الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

"الصندوق العالمي للآثار": معالم بيروت وأبنيتها التراثية من بين 25 موقعاً مهدّداً بالاندثار

المصدر: النهار
كنيسة مار جرجس المارونية
كنيسة مار جرجس المارونية
A+ A-

أصدر الصندوق العالمي للآثار (WMF) نسخته لعام 2022 منWorld Monuments Watch  المراقبة العالمية للآثار، وهي عبارة عن خلاصة وافية نصف سنوية لمواقع التراث المعرّضة لخطر الزوال، والتي تتمحور حول أربعة موضوعات أساسية: التغيّر المناخي، التراث الناقص التمثيل،والسياحة غير المتوازنة، والتعافي من الأزمات. من بين 25 موقعاً مهماً ثقافياً حدّدها WMF  ظهرت معالم بيروت وأبنيتها التراثية ضمن المواقع التي لا تُقدّر بثمن، والتي تتعرّض لخطر الزوال خصوصًا بعد انفجار 4 آب الذي دمّر قسماً كبيراً من المدينة. فهل سيزول تراث بيروت؟

 

 ورغم هذا التقرير الذي يعدّ بمثابة ناقوس خطر، نفضت بيروت وأحياؤها رماد الانفجار المدمّر، وعادت معظم شوارعها تنبض بالحياة. فحين تجول اليوم في شارعي الجمّيزة ومار مخايل، تجد مقاهي الرصيف والبارات والنوادي الليلية قد أعادت ترميم أحلامها التي تحطّمت على قارعة كابوس الانفجار، لينسج مرتادوها حكاية مدينة متشبّثة بمفهوم الحياة والتاريخ العريق، فلا ناموس يعلو على "أمّ الشرائع ومرضعة العلوم"، سوى شريعة الحياة.

 

وبيروت التي قالت عنها كاتبة أدب الرحلات الويلزية جان موريس "المدينة المستحيلة"، هي إحدى أقدم المدن المأهولة في العالم والتي دُمّرت سبع مرّات، لا تعرف أن تكون سوى مدينة نابضة بالحياة، أحياؤها ومبانيها تروي حكايات حضارات يعود تاريخها إلى ما قبل 5000 عام. وربما كان قدر كلّ من وطئ أرض بيروت أن يؤخذ بسحرها الخالد ويسهم في بنائها، فكلما حُفرت أحشاؤها تخرج إلى العلن آثار تعود إلى الفينيقيين والهيلينيين والرومان والعرب والعثمانيين، وقد تمّت الإشارة إلى المدينة في خطابات إلى فرعون مصر منذ أوائل القرن الرابع عشر قبل الميلاد.

 

في بيروت مئات الأبنية التاريخية الموزّعة في أحياء الجمّيزة ومار مخايل والكرنتينا، وكذلك الأشرفية. تحتوي هذه الأحياء الأربعة على أحد أكبر تجمّعات المباني التراثية في المدينة، التي يعود تاريخها إلى القرنين التاسع عشر والعشرين. وهي تشمل منازل من العصر العثماني، بُني العديد منها لنخبة رجال الأعمال في المدينة في القرن التاسع عشر، فضلاً عن المباني التي تمثّل الأساليب الحديثة التي بُنيت خلال الانتداب الفرنسي للبنان. تتميّز واجهات هذه المباني بالطراز البيروتي الذي يدمج ثلاثة خلجان مقوّسة في الطبقات العليا، وغالبًا ما تفصل بينها أعمدة رخامية وتغطّي قاعة مركزية كبيرة خلفها.

 

الحرب الأهلية وانفجار 4 آب... معالم تروي كل التفاصيل

متحف سرسق

 

 

برغم الخراب الذي تعرّض له بسبب انفجار 4 آب عاد متحف سرسق ليستقبل الزوّار ويقيم الفعاليات الثقافية. والمتحف هو في الأصل قصر سرسق، و هو قصر أثري لبناني بناه نقولا سرسق عام 1910، يقع في شارع سرسق في الأشرفية وهب صاحبه القصر بعد وفاته عام 1952 لبلدية بيروت، على أن يتحوّل متحفاً للفنون الحديثة كما ذكر في وصيّته. فتح المتحف أبوابه للمرة الأولى للعموم سنة 1961، يمثّل مبنى المتحف مثالاً على فنّ العمارة اللبنانية المستوحاة من الطرازين الإيطالي والعثماني. وقد أقيم في المتحف أكثر من 100 معرض بما في ذلك عروض لأعمال فنّانين لبنانيين وعالميين، وتشمل المجموعة الدائمة للمتحف قطعاً من الفنّ الحديث والنقوش اليابانية والفنّ الإسلامي، وهي تتألف من أكثر من 800 عمل فنّي، بما في ذلك اللوحات والمنحوتات والفنون التخطيطية من القرنين التاسع عشر والعشرين. وهو يضمّ الآن مجموعة قطع وأعمال فنّية إسلامية، وأدبية لعدد من الفنانين العالميين واللبنانيين.

 

متحف "بيت بيروت"

 

 

"بيت بيروت" متحف مخصّص لإحياء ذاكرة بيروت خلال الحرب الأهلية في لبنان، ويكون الشاهد على بشاعتها التي جعلت منه موقعاً للقنّاصة حين كانت بيروت مقسمة، فعُرف بمبنى الموت. يتألف المتحف من أربع طبقات وهو في الأصل مبنىً سكني مكوّن بحسب الطراز العثماني، يعود إلى عائلة بركات في عشرينيات القرن الماضي. يفتح المتحف أحيانًا كمساحة معرض، لكن العارضين يحدّدون الساعات والأسعار.

 

متحف روبير معوّض الخاصّ

  

 

 

يقع المتحف الخاصّ لروبير معوّض في وسط بيروت التجاري، وهو يحوي عدداً من التحف الفنّية الشرقية والغربية والكتب القديمة النادرة، والأواني الخزفية والفخارية، وأجزاءً من أعمدة البناء التاريخية، والأسلحة القديمة، وقطع مجوهرات وأحجاراً كريمة ثمينة. بنى هذا القصر على الطراز المعماري الشرقي هنري فرعون عام 1911، بالقرب من السرايا الكبيرة، وأحيط بأعمدة ولوائح خشبية تعود إلى القرن الرابع عشر وصولاً إلى التاسع عشر.

 

كاتدرائية مار جاورجيوس للروم الأرثوذكس

بُنيت هذه الكاتدرائية على أنقاض كنيسة بيزنطية، وبناؤها الحالي يعود تاريخه، بمعظمه، إلى القرن الثامن عشر، وقد أعيد ترميمها بعدما عانت من أضرار كبيرة أثناء الحرب الأهلية اللبنانية. في داخل الكنيسة أيقونة فنيّة تُعتبر محورها، إضافة إلى عدد من الجداريّات والأيقونات الأخرى أيضاً التي تستقطب اهتمام الناس. تفتح الكاتدرائية أبوابها للزوار يوميّاً عندما لا تكون هناك أيّ شعائر دينية مقامة. تقع في الجهة الجنوبية الشرقية من ساحة النجمة بوسط بيروت.

 

أعمدة حديقة السماح

هي عبارة عن مجموعة من الأعمدة الرومانية التي ما زالت منتصبة منذ العهد الروماني. تقع هذه الأعمدة في وسط بيروت التجاري في مواجهة مبنى العازارية وبالقرب من مسجد محمد الأمين وكاتدرائية مار جرجس المارونية، في أرض مستواها ينخفض بصورة ملحوظة عن مستوى الشارع العام، بحيث يمكن للناظر من الشارع أن يقف بموازاة رأس العمود. كما كشفت الحفريات عن الآثار الإسلامية الأموية والعباسية والمملوكية والعثمانية، والآثار الفرنسية التي تعود إلى عهد الانتداب.

 

أزمات متتالية تهدّد التراث البيروتي

ضاعف الانفجار الأزمات المتعدّدة التي يواجهها اللبنانيون، بما في ذلك الانكماش الاقتصادي الحادّ الذي بدأ عام 2019، والذي نجم عن إخفاقات في القطاع المصرفي، وتفاقم بسبب انهيار السياحة بسبب جائحة كوفيد-19. ووُجّه التمويل الطارئ من المانحين المحليين والدوليين لتقييم وتوثيق وحماية الأحياء والمباني المتضرّرة وإعادة ترميمها، فيما سعت مبادرة بقيادة اليونسكو لتنسيق الدعم بالشراكة مع المديرية العامة للآثار في لبنان.

 

أثار حجم التحدّيات مخاوف من هدم العديد من المباني المتضررة وإعادة تطويرها، ممّا يشوّه الطابع التاريخي للمدينة. ولمنع ذلك، صدر القانون رقم 194 لعام 2020 الذي يحظر لمدة عامين نقل الملكية في المناطق المتضرّرة. وللمساعدة في توجيه مالكي العقارات والتجّار، نشرت مبادرة التراث في بيروت دليل ترميم يركّز على المباني في الفترة العثمانية المتأخرة، بينما سيغطي المجلد المقبل مباني القرن العشرين. ومع ذلك، لن تكون المباني التاريخية المملوكة للقطاع الخاص في مأمن من إعادة التطوير حتى يتمكن أصحاب العقارات من الوصول إلى الأموال اللازمة في شكل منح أو قروض مصرفية لإصلاح هذه المباني وإعادة تأهيلها وحتى تحديثها. في الوقت نفسه، هناك حاجة إلى استراتيجيات النطاق الحضري لحماية النسيج التراثي والحفاظ على الطابع التاريخي للأحياء السليمة. وتشمل هذه إنشاء عمليات مسح للمباني التاريخية لتحديد العناصر المهمة وتطوير سياسات وقائية لحماية مخزون المبنى التاريخي. وتسعى 2022 World Monuments Watch إلى التركيز على التحدّيات الكبيرة التي تواجه تراث بيروت ودعم الجهود التعاونية لتطوير وتنفيذ استراتيجيات للتعافي الناجح للمدينة.

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم