الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

لم يتغير شيء...عام على الاحتجاجات العراقية

المصدر: النهار
صورة مؤرخة في 29 تشرين الأول 2019 لمتظاهرين عراقيين يرفعون الإعلام الوطنية على جسر الجمهورية في بغداد.   (أ ف ب)
صورة مؤرخة في 29 تشرين الأول 2019 لمتظاهرين عراقيين يرفعون الإعلام الوطنية على جسر الجمهورية في بغداد. (أ ف ب)
A+ A-
 
في تشرين الأول من عام 2019 انطلقت تظاهرات غير مسبوقة في أنحاء العراق مطالبة باسقاط الطبقة السياسية الحاكمة، لكن بعد مرور عام تشكلت خلاله حكومة جديدة وسقط خلاله قرابة 600 متظاهر لم يتغير شيء تقريباً.
 
تصاعد غضب الاحتجاجات في الأول من تشرين الأول 2019، التي بدأت بشكل عفوي تنتقد البطالة وضعف الخدمات العامة والفساد المستشري والطبقة السياسية، التي يرى المتظاهرون أنها موالية لإيران أو الولايات المتحدة أكثر من موالاتها  للشعب العراقي. ودفعت الاحتجاجات الى استقالة رئيس الوزراء آنذاك عادل عبد المهدي، وبعد أشهر من الجمود السياسي نجح رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بتأليف حكومة تعهد خلالها إدماج مطالب المحتجين في خطط حكومته الموقتة. لكن على أرض الواقع، لم يتحقق الكثير. وحدد الكاظمي موعدا لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة في 6 حزيران 2021، أي قبل عام تقريبا من الموعد المحدد. وقال مستشار الكاظمي لشؤون الانتخابات عبد الحسين الهنداوي ل"وكالة الصحافة الفرنسية" إن "المحتجين ارادوا انتخابات مبكرة وقانونا انتخابيا جديدا. نحن نقوم بترتيب ذلك". لكن بينما أقر البرلمان قانون تصويت جديدا في كانون الاول، لم يتفق المشرعون بعد على النقاط الأساسية بما في ذلك حجم الدوائر الانتخابية، وما إذا كان المرشحون سيخوضون الانتخابات بشكل مستقل أو على قوائم. وعلى رغم التأكيدات المتكررة، بأنه ليس لديه طموحات سياسية ولن يعمل إلا كرئيس وزراء انتقالي، يبدو أن الكاظمي يستعد لخوض معركة انتخابية.
 
وقال عدد من نواب البرلمان وأعضاء الأحزاب المتنافسة إن مستشاري رئيس الوزراء يبحثون عن مرشحين لانتخابات عام 2021، على أمل أن يتمكن من الحصول على فترة ولاية جديدة. ولاحظ الباحث في تشاتام هاوس في المملكة المتحدة ريناد منصور إن الكاظمي "عالق، عليه اتخاذ قرار في شأن المكان الذي يريد أن يكون فيه:هل يريد أن يصير رئيسا للوزراء لمدة أربع سنوات أخرى ويمارس السياسة، أم يريد تغيير شيء ما الآن؟" 


حلول سريعة 
عندما وصل الكاظمي  إلى السلطة، تعهد اجراء حلول سريعة لمعالجة أزمة مالية حادة، قائلاً إن خزائن الدولة "شبه فارغة" بعد سنوات من الهدر وانخفاض أسعار النفط.  وقال البنك الدولي، إن معدل الفقر في العراق قد يتضاعف إلى 40 في المئة هذا العام وأن بطالة الشباب، التي تبلغ حاليا 36 في المئة، قد ترتفع أكثر. وتعهدت حكومة الكاظمي أول الأمر، خفض رواتب موظفي القطاع العام وإعادة تدقيق المعاشات التي توزع على ملايين العراقيين، لكنها تراجعت عن هذه السياسة بعد انتقادات علنية.
 
وفي آب، عينت الحكومة المئات من الشباب في وزارة الدفاع، لكنها خطوة لم تكن كافية لوقف الاعتصامات المقتر الحكومية الأخرى للمطالبة بوظائف.
وصرح مسؤولون عراقيون، ان وزير المال علي علاوي فوت ايضا موعدا نهائيا في أواخر آب لتقديم "ورقة بيضاء" حول الاصلاحات الاقتصادية، التي لا تزال قيد الانجاز. وقال الكاظمي أيضا إنه سيعطي الأولوية لمحاربة فيروس كورونا المستجد الذي أودى بحياة 100 شخص في ايار.
 
وبلغ عدد الوفيات اليوم أكثر من تسعة آلاف، مع تحذير وزارة الصحة ان تفقد المستشفيات "السيطرة" إذا لم يتم احتواء انتشار الفيروس. ولدى رئيس الوزراء عدد قليل من الحلفاء في البرلمان، حيث شعر النواب المؤيدون لإيران بالقلق من إشاراته إلى مطالب المحتجين. وقال منصور :"إنه يراعي في آن واحد معسكر النخبة والمعسكر المناهض للمؤسسة، وفي نهاية المطاف، سينتهي به الأمر بعدم إرضاء أي من الطرفين".


"امر بالغ الحساسية"  
كما واجه رئيس الوزراء تحدي الوفاء بوعده تقديم المسؤولين عن مقتل ما يقرب من 600 متظاهر وناشط منذ تشرين الاول الماضي إلى العدالة.
وفي ايلول، أعلنت حكومته أن عائلات الضحايا يمكنها التقدم للحصول على تعويض من الدولة، لكن لم يتم صرف أي أموال حتى الآن. وبعد أسابيع قليلة، قال الكاظمي إنه سيتم نصب تمثال في ساحة التحرير، مركز التظاهرات الشعبية في بغداد، وكذلك في مدينة الناصرية جنوبا.
وكتب علي وهو متظاهر شاب من بغداد :"لا أذكر أن تمثالا كان من بين مطالبنا العام الماضي". وفي غضون ذلك، استمرت حملة الترهيب بما في ذلك خطف مواطنة ألمانية وقتل الباحث والمستشار الحكومي هشام الهاشمي في تموز.
 
وصرح مسؤول عراقي طلب عدم الكشف عن هويته : "نعرف من هم القتلة ومكانهم، لكن لا يمكننا اعتقالهم أو الإعلان عن ذلك، لانه أمر بالغ الحساسية". وازدادت الهجمات الصاروخية على البعثات الديبلوماسية والارتال اللوجستية العسكرية، وباتت الجماعات المتشددة أكثر جرأة في تهديداتها ضد رئيس الوزراء. وأشار منصور إلى أن الكثير من هذه الفصائل تندرج في إطار هيئة الحشد الشعبي التي باتت تشكيلا حكوميا، وعدم قدرتها على بسط سيطرتها الكاملة عليها جعل الكاظمي يبدو "ضعيفاً". وأضاف أن "التحدي في العراق هو أنه لا يمكن لرجل واحد أن يصلحه - لكن بالتأكيد ليس رجلاً يؤمن بالتغيير التدريجي البطيء في وقت يكون فيه العنف مثل هذا السياق".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم