نستطيع أن نعيش فيه وأن نكون منتجين.

 


ميرا حجار - مُدرّسة في مدرسة المون لاسال: تحدّي تربية التلامذة على حبّ لبنان
عمدما يتردد ان لبنان مستشفى الشرق الاوسط، ومصرف المنطقة، والوجهة السياحية، فمرد ذلك الى مستوى التعليم فيه. فمدارسه منذ تلك التجمعات التي علمت الاولاد تحت الشجرة، قبل الابنية العصرية، قدمت المستوى الرفيع في كل انواع العلوم، والتربية الصالحة في مجالات الحياة، ودربت على الانفتاح وقبول الاخر المختلف في انماط تفكيره وعاداته ومعتقداته، وساهمت بشكل اساسي في اعلاء شأن البلد وسمعته ودوره في المنطقة والعالم.

فراس الأبيض- مدير مستشفى رفيق الحريري الجامعي:
الامتحان كبير ولن نُساوِم
ما مررنا به واختبرناه في الحرب اللبنانية أكبر دليل على أنّنا لن نتخلّى عن بلدنا، وهذا لن يجعلنا نهجره ونتركه، وسنبقى نحبّه مهما حدث. مع ذلك، ليس مهماً أن نؤمن ونتأمّل به، بل الأهم هو أنّ التحدّي الأكبر يكمن في ما سنفعله من أجل هذا الوطن. في هذه الظروف الصعبة التي نواجهها جميعاً، نحن مدعوون لتكثيف جهودنا لبناء لبنان الذي نحلم به. ومع ذلك، السؤال الضروري الذي لا بدّ أن نطرحه هو: "إلى متى سنصمد؟ ما هو ثمن التعب والجهد الذي سندفعه لاسترجاع وطننا؟".
 
معين جابر - ناشط وصانع محتوى على منصّة "سردِة" للقضايا السياسية: أُغرمت بلبنان بعد الثورة، والنزْف يُخرج العلل أيضاً
صحيح أنّ لبنان ينزف، وسينزف أكثر... ويجب أن ينزف ليُخرِج كلّ الدم الوسخ والعلل التي عاشها طيلة عقود. ولا أحد في هذه الطبقة السياسية قادر على إرجاعنا إلى الوهم الذي كنّا نعيشه، فالناس يناضلون، كلٌّ على طريقته وفي مجاله وبقدر استطاعته للتغيير. ودائماً ما نرى الأشياء أكثر صعوبة قبل إنجازها، لكن الظروف الصعبة تصنع التغيير. وهناك أشخاص يعوَّل عليهم في هذه المعركة، وكذلك الأحزاب التغييرية.
 


رانيا صفا - زوجة الشهيد محمد صفا: تمسّكت بلبنان رغم الألم... الحبّ يتماهى مع الجرح
خسرت زوجي المحاسب في جريدة "النهار" محمد صفا، في الخامس عشر من آب 2013، في الانفجار الإرهابي الذي ضرب منطقة الرويس في الضاحية الجنوبية لبيروت. استشهد محمد، تاركاً طفلتينا اللتين كانتا تنتظران عودته. وبعد مرور أكثر من سبع سنوات، ما زلت متمسّكة بلبنان، الوطن الذي نحبّه بقدر ما يجرحنا.

سلمى مرشاق سليم - أديبة وباحثة: تحاوروا وتناقشوا إذا أردتم بناء وطن
إن أردتم وطناً حقيقياً، فعليكم بالاستمرار بالمبادئ التي استُشهد لقمان من أجلها، وأن تقتنعوا بها. الحمل ثقيل عليكم، اقبلوا فكرة الحوار ومنطق العقل لخلق وطن يستحقّه لقمان. ابتعدوا عن السلاح الذي لا يفيدنا فقد أضاع ابني. العالم صعب أعرف، لكن يجب ألّا يكون مجرماً. ماذا فعلوا بلقمان؟ أنفقوا عليه ستّ رصاصات؟ "كتّر خيرهم"! ذبحوني. غرزوا خنجراً في قلبي من أجل ماذا؟ ماذا استفادوا؟ الاختلاف ليس مسوّغاً للقتل. تحاوروا وتناقشوا إذا أردتم فعلاً بناء وطن، وأنا مستعدّة للمساعدة على تأسيس بلد يليق بالشعب اللبناني ويليق بلقمان.

لينا بوبس - ناشطة في الانتفاضة: صرخة غضب... وصفر خوف!
نعم أنا "ماما الثورة" التي تعشق لبنان وتساعد الجيل الصاعد إلى أقصى الحدود. عشت الحرب ولا أريد أن يختبروها. إنهم يستحقون الأفضل. توقف الزمن بعد الانفجار الذي هزّ عاصمتنا بيروت، وبقيت الثورة مستمرة تطالب بالعدالة. ثورتنا تنظر إلى العقول والطاقات التي تهاجر، بعينٍ دامعة. ابنتي في فرنسا وأخاف أن يهاجر ابني أيضاً. يجب أن ينتهي هذا النزيف. يجب أن نبني لهم وطناً.
 

ناصر سعيدي - اقتصادي وسياسي: هرباً من Libazuela... لبنان ينتظر إصلاحات عميقة وفوريّة
لبنان دولة فاشلة. إذ تغيب سيادة القانون، ويستشري الهدر والفساد، ويتزايد الاستقطاب السياسي. وحيث الافتقار للمساءلة (لنتذكر انفجار مرفأ بيروت الكارثي والاغتيالات)، وتصاعد القمع الحكومي العنيف للاحتجاجات. لبنان غارق في أزمات متداخلة في المالية العامّة والديون والمصارف والعملة وميزان المدفوعات، ما أدّى إلى كساد اقتصادي وأزمة إنسانية تجلّت في فقر يعيشه نحو 50% من السكّان، وفقر في الغذاء لدى 25% منهم. وقد دُمّرت الركائز الأساسية للاقتصاد اللبناني القائم على التجارة والسياحة، والخدمات المصرفية والمالية، والخدمات الصحّية والتعليمية، ربما بشكل لا يمكن إصلاحه. ويحلّ الانهيار الاقتصادي والنقدي، الذي أدّى لانخفاض قيمة الليرة اللبنانية بنسبة 80% وإلى ضريبة تضخّم بنسبة 130%، نتيجة لانهيار مخطط بونزي وعمليات الهندسة المالية لمصرف لبنان، إلى جانب أخطاء سياسية متعددة. والأهمّ، أنه كان من الممكن تجنّب الأحداث الدرامية التي وقعت خلال 2019-2020.

ترايسي نجار- والدة الطفلة ألكسندرا التي قضت في انفجار مرفأ بيروت: باقيان هنا من أجل حبّ الكسندرا ولبنان
رغم النزيف والحسرة وخسارتنا ألكسندرا، ما زلت أحبّ لبنان، ولولا هذا الحب لكنّا رحلنا منذ زمن أنا وزوجي. لذلك، نرى الضوء في آخر النفق المظلم. نسأل أنفسنا أنا وزوجي: لماذا ما زلنا نناضل ونحارب؟ فوجدنا أنّ السبب الوحيد هو الحصول على حقيقة مَن فجَّر المرفأ، ونريد هذه الحقيقة لأجل ألكسندرا أولاً، ولكي نستطيع الاستمرار بالعيش في هذا البلد وإنجاب أولاد من جديد ثانياً. لكن طالما المسؤولون في هذه الدولة باقون على مقاعدهم، لا نستطيع العيش في لبنان ولن نحصل على الحقيقة، وبالتالي نحن نناضل لحبّنا لألكسندرا وللبنان في آن معاً.
 


الدكتور اسكندر نعمة- المدير الطبي لمستشفى القديس جاورجيوس: وهل يُحيي الأمل؟
حين هبّ إعصار الإهمال المدمّر في 4 آب ليضيف إلى أوجاعنا وخيباتنا وخسائرنا وجعاً وخيبات وخسائر، دمّر الأشرفية قلب العاصمة بيروت، ومعها مستشفى القديس جاورجيوس الجامعي (مستشفى الروم) قلب الأشرفية، بنسبة 85 في المئة، وخسرنا 4 ممرضات وعدداً من العاملين والمرضى والزائرين، إلى مئات الجرحى في صفوف الاطباء والممرضات والعاملين، وترك جرحاً عميقاً في الروح لعل الأمل والعمل يخففان من ثقله ووجعه.

يوسف ملاّح إطفائي في الدفاع المدني: عقيدة الدفاع المدني... حبٌ وخلاصٌ
هكذا نحبّ. لبنان هو الروح، لا يموت إلا عندما تفارق الروح أجساد جميع أبنائه، وأملي به كبير على الرغم من كل السواد الذي يحيط به، ففي كل كارثة أرى كيف يتخلى المواطنون عن أسمائهم ومناطقيتهم، ويعود كل منهم إنساناً، يقدّم ما يستطيع للغير... هذا ينظف المكان وآخر يهمّ بإعداد الطعام للمتطوعين، ومنهم من يتبرّع بدمه، ومن يذرف الدموع على شهيد لا يعرفه ويئنّ مع أنين الجرحى، كل ذلك كافٍ ليبعث الأمل في قلبي بوطني.

نبيل إسماعيل رئيس قسم التصوير في "النهار":
بيروت الحبّ والجنون
بيروت صباح الخير شو الأخبار.
من دون أدنى شكّ لم تغِب عن بالي لحظةً مدينتي بيروت، وأنا أتجوّل في شوارع إحدى أهمّ المدن العربية، خلال زيارةٍ عائليّة لأسبوعين منذ أيام قليلة. وقد صارحتُها بأنني معجب بها مدينةً حديثةً ومتطوّرة وجميلة.

سيلفيو شيحا- رياضي: طريق التغيير ووقف النزيف
خياري دائماً وأبداً هو البقاء في بلد الأرز، هنا حيث أعشق الرياضة، وحيث أناضل للوصول إلى بلد نعيش فيه بكرامة، ويليق بأولادنا وبالأجيال القادمة. هكذا أنا، من روحي الرياضية ينبثق هذا الأمل، فإن رحلنا جميعنا لمن نترك لبنان؟ وأمامي أرى بيروت، هذه المدينة التي نُكبت في آب، لملمت جراحها ووقفت مجدداً؛ ليس عنها هذا الأمر بغريب، فهي التي دُمّرت مرات عدّة، ثمّ عادت إلى الحياة. نأخذ منها التصميم والإصرار.
 


إسراء حسن: ننزِف ونتمسك بالأمل
دخلنا النّفق المشؤوم، ومن حقّنا أن نهلع. استُنزف لبناننا بعدما وضعوا قبضتهم على نفسه الأخير، ولكن ما يميّز كلّ لبناني، صموده وعزمه على المواجهة، والتّاريخ يشهد. فليس هناك من جبل أزمة استمرّ صعوداً وبلغ السماء، نحن شعب نحوّل اليأس الطويل لحظاتٍ عابرةً ولا نستسلم له، ننزف ونتمسّك بالأمل.
 
سابين عويس: الأعجوبة اللبنانية الأمل في المستقبل
تعددت وسائل الذلّ والموت على اللبنانيين في أكثر السنوات شدة ووجعاً وحاجة، والنتيجة واحدة: هوّة عميقة وجدار إسمنتي شاهق، وأبراج تعيش فيها سلطة فاقدة الأهلية والحسّ بالمسؤولية، تتنكّر للواقع وتتنصّل من دورها وواجباتها، فيما الحصاد الموجع يراكم الضحايا والشهداء.
 


سلوى بعلبكي: طنين في رأسي... لكن نغمات الحياة أقوى
14 شباط 2005... مرّ 16 عاماً ولا يزال يطن في رأسي ذاك الصوت المرعب الذي ترافق مع كتلة نارية في السماء وأنا في طريق عين المريسة متوجهة إلى عملي في"النهار". كاد الموت يدركني، فلولا الزحمة لكنت في عداد من سقطوا مع الرئيس رفيق الحريري في ذلك اليوم. يتكرر عدّاد الرعب... وطنين انفجار ذلك اليوم لا يفارق رأسي.

موريس متى: حكاياتي لن تبقى في الذاكرة... ستعود حقيقة
لي حكاية مع السياحة في لبنان، بل حكايات.
من شوارع البترون القديمة التي اخترتها مكاناً للسير فيها أسبوعياً، حيث البيوت الأثرية تحاكي عصوراً تكتب تاريخنا، وشواطئ الناقورة الذهبية حيث نجتمع مع الرفاق في رحلة تستغرق ساعات. لي حكاية مع مدينة صور وأهلها الطيبين وذلك الفندق الجميل في "حارة المسيحيين". لي حكايات في شوارع صيدا القديمة أسير فيها خلال شهر رمضان المبارك، بين الخانات والمحال والباعة المتجولين. لي حكاية مع المحميات التي سرت فيها، غابة أرز تنورين، ومحمية جبل موسى وبنتاعل واليمونة وأرز الشوف وشاطئ صور وأرز جاج. لي حكاية في شوارع طرابلس القديمة، وخان الصابون والحدادين وسوق الذهب وكورنيش الميناء وأحيائها التراثية بحاناتها الشبابية. لي حكايات مع مطاعم لبنان وكرم الضيافة والاستقبال والطعم اللبناني الذي وصل للعالمية، وملاهي بيروت ومقاهي الروشة وجبيل. نعم، لي حكايات مع السياحة في لبنان جالساً على تلك الصخرة، مكرراً العبارة ذاتها، في كل مكان، في أي زاوية من بلادي: "في أحلى من هيك بلد؟!".

جمانة حدّاد - كاتبة، صحافية وناشطة حقوقية: رح ضلّ
هل ما زلتُ أحبّ لبنان؟
هذا السؤال المفخَّخ يضمر جوابه الأوّليّ المفخَّخ: لبنان ينزف هواءه الأخير. نعم. وبالتالي ليس من أمل. وبالتالي لا جدوى من علاقة حبّ يائسة كهذه. لكنّ السؤال يتحدّاني، أنا الشخص الذي أتلقّاه. إنّه يتحدّاني في وجودي الشخصيّ والعام، وفي فاعليتي، وفي طبيعة قلبي، وفي جدوى حياتي. ولكي لا أطيل، أو لكي لا أقع في التنظير والثرثرة، فأنا أقبل التحدّي، وأجيب بالآتي.
 


ديما عبد الكريم: أنبقى بعدك؟
أتجول في شوارعه ومعي دفتر، أكياس رمل مكدّسة ومتاريس، غير موجودة شكلاً ولكن حاضرة هاجساً، شبح القتل يخيّم بوقاحة كالموت الذي يرفض الموت،
لافتات مرتفعة في كل مكان، صدى لشعارات تتحدث عن شعب واحد ووطن واحد؛ أحزن، ألا يوجد شيء لأدوّنه في دفتري؟ أتقيأ الشعارات تلك وأمضي.
 


ايلي بوموسى: مَن عليه مغادرة لبنان... نحن الشباب أم حكّامه؟
لي "رفيق" يطاردني منذ انفجار 4 آب، مزعج، بشع، لا أستطيع النوم بسببه، يشوّش عقلي دائماً، أحاول أن أغلبه، لكنه دائماً يغلبني. يُشعرني باللاأمان. كيف أستطيع هزيمته، إذ كلّ ما حولي يشجّعه ويغذّيه؟ أحاول إسكاته بابتسامتي، لكنه لا يرتدّ. هل تعلمون مَن هو هذا الرفيق المزعج؟ إنّه الخوف!
الخوف عند سماع صوت طيران. ومن الوقوف أمام النافذة. الخوف من الدخان المتصاعد. ومن صوت الرعد.

رين بوموسى: ننزفُ كلبنان ووعدٌ سنحاول وقفَ النزيف
"آخ، وكم من آخ سنصرخ بعد؟ تعبتُ ولا أستطيع التحمّل أكثر بعد. ما نعيشه اليوم يفوق التصوّر حتى لنكاد نظنّ أنّ، في جهنّم، الوضع أرحم. إلى هنا وصلنا! منذ وعيي الحياة وأهوالها، وأبي يكرّر التحذير نفسه: "انتبهي. ما تتأخري، الوضع مش منيح"، "الوضع على كف عفريت".
تعابير صرتُ أترحّم على سماعها، مع حزن عميق على ضياع الإحساس بالاستقرار. اليوم، وبعد كلّ ما نعيشه، تخطّينا مرحلة اللااستقرار: فأهلا بكم "تحت سابع أرض جهنم"!
 


بتول بزّي: كيف نُشفى والنزْف لمّا يجفّْ؟
حينما كسرت السيدة فيروز عزلتها وخرجت إلى محبّيها مزيّنةً بالوسام الأحمر، مبتسمةً في وجه ضيفها، ومشرِقة بعد غياب، اختزلت صورة بلد بأكمله، عانى الفقد طويلاً. أحسّ اللبنانيون أو جزء منهم، آنذاك، بأنّ ثمة شيئاً لا يزال يربطهم بوطنهم، ولو كان لقطة ثابتة مليئة بالحياة. لم يستكِن جرح لبنان منذ سنوات عديدة. عميق وصعب الشفاء. تتوالى المصائب، فتتعاظم. لبناننا الغارق في أزماته، بات باباً مشرّعاً للرحيل. لكنّ الانتماء يبقى واحداً وأصيلاً، مهما كبُرت الويلات.

جورج موسى: حان وقت الرحيل؟
هل حقاً ما حدث ليلة 4 آب كان حقيقة؟ يستحيل أننا وقفنا في هذه المواجهة المرعبة مع الموت، ثم استطعنا أن نكمل حياتنا وكأنّ شيئاً لم يكن! مرّت الساعات، الأيام، الأشهر... مرّ وقت ثقيل جداً، وما زلنا عالقين في الوقت نفسه. حسناً، والآن ماذا نفعل؟ نحن العالقين هنا في هذه البقعة البائسة من الأرض؟ نحن الذين لا نملك إرادة الرحيل، وما زلنا متمسكين بوطن يعيش نزْفاً حاداًّ، وقد تحوّلت ندوبه إلى التهابات عصيّة على العلاج؟ ماذا نفعل نحن الذين كرهنا الأحزاب والزعماء والتابعين الذين يسيرون وراءهم؟ ماذا نفعل ونحن نتمزّق في الداخل، غضباً على من يستهتر بصحّتنا ويذلّنا على أبواب المصارف ويسرق منّا حتى النفس؟ ماذا نفعل ونحن نعيش نار اللحظة الراهنة وذعر المستقبل؟ هل نرحل؟ نترك كلّ ما عشنا من أجله ونعلن الخسارة؟ نهرب؟ إلى أين؟ ومع مَن؟ وماذا نفعل بمن بقي من أحبّاء هنا؟

ميديا عازوري- صحافية وناشطة: أرى الضوء في آخر النفق
رغم نزْف لبنان، أَملي فيه "حسب الأيام". عبارة فيها الكثير من المعاني، والأمل الممزوج بالألم؛ فأحياناً أستسلم وأشعر بالتعب من كوني لبنانية ومن أنّ كلّ نضالنا ذهب سدى. ومن ناحية أخرى، أشعر بالأمل الكبير لأنّ ثورة 17 تشرين غيّرت الكثير، وكثُرٌ يعتقدون أنّ الثورة ماتت. لكنّها لم تمت، بل استمرّت ثورةً فكرية وتثقيفية، وأصبحنا نعرف أكثر بالأرقام حجم الفساد، من خلال النشاطات الموازية للإعلام، والنقاشات التي نقيمها مع المتنوّرين والخبراء.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم