الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

عشرية انتفاضة سيدي بوزيد في تونس غابت الاحتفالات وحضرت الاحتجاجات

المصدر: النهار
عشرية انتفاضة سيدي بوزيد في تونس  غابت الاحتفالات وحضرت الاحتجاجات
عشرية انتفاضة سيدي بوزيد في تونس غابت الاحتفالات وحضرت الاحتجاجات
A+ A-
 
أحيت محافظة سيدي بوزيد في وسط تونس أمس في  أجواء باهتة، الذكرى العاشرة لاندلاع الاحتجاجات الشعبية، التي أطاحت نظام الرئيس زين العابدين بن علي ووضعت البلاد على مسار انتقال ديموقراطي، في أجواء يحضر فيها الاحتجاج ويغيب الطابع الاحتفالي.
ففي 17 كانون الاول 2010، أضرم الشاب محمد البوعزيزي النار في جسده بعد خلاف شديد مع الشرطة حول بضاعته وعربة الخضار، التي كان يكسب رزقه بها في هذه المحافظة المهمشة داخل تونس.
وأدت الاحتجاجات الاجتماعية والصدامات مع الشرطة الى مقتل نحو 300 شخص وهروب بن علي الى خارج البلاد، بينما امتدت الاحتجاجات لتشمل دول مجاورة سقطت أنظمتها تباعا.
لكن مظاهر الاحتفال التي كانت سائدة خلال السنوات الأولى بعد الثورة، تبددت بسبب تأزم الوضع المعيشي والاجتماعي خصوصا في المناطق الداخلية.
كما فقدت اللافتة الكبيرة لصورة البوعزيزي في وسط مدينة سيدي بوزيد بريقها بمرور السنوات، وكذلك تمثال عربته.
 
"التشغيل استحقاق"
تظاهر مئات الأشخاص الخميس في وسط المدينة وقرب تمثال العربة ورددوا "التشغيل استحقاق يا عصابة السراق"، والمطالبة بالوظائف من اهم الشعارات التي تم رفعها في ثورة 2011. 
ودفعت ندرة الوظائف الكثير من الشباب إلى الهجرة عبر البحر بطريقة غير قانونية باتجاه السواحل الاوروبية. وأحيانا تنتهي مغامراتهم بمأساة ويلقون حتفهم في البحر الابيض المتوسط.
وفي الشارع الرئيسي في وسط سيدي بوزيد، تزين جدران مبان لافتات كتب عليها :"عبّدنا لكم طريق الحرية، فسلكتم المنعرجات" و"العنف سلاح الجبناء" و"لا بد من تحويل الشعارات الى فعل حقيقي". 
وكتب على تمثال العربة "مانيش مسامح" (لن أسامح). 
وتحول اليوم "التاريخي" للاحتفال بذكري الثورة الى مناسبة للتعبير عن غضب سكان المنطقة. وصرخ المحامي فاروق الجزيري :"يتجدد ذات مشهد الغضب كل عام، وضع الناس يسوء بعد عشر سنوات".   
وباتت ذكرى الثورة في المحافظة مناسبة لا لتخليد تاريخ وضع حد للنظام الديكتاتوري، وانما للاحتجاج ضد النظام السياسي القائم و"العاجز" عن ايجاد حلول للوضع الاقتصادي في المنطقة التي تستقبل عادة الوزراء والمسؤولين بالحجارة وعبارة "ارحل".
بينما تعيش باقي احياء المدينة نسق حياة عادية بعدم اكتراث "تام" بما يحصل.
ولم يعلن عن زيارات رسمية لمسؤولين كبار في الدولة إلى المحافظة الخميس. وأعلنت رئاسة الجمهورية التونسية ان الرئيس قيس سعيّد الذي جعل من شعار الثورة "الشعب يريد" عنوانا كبيرا لحمتله الانتخابية، لن يزور سيدي بوزيد الخميس "لالتزامات طارئة" وفقا لبيان الأربعاء.
وعبر احد المحتجين عن "لامبالاة" بزيارة سعيّد وتساءل "ماذا ستضيف لنا؟" 
وكان سعيّد أستاذ القانون الدستوري، انتخب رئيسا للبلاد اواخر 2019 بتأييد واسع خصوصا من فئة الشباب بعدما دافع عن مبادئ الثورة.
وأكد سعيّد في تصريحات سابقة، أنه مستعد لتقديم اعتذار الدولة "من دون تأخير" لضحايا انتهاكات حقوق الانسان خلال فترة حكم الديكتاتورية، في خطوة مهمة في مسار المصالحة والعدالة الانتقالية.
ويقول الباحث في العلوم السياسية حمزة المؤدب، إن "الجو غير ملائم للاحتفال. لا الحكام ولا المحكومين يتوجهون نحو مناخ من الاحتفال لان هناك حصيلة (تفيد) ان البلاد في وضع سيئ".
 
"فشل"
ويرى المؤدب أنه بالتأكيد "بنت البلاد ديموقراطية بصعوبة، وبالتأكيد ايضا هناك تقدم في الحريات السياسية ولكن وبعد عشر سنوات من الثورة هناك حصيلة فشل".
وتشهد الطبقة السياسية في البلاد انقسامات منذ انتخابات 2019، بينما يزداد الوضع الاجتماعي والاقتصادي صعوبة مع تداعيات جائحة كوفيد-19.
وتتجاوز نسبة البطالة 15 في المئة وتشمل خصوصا الشباب في المناطق الداخلية المهمشة، بينما تدهورت القدرة الشرائية بسبب التضخم. في الوقت نفسه، تحول التجاذبات السياسية دون تنفيذ الاصلاحات الاقتصادية الكبرى ومقاومة الفساد.
ويرى المؤدب ان "المؤشرات حمراء والتونسيين في حالة من الغضب وهذا ليس التوقيت المناسب لقيام المسؤولين بزيارات ميدانية".
واستقبل بعض الاهالي من ولاية جندوبة (شمال غرب) رئيس الحكومة هشام المشيشي بهتاف "ارحل" خلال زيارة قام بها منذ اسبوعين بعد حادث وفاة طبيب بسبب عطب في مصعد في مستشفى المنطقة.
وتمثل تزايد الغضب الاجتماعي خلال الأسابيع الفائتة بإغلاق طرقات واعتصامات وتوقيف عمليات انتاج في مناطق للمطالبة بتأمين وظائف والتنمية وتحسين الخدمات الحكومية.
والطبقة السياسية في البلاد متهمة بإضاعة الوقت في مواضيع غالبا ما تكون وراءها مصالح حزبية ضيقة، حتى ان البرلمان بات في المدة الأخيرة مسرحا لخلافات حادة تصل أحيانا الى حد الاشتباك بالايدي.
ويواجه "حزب النهضة" الذي يحتل المرتبة الاولى في عدد المقاعد في البرلمان (54 من أصل 217)، صعوبات لتثبيت غالبية مريحة أمام كتل نيابية مشتتة لتبقى تبعا لذلك حكومة المشيشي ضعيفة ودون دعم سياسي قوي داعم لها.
 ويؤكد المؤدب ان "الطبقة السياسية فشلت، وتواجه انتقادات كبيرة". ويضيف متسائلا أنه حتى الرئيس قيس سعيّد الذي انتخب "بأمل كبير بصدد خذلان جزء كبير من الناخبين، لماذا يذهب الى سيدي بوزيد؟" ويرى أنه "بعد عشر سنوات على الثورة، لم يعد هناك صبر للناس لسماع الخطابات... يريدون الانجاز الحقيقي والان".
الى ذلك، يؤكد مراقبون ان البلاد شهدت انتشارا للفكر المتشدد وتشكلت تنظيمات جهادية مسلحة بعد الثورة اربكت الامن العام في البلاد بهجمات استهدفت سياحا ورجال أمن وعسكريين. كما هزت الاغتيالات السياسية البلاد وفرضت السلطات حالة طوارئ لا تزال سارية الى اليوم.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم