"ملوك الجدعنة"... مصري يُجازف بحياته لإنقاذ جيرانه من الاحتراق (غير مصحح)

صدقت المطربة اللبنانية نانسي عجرم عندما تغنّت للمصريين وقالت: "ملوك الجدعنة ودي حاجة في طبعهم"، فالمصريون بالفعل ملوك الجدعنة وهذا طبع أصيل فيهم، وليس أدلّ على ذلك من مجموعة صور تداولها ناشطون التواصل الاجتماعي تُبرز موقفاً بطوليّاً لشاب مصري خاطر بحياته عندما تسلّق سلماً خشبيّاً مُعلقاً بين بنايتين من أجل الوصول إلى عقار نشبت فيه النيران، لكي ينقذ سكانه.
بداية القصة تعود عندما انفجرت أسطوانة أوكسيجين نتج عنها حريق شبّ في عيادة طبيب مصري بمدينة دمنهور بمحافظة البحيرة شمال البلاد، إذ انتقلت النيران لأربع شقق مجاورة، واستغاث السكان الذين حاصرهم الحريق، وكاد بعضهم يختنق أو يحترق لكن قدر الله كان مختلفاً.
وفوجئ المارة بقيام عدد من الشباب بتسلّق البناية المجاورة مستعينين بسلم خشبي استخدمه شاب فدائي للتسلل إلى الشقق التي انتقل إليها الحريق وأصدر سكانها الاستغاثات، إذ تمكّن الشاب بمساعدة آخرين من إنقاذ السكان وإخراجهم بعيداً عن الحريق حتى وصول قوات الإطفاء وسط إعجاب وهتاف من المارة والمحتشدين في الشارع.
وتلقّت مديرية أمن البحيرة إخطاراً من مركز شرطة دمنهور يفيد بنشوب حريق داخل عيادة بنطاق منطقة الكوبري العلوي بعاصمة محافظة البحيرة، ما أدى إلى إصابة 13 شخصاً بحروق واختناقات وتم نقلهم للمستشفيات.
ودفعت القوات بعدد من سيارات الإطفاء للتعامل مع الحريق، فيما تم فرض كردون أمني وفصل المرافق عن موقع الحريق حتى تم إخماده والسيطرة على النيران، وتولّت النيابة التحقيق في الحادث.
وفي هذا السياق، قالت الدكتورة إيمان عبدالله استشاري الصحة النفسية والإرشاد الأسري لـ"النهار"، إن الشهامة جزء لا يتجزأ من صفات المصريين، وفي المواقف الاجتماعية الصعبة نجد أن المصري لا يتردد في أن يقدم المساعدة، بل يقدّم المساعدة لأناس لا يعرفهم أصلاً ويُقدّم روحه فداءً للآخرين ولوطنه.
ولفتت إلى أنّ المصري مثل الجندي، نجده ينقذ غيره من حادث أو من الموت، وتتعدد المواقف التي تؤكّد ذلك من قديم الزمان وليس في وقتنا الراهن فقط، كما أنّ القيم الأصيلة الراسخة في عمق أبنائنا لا تتأثر أبداً بما يحدث وإن تأثّر ظاهره، فباطنه أصيل لا يتزعزع، لأن أصل المصري عميق مثل جذور النخل تماماً.
وأكّدت أنّ مصر ما تزال تحصد شجاعة وشهامة كل يوم نراها ونلمسها، وهذا ما زرعته بالأمس لنراه اليوم رأي العين مهما كان عمر الشخص الشهم ومهما كان رجلا أو امرأة، فتجدهم يقدمون العون والمساعدة.

وأوضحت أنّ ابن البلد كُتب عنه كثيراً في الأساطير، وابن مصر هو ابن البلد، تراث يُدرّس عبر العصور، وما تزال مصر هي علامة استفهام للعالم كله، كما ذكرت في كتاب فرنسي مترجم اسمه "مصر ولع فرنسي" ينبهر بها الفرنسيون والأوروبيون جميعاً، لما فيها من صفات لم تكن موجودة أبداً، ولم نسمع في أي دولة من الدول شهامة شخص أنقذ آخرين من الموت مثلما يفعل المصري ابن البلد، كما أنّه يتمسّك بحماية العرض والشرف بشكل مستميت، ولكن ما نراه أو نسمعه في شريط الأخبار والقنوات الفضائية هي حالات فردية لا تمت للأصل بصلة، فالمصري معروف عنه أنه يحمي عرضه وشرفه وأصله وأهله والآخرين، وهو من جسد قول عالم الاجتماع الشهير ابن خلدون، الذي قال إن الإنسان كائن اجتماعي، فالمصري يُجسّد هذه المقولة بطبعه وعاداته وتقاليده التي يعيش فيها، ونجد أنّ مصر كلها مثل الأسرة الواحدة، ويعيشون في نسيج واحد سواء كانوا من المسلمين أو المسيحيين.
وأشارت إلى أنّ المصري أصيل يُحيي قيمه بشكل يومي، فهو أكثر شخص جريء يزور المرضي ويدعمهم ويأخذ من بيته ويعطي الآخرين وهذه الصفات موجودة وأصيلة ومتأصّلة عبر الأزمنة، فنجد شاباً مراهقاً أو راشداً يلقي بنفسه وينقذ آخرين لا يعرف عنهم شيئاً إلّا أنهم يعيشون معه تحت سماء هذه البلد، فالأخلاقيات الحميدة لا تهرب من المصري، بل هي موجودة وما يظهر عبر المضللين هي أفكار متطرّفة يحاربها المصريون كل يوم ويقاومونها ويرفضونها.