تقع غزير في قضاء كسروان، وهي تتميز بموقعها المشرف على جونية والذي يوفر منظرا بانوراميا رائعا للبحر والخليج.
تبعد عن العاصمة بيروت 23 كيلومترًا، ويصل أعلى ارتفاع لها عن سطح البحر إلى حوالي 550 مترّا.
أما تسمية غزير فهي لفظة سريانية الأصل " أغزير " وتعني " مقطوع " أي المكان المنقطع أو المنعزل ، ذلك يعود الى طبيعة هذه البلدة المنفصلة عمّا يجاورها من قرى وأودية وهضاب لوقوعها بين جبلين.
شكلّت غزير لقرون ممرًا استراتيجيا وخصوصًا خلال الحقبة الرومانية حيث كانت تشكّل الطريق البحرية الرئيسية التي كانت تربط المنطقة بمصر، كما واعتبرت أيضًا ممرا رئيسيا يربط بين الساحل والبقاع. ما تبقى من الطريق الرومانية جسرا حجريا قديما يعدّ من المعالم الاثرية البارزة في المنطقة.
بالرغم من التطور والحداثة التي شهدته البلدة، ما زالت غزير تحافظ بين شوارعها وازقتها على روح التراث والتقاليد المحلية. فتنتشر فيها الأبنية الأثرية والتايخية الشاهدة على الدور التاريخي البارز الذي لعبته البلدة.
كما تشتهر غزير أيضًا كونها مكان ولادة شخصيات بارزة أبرزها الأمير بشير الشهابي الكبير، رئيس الجمهوريّة الأمير فؤاد شهاب، والطوباوي الأب يعقوب الكبوشي.
تصوير مارك فياض
أما أبرز المعالم التراثية والطبيعية التي يمكنكم استكشافها عند زيارة البلدة فهي:
المعالم الدينية
تتميز غزير بمعالمها الدينية التاريخية والقديمة المنتشرة في جميع انحاء البلدة. أبرز هذه المعالم بيت الطوباوي يعقوب الحداد الكبوشي حيث نشأ وعاش مع عائلته، ولقد تحوّل بيته اليوم الى مزار يمكن من خلاله التعرف الى قصة حياته ومسيرته. ولقد حوّلت إحدى غرف المنزل الى كنيسة صغيرة .
وتعدّ كنيسة سيدة الحبشية من أقدم كنائس البلدة، فيعود تاريخها الى القرن السادس عشر كما وأنها تحتوي على أيقونة قديمة للسيدة العذراء الحبشية تعود الى القرن الخامس عشر.
ومن أبرز معالم البلدة مبنى الإكليركية البطريركية المارونية الذي يعود تاريخ بنائه الى العام 1843. ولقد كان المبنى عبارة عن قصر شهابي حوّله الأباء اليسوعيين الى دير، وبنوا فيه كنيسة مار يوسف في العام 1897. في النصف الأول من القرن العشرين تحوّل إلى مدرسة تُعنى بتنشئة الإكليروس المارونيّ الأبرشيّ. في فناء المبنى ، توجد شجرتا سرو طويلتان تعتبران رمز من رموز الشهابيين.
أما دير مار فرنسيس فلقد بناه الأباء الكبوشيين على أنقاض دير مار يوحنا القديم، في هذا الدير يقال ان الامير بشير بشير الشهابي قد وُلد، وبجانب الدير يوجد كنيسة قديمة تُعرف بكنيسة سيدة الأبراج لانها بنيت على أنقاض برج مرتفع كان يشرف على المنطقة ويؤمن حمايتها ولقد شهدت هذه الكنيسة عمادة الأمير بشير. ومن الأماكن الدينية المميزة في البلدة دير مار الياس الذي بني في العام 1666 على أنقاض معبد قديم، ودير مار انطونيوس البادواني – خشبَو الذي يتميز بهندسته وعقوده وقناطره وزخارفه المميزة.
القصر البلدي
يتوسط القصر البلدي المصمم وفقًا للتصميم العثماني ساحة البلدة ولقد كان يستخدم خلال فترة المتصرفية كمركز صيفي لمحكمة كسروان. يتميز المبنى بهندسته وتصميمه القديم وهو يضم اليوم أيضًا المركز الثقافي البلدي الذي يحتوي على مكتبة عامة غنية بالكتب والمؤلفات.
السوق والبيوت القديمة
هي عبارة عن سوق تاريخية قديمة كشاهدة علىالأهمية الإقتصادية والتجارية للبلدة خصوصًا وأنها كانت تشتهر سابقًا بالصناعات الحرفية وإنتاج الحرير. فكانت تضم هذه السوق المتاجر المخصصة ببيع النسيج ومنتجات الحرير والقطن. ما زالت السوق تحافظ اليوم على طرازها المعماري والهندسي القديم. كما وتتخلل السوق أدراج صخرية تؤدي الى أحياء البلدة القديمة حيث تنتشر البيوت الحجرية التقليدية التي تنقسم بين بيوت فخمة كان يمتلكها المشايخ، وبعض البيوت الكبيرة المصممة وفقا للطراز الفلورنسي الجميل، وبيوت متواضعة كان يسكنها الفلاحون وعامة الشعب.
المطاحن
إشتهرت غزير بمطاحنها التي كانت تعمل بقوة المياه والينابيع المتدفقة في المنطقة. وصل عدد المطاحن إلى 12 مطحنة كانت تؤمن حاجة المنطقة من طحين. ولقد توقفت هذه المطاحن عن العمل وتحوَلت اليوم بعد ترميمها الى مبانٍ تراثية جديرة بالزيارة والإستكشاف.
قصر المزار
بنى الأمير بشير الشهابي الثاني هذا القصر لإبن شقيقه على أنقاض برج روماني قديم في القرن التاسع عشر. ولقد قام الأمير بجر المياه الى القصر في العام 1838 من نبع المغارة عبر قنوات خاصة ما زالت أثارها ظاهرة حتى اليوم. ما زال هذا القصر الضخم والمميز بطرازه وجمال هندسته شاهداً حتى اليوم على تاريخ الشهابيين في المنطقة. تحوّل هذا القصر لاحقاً الى مدرسة مار لويس الخاصة التي عرفت أهمية كبيرة فدرست فيها أبرز شخصيات المنطقة. وفي العام 1905، شيّد بجانب المدرسة برجاً يحتضن ساعةً بأربعة أوجه تخليدًا لذكرى تأسيسها وهي تعتبر اليوم من اقدم الساعات التي تعود الى الفترة العثمانية. وبعد ان أقفلت المدرسة أبوابها خلال الحرب العالمية الاولى ، أُقيم في المبنى مشغلاً للسجّاد ومن ثم العام 1930 تحوّلت أقبية القصر الى مصنع للنبيذ عُرف بإسم château Musar.
يشتهر château Musar اليوم بنبيذه العالي الجودة والحائز على جوائز عالمية، و حيث يمكنك زيارة المكان واستكشاف الأقبية الرائعة للمصنع والاستمتاع بتذوق النبيذ اللذيذ.
المسارات الطبيعية
لمحبي المشي في الطبيعة حصتهم أيضًا، فهناك العديد من الممرات الطبيعية المخصصة للمشي والتنزه في الطبيعة الجميلة، أشهرها طريق مزار قلب يسوع الواقع في أعالي البلدة. كانت يعرف هذا الممر قديمًا بالكرّوسة لأنه كانت مخصصًا لمرور عربات الخيل . بالإضافة طريق مار مطانيوس التي يتخللها جسر قديم كان يطلق عليه تسمية جسر الأصدقاء لأنه كان يشكل نقطة أساسية يلتقي فيها أهالي البلدة .
تصوير مارك فياض