الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

عوني الصعيدي... رحيل المبدع اللبناني الذي شغل باريس السبعينات

المصدر: النهار
فاديا صليبي
المصمم الراحل.
المصمم الراحل.
A+ A-

مات صاحب "الأصابع الذهبية" و"ملك الدرابيه" من جرّاء مضاعفات إصابته بفيروس كورونا. غلبني الحزن والوجع لفقدان هذا الإنسان العزيز الذي تعرّفت إليه في باريس أوّل مرّة لإجراء مقابلة معه حول دوره الكبير في إنقاذ دار Carven.

يومها جمعتنا صحبة عائليّة وبتنا نتلاقى سوياً خارج نطاق الصحافة والمقابلات. كان عوني الصعيدي مزيجاً متكاملاً من الأناقة والتواضع ونبل الأخلاق مع الثقافة الواسعة والهدوء الرصين ومع الاستعداد في كل لحظة للانفجار تجاه اللامنطق والظلم وقلة الاحترام، عرفته كبيرا في كلّ شيء متناغماً مع الواقع مبدعاً وخلاّقاً معتمداً على إحساسه المرهف وخبرته الواسعة في مجال الخياطة الراقية.

 
 

إنّه منقذ دار كارفن Carven، وحاصل على جوائز عديدة في مجال الأزياء في فرنسا. في الستينيات كان عوني الصعيدي من ألمع المصممين في بيروت، وكانت الأميرات والشيخات والمجتمع البيروتي يقصدنه للتباهي بأزيائه. ولكن مع اندلاع الحرب الأهليّة، قدّمت له ماري لويز كارفن عرضاً مغرياً لاستلام مشغلها الذي كان يعاني من الإفلاس، فسافر مع عائلته إلى باريس حيث استقرّ مبتدئاً عمله لدى كارفن ومحققاً شهرة واسعة للدار التي انتشلها من الإفلاس بفضل ذوقه الرفيع وإبداعاته التي نال عليها الكثير من الجوائز في باريس عاصمة الموضة العالميّة.

 
عوني الصعيدي مع مدام كارفن على منصة العرض في باريس
 
 

ولقب عوني الصعيدي يومها "بمنقذ كارفن" و"ملك الدرابيه".  وعرف بتميّزه عن الهويّة اللبنانيّة للمصممين اللبنانيين الذين نعتزّ بهم، إذ وجد لنفسه هويّة خاصّة به قريبة من الأسلوب الباريسي.

بعد قضاء سنوات طويلة في باريس، ورغم حيازته الجنسيّة الفرنسيّة، عاد "ملك الدرابيه" إلى بيروت.

في آخر عرض له في بيروت
 

كان عوني الصعيدي إنساناً طموحاً ومتفائلاً لا تفارق البسمة وجهه كما كان كريما لا يكتفي بفنجان قهوة خلال مقابلاتي معه بل كان يصر على دعوتي الى الغداء في بيته الكائن في منطقة المتحف. وفي آخر مقابلة لي معه قال لي:" تعلمين أننّي ما زلت أعمل ولكن بعيدا من الصخب الإعلامي، فأنا لا أستطيع أن أتوقف، فالتصميم والخياطة يجريان في دمي".

وعندما واجهته في العرض الأخير له الذي جرى في بيروت عام 2019 بأنّ أسلوبه غربي مئة في المئة وكأنه مازال في أجواء كارفن أجابني: "أنت تعلمين أكثر من غيرك، أنّ هذا هو أسلوبي منذ زمن، ولم أتعمّد أبداً الابتعاد عن الهويّة اللبنانيّة، بل أنا أحترمها جداً، لكن طابعي هو هذا ولم يتغيّر، لا تنسي تأثير السنوات الطويلة التي قضيتها في باريس عليّ. فكلّ معالم باريس وأجوائها أثّرت فيّ".

في باريس

 

ويبرز إخلاص عوني الصعيدي، وهي صفة يتميّز بها، حين طلبته دار شانيل ليعمل لديها في السبعينيات ولكنه رفض العرض إخلاصاً منه لمدام كارفن.

 
في أحد عروض باريس لدار كارفن
 

أعاده الحنين إلى لبنان بعد انتهاء الحرب، وكان يومها قد أصبح متقاعداً، ولكن عوني لا يهدأ ولا يكلّ فافتتح مشغلاً له في منطقة المتحف ليعمل بصمت في هذا الفن الراقي الذي يجري في عروقه.

 

وداعاً عوني الصعيدي، سنفتقدك وسنقتقد فنّك الراقي!

 
موديلات كارفن من تصميم عوني الصعيدي
 
 
 
 
 
بعض الصور من تنفيذه في بيروت
 
 
 
 
 
 
 
 
مع إبنه في العرض الأخير
 
 
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم