دعوات إلى التهدئة بعد التصعيد بين إسرائيل وغزة: ضبط النفس ونزع فتيل الأزمة

توالت الدعوات إلى التهدئة بين إسرائيل والفلسطنيين بعدما شنّت طائرات حربية إسرائيلة غارات على غزّة ردّاً على صواريخ أطلقت من القطاع الفلسطيني باتّجاه الدولة العبرية انتقاماً لمقتل تسعة فلسطينيين في عملية عسكرية إسرائيلية في مخيّم جنين بالضفة الغربية المحتلة.

وقال المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي للصحافيين إنّ الولايات المتّحدة "قلقة للغاية من تصاعد العنف في الضفة الغربية، وكذلك أيضاً من الصواريخ التي تمّ إطلاقها على ما يبدو من غزة".

وأضاف "نعتقد أنّه يتعيّن على جميع الأطراف المعنية أن تسعى بشكل عاجل لنزع فتيل الأزمة".

وفي باريس، قالت المتحدّثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آنّ-كلير لوجاندر إنّ "فرنسا تعرب عن قلقها العميق إزاء مخاطر التصعيد، بما في ذلك في قطاع غزة، في أعقاب العملية التي نفّذها الجيش الإسرائيلي أمس في مخيّم جنين بالضفة الغربية، والتي أفادت تقارير عدة أنّها أسفرت عن مقتل مدنيين".

وأعربت لوجاندر عن أسفها كون أعمال العنف في الضفّة الغربية أسفرت في شهر كانون الثاني لوحده عن مقتل 30 فلسطينياً.

وشدّدت المتحدّثة على أنّ فرنسا تؤكّد تمسّكها باحترام القانون الإنساني الدولي و"بواجب حماية المدنيين في الأراضي المحتلّة والذي يقع على عاتق إسرائيل". 

وأضافت أنّ باريس "تدعو جميع الأطراف إلى ضبط النفس والامتناع عن تأجيج التصعيد".

وأكّدت لوجاندر تمسّك بلادها بحلّ الدولتين الذي ينصّ على قيام دولة فلسطينية تعيش مع إسرائيل "جنبا إلى جنب بسلام وأمن". 

وشدّدت المتحدّثة على أنّ فرنسا تعتبر أنّ هذا هو "الحلّ الوحيد القادر على ضمان سلام عادل ودائم للإسرائيليين والفلسطينيين".

والخميس أسفرت عملية عسكرية إسرائيلية في الضفّة الغربية المحتلّة عن مقتل 10 فلسطينيين، في تصعيد قرّرت السلطة الفلسطينية على إثره وقف التنسيق الأمني مع الدولة العبرية التي قالت من جهتها إنّ قواتها تبادلت إطلاق النار مع "مطلوبين بعمليات إرهابية".

وبحسب وزارة الصحّة الفلسطينية فقد سقط تسعة من القتلى العشرة خلال العملية العسكرية الإسرائيلية في مخيّم جنين للاجئين الفلسطينيين، في حين سقط القتيل العاشر في بلدة الرام قرب القدس برصاص إسرائيلي خلال مواجهات أثناء احتجاجات على العملية العسكرية في جنين.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أنّه ردّاً على صواريخ أطلقت ليل الخميس من غزّة باتّجاه الدولة العبرية، شنّ فجر الجمعة غارات جوية على ثلاثة مواقع في القطاع الفلسطيني تابعة لحركة حماس التي يحمّلها المسؤولية عن أيّ صاروخ ينطلق من هذا الجيب المحاصر بحكم أنّه واقع تحت سيطرتها.

ولم يتسبّب القصف الفلسطيني ولا الغارات الإسرائيلية بسقوط قتلى، لكنّ أضراراً جسيمة وقعت في المواقع المستهدفة في غزة وفي عدد من المنازل القريبة، وفق مصدر أمني في القطاع.

وأعلنت حركة الجهاد بشكل غير مباشر مسؤوليتها عن إطلاق الصواريخ، بينما أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس أنّها استهدفت بصواريخ أرض-جو وبمضادات أرضية، الطائرات الحربية المغيرة.

وكان مسلحون فلسطينيون أطلقوا في منتصف الليل صاروخين في اتجاه البلدات الإسرائيلية المحاذية للقطاع، لكن نظام البطاريات المضادة الإسرائيلي اعترض الصاروخين.

وأثناء الغارات الجوية، أطلق مقاتلون فلسطينيون ستة صواريخ من مناطق متفرقة باتجاه المناطق الإسرائيلية القريبة من القطاع.

وفي نيويورك، أكّد السفير الفلسطيني في الأمم المتحدة رياض منصور أنّ مجلس الأمن الدولي سيعقد الجمعة "جلسة مغلقة لمناقشة التصعيد الإسرائيلي".

ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا" عن منصور قوله إنّه "تمّ تجهيز مذكرة حول التصعيد الإسرائيلي، وجرى التواصل مع دولة الإمارات العربية المتحدة، الممثل العربي في مجلس الأمن، وقد قامت الإمارات بالتقدّم بهذا الطلب بشكل رسمي، نيابة عن الجانب الفلسطيني، وأيّدته كل من الصين وفرنسا حتى اللحظة، حيث ستتمّ مناقشة هذا العدوان خلال الجلسة".

وعدد القتلى الذين سقطوا في عملية جنين هو الأكبر الذي يسجّل منذ 2005 في عملية إسرائيلية واحدة في الضفة الغربية، وفق الأمم المتحدة.

ووقعت جولة عنف في آب الماضي بين الجيش الإسرائيلي والجهاد الإسلامي في غزة استمرت ثلاثة ايام وقتل خلالها ما لا يقل عن 49 فلسطينيًا بين مقاتل ومدني.

ومنذ بداية العام الجاري، قتل حوالى 30 فلسطينيًا بينهم مدنيون ونشطاء في مجموعات مسلحة، في أعمال عنف مع جنود أو مدنيين إسرائيليين.

والجيش الإسرائيلي الذي يحتلّ الضفة الغربية منذ 1967، ينفّذ عمليات بشكل شبه يومي في المنطقة، لاسيّما في جنين ونابلس في شمال الضفة والتي تعتبر معقلاً لمقاتلي الفصائل الفلسطينية.

ووصفت السلطة الفلسطينية ما حدث في جنين بـ"المجزرة"، وقررت على إثره وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل.

- مسيرات تضامن -
ومن المقرّر أن يزور وزير خارجية الولايات المتحدة أنتوني بلينكن الإثنين والثلثاء إسرائيل والضفة الغربية في مسعى لخفض التصعيد.

وندّد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط ب"المجزرة الدامية" التي ارتكبت "بأوامر مباشرة من (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو".

وبعد صلاة الجمعة، وبدعوة من حماس والجهاد الإسلامي انطلقت مسيرات حاشدة شارك فها آلاف الفلسطينيين في القطاع، تضامناً مع جنين. وتمّ حرق أعلام أميركية وإسرائيلية في وسط غزة.

وفي كلمته أمام آلاف المشاركين في المسيرة التي دعت اليها حركة الجهاد في ميدان فلسطين في وسط غزة، دعا عضو المكتب السياسي للحركة خالد البطش إلى "تصعيد المقاومة في وجه العدوان" الإسرائيلي.