كيف تحفّز أزمة المياه المشاكل الإقليمية؟

تثير أزمة شح المياه مشاكل شرق أوسطية عدة في الوقت الحالي. حتى المشاكل الداخلية الناجمة عن هذه الأزمة باتت تتخطى الحدود لتتخذ طابعاً إقليمياً. في مراجعة سريعة لأبرز تقارير مراسليه بهذا الشأن، قدّم موقع "ألمونيتور" ملخّصاً عن الأزمة المتنقلة والتداعيات المترتبة عنها، علماً أن الدول الكبرى بدأت تدرس خياراتها الديبلوماسية لتفادي الأسوأ.

 

النيل وسد النهضة

في 19 تموز أعلنت إثيوبيا أنها ملأت للعام الثاني سد النهضة على النيل الأزرق وهو الرافد الرئيسي لنهر النيل. وفي 8 تموز، كان وزير الخارجية المصري سامح شكري قد أبلغ مجلس الأمن بأنّ ما يحصل يمثّل "تهديداً وجودياً". وفي 15 تموز، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن أي تقليص لإمدادات مصر بالمياه هو خط أحمر لا يمكن تجاوزه. حثّت تونس المجلس كي يدعم اتفاقاً قائماً على وساطة دولية حول إدارة مياه النيل. يجد "ألمونيتور" صعوبة في تحقق ذلك لأن الدول الأعضاء في مجلس الأمن لا ترتاح حول سابقة إصدار قرار بشأن "القضايا المائية".

بعد خيبة أملها من موقف موسكو المحايد في مجلس الأمن، تتواصل القاهرة مع الصين لحلحلة المأزق. فللصين علاقات وثيقة مع أديس أبابا كما تستثمر بشدة في مصر ضمن "مبادرة الطريق والحزام" إضافة إلى استثمارات مستقبلية أخرى كما هي الحال في قناة السويس.

تحظى مصر أيضاً بدعم من السعودية التي تتمتع بعلاقات وثيقة مع إثيوبيا. كما تحظى بدعم حازم وكامل من جامعة الدول العربية. وثمة احتمال أيضاً لقيام إسرائيل بدور الوساطة لأن لديها علاقات إيجابية مع إثيوبيا ومصر. لقد عادت إسرائيل إلى دور "المراقب" في الاتحاد الأفريقي وهي حريصة على التوصل إلى المزيد من اتفاقات التطبيع في القارة. كذلك، ترمي إدارة بايدن بثقلها خلف وساطة بقيادة الاتحاد الأفريقي. وتخوض مصر ديبلوماسيتها مع جيبوتي وتنزانيا وبوروندي لمواجهة خطط إثيوبيا.

 

من خوزستان إلى العراق

قطعت إيران الإنترنت في محافظة خوزستان حيث اندلعت تظاهرات بسبب نقص المياه. يقول خبراء إن السبب الأساسي في مشكلة المياه هو جفاف قاسٍ. لكن يمكن أن يكون سوء إدارة الموارد المائية قد لعب دوراً أيضاً. لا تنحصر الأزمة في تلك المحافظة، لكن عبء الأزمة أثقل هناك. والتداعيات إقليمية بحسب "ألمونيتور".

يعتمد العراق على إيران في حصة كبيرة من التغذية بالتيار الكهربائي. وفي العراق، تواجه الإمدادات المائية خطراً أيضاً. دعت حكومة إقليم كردستان العراق المواطنين إلى تقنين المياه بسبب انخفاض منسوب المياه الجوفية عقب الجفاف. ويلوم الوزير العراقي للموارد المائية مهدي رشيد الحمداني تركيا لإخفاقها في الالتزام باتفاقاتها المائية حول نهري دجلة والفرات. كما يلوم الحمداني إيران بسبب تحويلها المياه من نهر قارون بعيداً من شط العرب.

 

إعادة ضبط العلاقات

أعطت الحكومة الإسرائيلية الجديدة أولوية لإعادة ضبط العلاقات مع الأردن، وتحتل المياه المرتبة الأولى في هذه الأجندة الخارجية. سمح رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو بإضعاف اتفاقية "قناة البحرين" التي تربط البحر الميت بالبحر الأحمر برعاية البنك الدولي ودعم الولايات المتحدة.

دعت الاتفاقية لتأسيس خط أنابيب مائية ضخمة بين البحرين مع منشآت لتحلية المياه يستفيد منها الطرفان على ضفتي صحراء وادي عربة مع إعادة تحويل المياه المتبقية والمحلول الملحي إلى البحر الميت. مقابل التعاون الأردني، التزمت تل أبيب بإمداد الأردن بـ50 مليون متر مكعب إضافي من المياه المنتجة في محطة تحلية إضافية في الشمال تتدفق منها المياه إلى بحيرة طبريا ومن هناك إلى الأردن.

كان إتمام الاتفاقية هو البند الأول في المهمة "السرية" لرئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت إلى عمّان في وقت سابق من الشهر الحالي. وبعد لقائه بالملك عبدالله الثاني في 20 تموز، أعرب الرئيس الأميركي جو بايدن عن دعم بلاده للعلاقات الأردنية الإسرائيلية المتحسنة وذكر الاتفاقية كمثل على ذلك.