الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

الغنوشي "حرباء" السياسة في تونس يقف في وجه ما يصفه بأنّه "انقلاب"

المصدر: رويترز
سعيّد (الى اليمين) مستقبلا الغنوشي في القصر الرئاسي بضاحية قرطاج الشرقية بالعاصمة تونس (15 ت2 2019، أ ف ب).
سعيّد (الى اليمين) مستقبلا الغنوشي في القصر الرئاسي بضاحية قرطاج الشرقية بالعاصمة تونس (15 ت2 2019، أ ف ب).
A+ A-
برز راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي بسرعة باعتباره المعارض الرئيسي لجهود الرئيس قيس سعيد لإعادة تشكيل المسرح السياسي في البلاد ووصف قراره عزل الحكومة بأنه انقلاب.

وصباح اليوم الاثنين، بعد ساعات فحسب من إغلاق سعيد الرئيس المستقل مبنى البرلمان وانتشار الجنود حوله، وقف الغنوشي خارج المبنى مطالبا بالسماح له بدخوله.

وقال الغنوشي: "عمري 80 عاما وقضيت عمري أناضل ضد الانقلابات".

أصبح الغنوشي، رئيس حزب النهضة الإسلامي المعتدل الذي لعب دورا في ائتلافات حكومية متعاقبة، يجسد ما يدور على المسرح السياسي التونسي منذ ثورة 2011 عندما عاد منتصرا من المنفى ليصوغ سلسلة من التسويات على مدار عشر سنوات جنبت البلاد حربا أهلية، لكنها أصابت كثيرين بالإحباط.

ومع ركود الاقتصاد والشد والجذب بين قيادات البلاد بلا نهاية لهذا الحال في الأفق، أصبح الوضع صورة من صور الديمقراطية بالتوافق التي أحزنت كثيرين من التونسيين على ثورة حققت لهم حريات جديدة للتعبير والتجمع والتمثيل النيابي.

ومع تفجر الاحتجاجات في يناير كانون الثاني الماضي تحملت الحكومة والأحزاب القديمة في البرلمان مثل حزب النهضة العبء الأكبر من الغضب الشعبي. وانفجرت موجة الغضب هذه أخيرا الأسبوع الماضي مع ارتفاع كبير في الإصابات بكوفيد-19.

ويوم الأحد وقبل ساعات من تصعيد الرئيس سعيد لنزاعه القديم مع النخبة السياسية، هاجم المحتجون مكاتب حزب النهضة في مختلف أنحاء البلاد.

يرى منتقدون علمانيون في الغنوشي حصان طروادة للتيار الإسلامي المتشدد بينما يرى بعض المحافظين أنه تخلى عن قضيتهم. وقد دأب الغنوشي على اتباع نهج براغماتي في توجيه الحزب لضمان بقائه طرفا أساسيا على المسرح السياسي، حتى اكتسب سمعة بأنه "حرباء عقائدية".

قال الغنوشي بعد أن أقر البرلمان دستورا ديموقراطيا في 2014: "نجحنا في ثورة هادية... ونجحنا في تجنب حرب أهلية... وتوصلنا إلى توافق".

وتباين ذلك تباينا صارخا مع جذور الغنوشي في حركة إسلامية محظورة عندما دخل السجن مرتين، ثم قضى عقدين في منفى بضاحية إيلنغ في غرب لندن، متهما بأنه وراء محاولة انقلاب.

وخلال وجوده في المنفى، صقل الغنوشي أفكاره وخفف من غلواء بعض المواقف بأفكار ديموقراطية وصادق الزعيم الإسلامي التركي رجب طيب إردوغان.

وعندما ثار التونسيون على الرئيس زين العابدين بن علي في كانون الثاني 2011، عاد الغنوشي إلى البلاد حيث وصل على طائرة حطت على أرض تونس بعد أسبوع من رحيل الحاكم الاستبدادي. وكان في استقباله حشد غفير تغمره الفرحة.

وامتلأ مبنى المطار بآلاف من أنصاره الذين صعدوا فوق الأسطح وتسلقوا أعمدة اللافتات وراحوا يرددون شعارات التأييد، وقد رفعوا قبضاتهم في الهواء وسالت على خدودهم دموع الفرح.

وعندما خرح الغنوشي، بشعره الأشيب وشاله الأحمر من المبنى، وقد تكتل الحشد حوله، أمسك بمكبر صوت، وطالب الحاضرين بمواصلة ثورتهم.

الدستور
فاز حزب النهضة بأغلبية المقاعد في أول انتخابات حرة تشهدها تونس بعد ذلك بتسعة أشهر. وكانت تلك مقدمة لمناورات حرجة بين الفصائل المتنافسة تصاعدت فيها اختلافات الإسلاميين والعلمانيين.

ومع تزايد الخلافات في 2013 وامتدادها إلى الشوارع، خشي كثيرون من التونسيين أن يتفجر في بلادهم أيضا العنف الذي أعقب انتفاضة ليبيا المجاورة.

وأبرم الغنوشي والرئيس العلماني الباجي قائد السبسي اتفاقا لتهدئة الشارع التونسي.

وسمح ذلك بالاتفاق على دستور جديد استُقبل عند إقراره في البرلمان بالابتهاج وتبادل العناق بين الخصوم السياسيين وبالدموع.

إلا أن هذه التنازلات بدأت تعتمل في نفوس البعض.

واتهم خصوم التيار الإسلامي في السياسة الغنوشي بغض الطرف عن المتشددين التونسيين الذين رحلوا زمرا للانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا ونفذوا اغتيالات في الداخل. ونفى هو صحة هذه الاتهامات.

وفي الوقت نفسه، هاجم كثيرون من أنصاره قراره تأييد قانون أثار ضجة بمنحه عفوا لمسؤولين متهمين بالفساد في عهد الرئيس بن علي.

وقال الغنوشي إنه بصفته ضحية للإقصاء السياسي من قبل، فإنه يعتقد أن على تونس الجديدة أن تحتوي الكل حتى من كانت لهم صلات بالنظام القديم.

ومع تعثر الاقتصاد التونسي وتدهور الخدمات الحكومية ارتبط حزب النهضة بسياسات مكروهة.

وكان الغنوشي يحاول في الوقت ذاته أن ينأى بالحزب عن التيار الإسلامي المتشدد فوصف الحزب بأنه حزب ديمقراطي إسلامي وفصل رسالته السياسية عن أنشطته الاجتماعية والدينية.

وعندما رشح نفسه لمنصب عام للمرة الأولى في الانتخابات البرلمانية عام 2019 قدم حزب النهضة أضعف أداء له منذ سنوات. لكنه احتفظ بمكانته كأكبر الأحزاب بحصوله على ربع المقاعد تقريبا.

وفاز الغنوشي بمنصب رئيس البرلمان.

إلا أنه كان في أواخر السبعينيات من العمر، وكانت مظاهر الوهن تبدو عليه على نحو متزايد مع تفتت الآراء في البرلمان والخلافات بين قيادات حزبه.

وكان صوته يبدو ضعيفا في كثير من الأحيان ويداه ترتعشان وهو يجلس على المنصة الخشبية الحمراء مخاطبا أعضاء البرلمان الجالسين على مقاعدهم المغطاة بالجلد الأخضر في قاعة البرلمان بينما كان خصومه يقفون لتحديه أو للإيقاع به.

وربما تحدد الآن القرارات التي اتخذها الرئيس سعيد مساء يوم الأحد ما إذا كان الغنوشي سيتمكن من العودة إلى البرلمان.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم