الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

كان يتحضّر لاستقبال العيد فأصابه صاروخ اسرائيلي... فرحة محمود ابن الـ13 عاماً لم تكتمل

المصدر: النهار
أسرار شبارو
أسرار شبارو
الطفل الراحل محمود.
الطفل الراحل محمود.
A+ A-
كان ينتظر العيد، اشترى ملابس جديدة لاستقباله، طلب من والده المال للتوجه عند الحلاق لقص شعره استعدداً لليوم المنتظر. رغم القصف كان يعيش طفولته بكل براءة، ظناً منه أن صواريخ الغدر لن تقترب إلى أحلامه وتخطفها وإياه.
دفع محمود حامد طلبة حياته ثمن القصف "الوحشي" على قطاع غزة، على باب صالون الحلاقة نزف دمه الطاهر قبل أن يرحل ليكون عيده بعيداً عن أرض لا عدالة فيها ولا رحمة ولا إنسانية.
 
 
غدر الصواريخ
 
لم تكن الفرحة تسع محمود (١٣ سنة) بقرب العيد، رغم القصف والدمار، الرعب والهلع الذي ينتاب أطفال القطاع مع كل صاروخ يسمعون دويه، ومع كل مشهد يمر أمامهم على التلفاز أو وسائل التواصل الاجتماعي، للدم والموت العشوائي.
 
كان محمود كغيره من الأولاد يحاول قدر المستطاع أن يتخيّل نفسه بعيداً عن دائرة الشهداء، فهو لم يعش من عمره إلا القليل ولم يرتكب ذنباً ليدفع ثمنه أغلى ما لديه، ويوم الثلثاء الماضي، كما قال لنا والده حامد: "طلب منّي المال للتوجه عند الحلاق في حي صلاح الدين، الذي يبعد مسافة قصيرة عن بيتنا، وإذ عند الساعة التاسعة ليلاً، يقصف الحي، دوت الانفجارات، تزلزلت الأرض، الشظايا، الغبار والأتربة اقتحمت منزلنا، خرجت مسرعاً لأطمئن على صغيري، سألت عن مكان سقوط القذائف، أجابني الجيران في الشارع المقابل، وعلمت أنه قرب الحلاق، وما إن وصلت حتى عثرت على محمود ممدداً أرضاً غارقاً بدمه، حمله الجيران وسارعوا به بسيارة مدنية إلى المستشفى، حيث حاول الأطباء اسعافه، بعدما اخترقت شظية رأسه، وضع في العناية الفائقة، قبل أن يسلم الروح عند الساعة السابعة من صباح الخميس الماضي".
 
ولفت الى "سقوط ٢٥ جريحاً في مكان القصف، إضافة إلى استشهاد ولد يدعى يحيى خليفة يبلغ من العمر حوالى ١٤ سنة على الفور، حيث أن منزل عائلته ملاصق لصالون الحلاقة". وعن هدف الصواريخ التي أطلقت حينها، أجاب "لا أعلم بالتحديد، فنحن نعيش حالة من التصعيد بين الفعل وردة الفعل".
 
 
رحل قبل ارتداء ملابس العيد
 
كان حامد كما قال يعلم بقرارة نفسه أن محمود لن يقو على الموت ولن يستقبل العيد مع شقيقيه وشقيقته، بسبب "غزارة الدم الذي نزفه، ومع ذلك لم أفقد الأمل، حتى جاءني الخبر، بأنه في اليوم الذي انتظره طفلي أي العيد... رحل"، مضيفاً "هي المرة الأولى منذ خمس سنوات التي اشتري فيها لمحمود ملابس العيد كاملة، بنطالاً وقميصين قطنيين، حزاماً، حذاء وملابس داخلية، وقبل استشهاده طلب قبعة، جلبتها له، لكن الطلب الذي لم أحققه له قبل موته هو شريحة لهاتف قديم أملكه، أراد أن يأخذه، إذ لم يسعفن الزمن لشرائها".
بكل صبر وإيمان، يقول حامد: "أحمد الله أنه اصطفى ابني"، مشيراً إلى أن محمود كان "دينمو العائلة، ولد ذكي، متفوق في الدراسة، عطوف ومنضبط، كان يحب المأكولات، ورغم الظرف الاستثنائي الذي يمر على القطاع منذ سنوات، كنت أحاول تأمين كل ما يطلبه".
 
رعب وهلع
 
وعن حالة الرعب التي يعيشها أطفال غزة، قال "كمجتمع فلسطيني نحاول بكل ما في وسعنا تأمين جو لأطفالنا يمكّنهم من الصبر والصمود، فهم يعيشون في حالة ضغط نفسي وعصبي نتيجة الخوف والهلع بشكل كبير، سواء من دوي القذائف أو من الصور التي تعرض على التلفزيون لاشلاء الشهداء، اذ بالتأكيد نتابع الأخبار طوال فترة القصف، وما يراه الطفل سيجعله يخشى من أن يصيبه ما أصاب الذين يشاهدهم، لكن كأباء وأمهات لدينا خبرة في الهاء الأطفال واحتضانهم، بعدما عشنا في السابق مراحل تصعيدية شرسة، مع العلم أنه لا يوجد ملاجئ في غزة، ومعظم القطاع أحياء شعبية ومخيمات لجوء، الفقر مدقع بسبب الحصار، ما حال دون تمكن السكان من ترميم منازلهم، وأي تفريغ هواء بسبب الانفجارات الضخمة يؤدي إلى تصدع المنازل وإن لم تصبها بشكل مباشر".
 
المطلب الوحيد
 
وختم "بعيداً عن أي تجاذب وحالة نزاع سياسي، لا بد من أن تفرض رؤية إنسانية، حقوقية عالمية، وأن تقف الدول التي تدعي حماية حقوق الإنسان عند مسؤولياتها لوضع حد لجولات التصعيد التي نتعرض لها كل فترة ومع يرافقها من استخدام مفرط للأسلحة الفتاكة والجبارة، التي أعدت خصيصاً لمجابهة جيوش وليس حالات مدنية وأطفال وبيوت آمنة، فنحن لا نريد أن نعيش حياة كريمة، اذ كل ما نطلبه الأمن والاستقرار".
 
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم