الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

كييف تغتسل بقدسية السلام رغم عبثية الحرب

المصدر: "النهار العربي"
كييف.
كييف.
A+ A-
ديانا حدارة
 
عندما يدركني الموت/ أدفنوني وسط سهب فسيح من سهوب أوكرانيا الحبيبة.... أدفنوني ثم هبّوا وحطموا القيود/ وبدماء الأعداء البغيضة
أرووا الحرية ... (تاراس شيفنشيشكو)

إنها أوكرانيا سيدة الحدث على الشاشات باختلاف لغاتها وأشكالها وعوالمها الافتراضية. الأبصار على اختلاف ألوانها وإثنياتها وأهوائها السياسية والثقافية، شاخصة تحدّق إلى حرب عبثية تفتك بشعب وأرض كانا دائماً تحت مرمى نيران صديقة.

وكييف العاصمة هي واحدة من أقدم المدن في أوروبا الشرقية، كانت ولا تزال، ربما، ضحية حب جامح أو طمع قاتل، جعلاها تتقلب على مر التاريخ، بين مجد عظيم وانحطاط لئيم. استولى عليها الفايكنغ في منتصف القرن التاسع الميلادي. وقد أصبحت المدينة في عهدهم عاصمة للروس، وأول دولة للسلاف الشرقيين. تعرَّضت لتدمير كامل أثناء الغزو المغولي عام 1240، وفقدت معظم نفوذها في القرون التي تلت حقبة المغول.



أما اسمها فتبعاً لإحدى الأساطير التي نسجتها سطور التاريخ أن مؤسسّيها في الأصل كانوا عائلة تتألف من "كيي الكبير" - الذي كان زعيم قبيلة سلافية - وإخوته "سشيك" و"كوريف" وشقيقتهم "ليبيد"، أسسوا المدينة خلال حقبة "التاريخ الأولى"، وتعني "كييف" وفقاً لهذا الاسم "الانتماء إلى كيي".

وعلى الرغم من أن كييف عانت خلال الحرب العالمية الثانية، واحتلها النازيون، حيث عمد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتذكير الأوكرانيين بهذه الحقبة، تعافت المدينة بسرعة في سنوات ما بعد الحرب، وأصبحت مرة أخرى ثالث أهم مدينة في الاتحاد السوفياتي السابق. وحين وقعت حادثة تشيرنوبيل النووية على بعد 100 كلم شمال المدينة، أزاحت الرياح السائدة شمالاً معظم الحطام الشعاعي بعيداً من المدينة.

وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي وسقوط جدار برلين على وقع الموسيقى، أُعلن استقلال أوكرانيا في 24 آب (أغسطس) 1991 وأصبحت كييف عاصمة أوكرانيا.
لن أدخل في تفاصيل أحداث التاريخ وتقسيماته الجيوسياسية، ولن أتكلم عن حرب راهنة تشغل العالم وربما قسّمته بين مؤيد ومعارض، بل سوف أفتح نافذة جميلة على مدينة تستريح على ضفتي نهر دينبيرا ... هو يخترقها وهي تأمن لتسربله نحو البحر الأسود.



وعلى عكس المدن التي خضعت للسيطرة الشيوعية في القرن الماضي تميّزت كييف بأبنيتها المتدثرة بألوان التاريخ وفنونه المعمارية، إنها مدينة تزدحم فيها المتاحف والكنائس، فهي كانت ولا تزال مركزاً للعالم المسيحي الأرثوذكسي في أوروبا الشرقية، حيث توجد الكاتدرائية المسيحية الأولى في منطقة "بيتشيرسكايا لافرا" و"كاتدرائية صوفيا" المزينة بموزاييك ورسوم يعود تاريخها إلى القرن الحادي عشر.

متاحف كييف ذاكرة تاريخية لا تنتهي سطورها، ومنها متحف "الحرب الوطنية العظمى" وتمثال الوطن الأم.

يقع المتحف التاريخي الوطني للحرب العالمية الثانية في متنزه Petcherskyi الجميل للغاية في ساحة النصب التذكاري المخصصة لـ"الحرب الوطنية العظمى". فيما الوقوف عند تمثال "الوطن" الأم والمثير للإعجاب، يتيح لزائر المكان مشهداً بانورامياً للمدينة قد يحبس الأنفاس: warmuseum.kiev.ua.

المتحف الوطني للفنون الجميلة
هنا يجول الزائر بين روائع الأعمال الفنية من لوحات ومنحوتات تعكس الصيرورة التاريخية للفن التشكيلي الأوكراني بدءاً من حقبة كييف الروسية إلى عصرنا الحاضر، كما يعرض المحتف مجموعة أيقونات أوكرانية قديمة جداً.

متحف الفن الروسي
يعرض متحف الفن الروسي الواقع في وسط كييف معظم المجموعات التي جمعتها عائلة تيريتشينكو قبل عام 1917، وهم صناعيون ورعاة، إضافة إلى حوالى 12 ألف قطعة أثرية من بينها أيقونات تعود للقرن الثامن عشر، ومنحوتات ولوحات تعود لفناني أواخر القرن التاسع عشر، أولئك الذين أطلق عليهم الرسامون المتجولون. كما يعرض عدداً قليلاً من اللوحات التي رسمها شيشكين العظيم.



متحف تاريخ مدينة كييف
هو في الأصل قصر كلوفسكي، بُني عام 1756 على الطراز الباروكي. وكان الغرض منه استقبال أفراد العائلة الإمبراطورية أثناء زيارتهم "كهوف الدير الأرثوذكسي في كييف"، Lavra of the Caves of Kiev، ولكن العائلة المالكة لم تنزل فيه مطلقاً، وفضلت البقاء في قصر مارينسكي Mariyinsky.

تعرّض القصر عام 1858 للدمار الشامل بسبب حريق مهول، فأعيد بناؤه بأمر من الإمبراطور ألكسندر الثاني. دُمّر القصر مرة أخرى خلال الحرب الأهلية ثم أعيد بناؤه عام 1930. وإضافة إلى المتحف تضم مباني القصر، المحكمة العليا.

كاتدرائية القديسة صوفيا
شيّدت كاتدرائية القدّيسة صوفيا عام 1011 على النمط الباروكي بلمسة أوكرانية ما جعلها تحفة معمارية أدرجت في لائحة التراث العالمي. تتميز الكاتدرائية بقبابها الـ19 المذهّبة، وفي داخلها، وتم حفظ الجداريات والفسيفساء التي تعود إلى القرن الحادي عشر.

دير الرقاد المقدس The Holy Dormition Kyiv Pechersk Lavra
والمعروف أيضاً باسم "دير كهوف كييف"، هو دير أرثوذكسي أوكراني، أسّسه عام 1051 الراهب القديس أنطوني بيشيرسكي. وقد أدرج في قائمة اليونسكو للتراث العالمي.

إنه مكان مقدس، يأتيه الحجاج من كل أنحاء العالم، حيث يستريح أكثر من 120 قديساً. تُعد كهوف كييف - بيشيرسك لافرا كنوزاً قيّمة، تقع على عمق 5 إلى 15 متراً، ولكن وفقاً لعلماء الأركيولوجيا، فإن الكهوف أكثر اتساعاً مما نعتقد.

وتضم محمية دير الرقاد المقدس أكثر من 15 كنيسة رائعة مبنية على طراز الباروك الأوكراني، تتميز بأحجام وأعمار مختلفة، وبتصاميم داخلية وأنماط معمارية جميلة.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم