الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

نقوش وادي بريصا... سطور تحاكي التاريخ ​

المصدر: النهار
ريم قمر
نقوش وادي بريصا
نقوش وادي بريصا
A+ A-

تقع بريصا في منطقة الهرمل، وتبعد عن العاصمة بيروت نحو 160 كم. هي عبارة عن قرية صغيرة واقعة وسط ممر جبلي يربط منطقة الشربين نحو مرجحين والبلدات والتلال المحيطة. تتميز بطبيعتها حيث تنتشر في أرجائها الأشجار العملاقة والمعمرة .

بالرغم من أنها قرية صغيرة وبعيدة ولا يعرفها الكثيرون، فهي من المواقع الشاهدة على حقبة مهمة من التاريخ اللبناني الغني والتي ندعوكم لاكتشافها.

 على الطريق المؤدية إلى غابة وادي الشربين، سجّل نبوخذنصر الثاني، الفاتح البابلي، إنجازه التاريخي بدخول المنطقة واحتلالها من خلال حفر اسمه على أكبر لوحتين عرفتهما الحضارة البابلية.

 تحتضن بريصا على صخورها أطول نقوش بابلية في العالم، فهي تحتوي على 1400 سطر تخبرنا عن معلومات عن الفاتح الشهير وإنجازاته.

 

 

 عند الوصول إلى الموقع يمكنكم مشاهدة صخور شاهقة تمت تسويتها للتمكن من النقش عليها. وهي تحتوي على نقشين محفورين على صخرتين متقابلتين تقريباً على يمين ويسار الطريق الواقع في قعر الوادي. نقش اليمين حروفه من البابلية القديمة، أما نقش الشمال فحروفه من البابلية الحديثة. وبجانب كل من النقشين منحوتة ضئيلة البروز في الصخر. وهما يفتقدان بعضاً من أجزائهما بسبب تعرضهما للتخريب من قبل الباحثين عن الكنوز.

 يتألف النقش الاول من تسعة أعمدة وهي تضم بالاضافة إلى الكتابات نحتاً يمثل تمثالاً لرجل واقف يمسك بذراعه الممدودة حيواناً، هو على الأرجح أسد منتصب على قائمتيه الخلفيتين ويرفع إلى الأعلى إحدى قائمتيه الأماميتين ليهمّ بضرب خصمه. على مستوى قدمَي الرجل، نقش دعاء أو ابتهال لآلهة ما.

أما النقش الثاني، فيتألف من عشرة أعمدة. ويحتوي على رسم يمثّل تمثالاً لرجل يتجه إلى اليسار، واقفاً أمام شجرة بلا أوراق.

 

 

بالنسبة لمحتوى النصوص، فبالرغم من التشويه الهائل الذي أصابها، توصّل العلماء إلى حل لغزها من خلال ترجمة ما تبقى منها. فمضمون هذه الكتابات عبارة  عن تعريف بنبوخذ نصر وإنجازاته. فبحسب النصوص، هو "ملك بابل، المخلص، المطيع لمردوخ". كما ويتحدث نبوخذ نصر  في كتاباته عن تقواه تجاه الآلهة، ويفتخر بأنه جاب المسالك الوعرة واجتاز الصحاري متباهياً بعظمته وقدرته وإنجازاته وخصوصاً بناء مدينة بابل، ووصف أيضاً من خلال النصوص كيف قام بتقديم الأضحية والأطعمة للآلهة. وقام كذلك بوصف الهياكل التي قام ببنائها مستخدمًا "شجرة صنوبر كبيرة الحجم من تلك الشامخة في لبنان".

 وشملت النصوص أيضاً الإنجازات والأعمال التي قام بها الملك في لبنان، واصفًا حملة قام بها في البلاد؛ وأتت ترجمة  النص على الشكل التالي: "على أثر تمرد أو غزو خارجي تفرق سكان لبنان؛ فقدم الملك بجيشه وقضى على الأعداء، وأعاد السكان الهاربين إلى مواطنهم. ومن ثم شقّ الطرق في الجبال ليتمكن من نقل الأشجار التي قطعها من الجبال إلى السهل وإرسالها إلى بابل؛ وصارت المنطقة هادئة تماماً وعاد إليها الازدهار".

 
 

 

 في الجهة المقابلة وعلى مسافة من اللوحة يمكنكم مشاهدة أطلال كنيسة يعود تاريخها إلى القرن الخامس الميلادي بحسب كتابات وجدت فيها. ولم يبق من الكنيسة سوى بقايا أعمدة وجدران يغلب عليها الحرمان والإهمال، حالها كحال النصوص التي تعاني أيضاً من النسيان.

 

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم