قلعة جعبر الأثرية وجهة للسوريين بعد سنوات من الانقطاع بسبب الحرب

خلال سيطرة "تنظيم الدولة الإسلامية" على مساحات شاسعة من سوريا، شكّلت قلعة جعبر الأثرية في شمال سوريا منطلقاً لهجمات الجهاديين، لكنها اليوم عادت مقصداً لزوار باحثين عن متنفس بعد توقف المعارك.

داخل القلعة التي هي بمثابة شبه جزيرة تقع على الضفة الشمالية لبحيرة الأسد شمال غرب مدينة الطبقة، يتسلّق زوار السلالم للصعود الى الأبراج المرتفعة والتمتع بعبق التاريخ والطبيعة. يلتقط أطفال صوراً تذكارية في أنحائها وقرب حصونها. بينما تكتظ ضفاف البحيرة الرملية التي تشكلت في السبعينات إثر بناء سد الطبقة، بالرواد.

ويقول عبدالله الجابر (41 سنة)، وهو من سكان مدينة الرقة التي كانت تعد المعقل الرئيسي لـ"داعش" في سوريا قبل دحره، لوكالة "فرانس برس"، "لي ذكريات كثيرة هنا مضت عشر سنوات تقريباً لم أزر خلالها القلعة جرّاء ظروف الحرب".

ويبدي سعادته لتمكّنه أخيراً من اصطحاب أطفاله إلى القلعة بعدما كانوا يتصفحون صوراً من طفولته أثناء مشاركته في رحلات مدرسية إلى الموقع.

ويوضح "كان حلمهم أن يزوروا قلعة جعبر والأماكن التي زارها والدهم، واليوم أحضرتهم ليروها على أرض الواقع".

تجذب القلعة زواراً من مناطق سورية مختلفة. وتسيطر على المنطقة قوات سوريا الديمقراطية المؤلّفة من فصائل كردية وعربية والمدعومة من واشنطن، والتي كانت رأس حربة في القضاء على التنظيم مطلع العام 2017.

وتمركز التنظيم الذي سيطر على مناطق واسعة في سوريا والعراق المجاور في صيف 2014، في القلعة. وجعل منها منطلقاً لشنّ هجمات في المنطقة. وكانت تشرف على أكبر سجن أداره التنظيم المتطرّف قرب سد الفرات.

وتحوّلت بحيرة الأسد خلال فترة المعارك الى ممر مائي استخدمه كل من قوات سوريا الديمقراطية للدخول إلى مدينة الطبقة والسكان الفارين من المدينة على وقع القتال.

- مسجد و35 برجاً -
وتعدّ القلعة من أهم القلاع التاريخية ذات الطابع الإسلامي في سوريا، ويعود بناؤها، وفق خبراء آثار، إلى العصور السلجوقية والمملوكية.

وفي القلعة مسجد و35 برجاً، وكانت تضمّ متحفاً يعرض عشرات القطع الفخارية تعرّض للنهب عام 2013.

ويقول محمّد (45 عاماً) الذي استخدم اسماً مستعاراً خشية من خلايا التنظيم التي ما تزال تثير الخوف في المنطقة، "استخدم التنظيم القلعة وأنشأ على أطرافها خنادق لتدريب أشبال الخلافة"، في إشارة إلى أطفال وفتيان ضمّهم التنظيم الى صفوفه. ويتذكّر كيف كانت "زيارة القلعة ممنوعة على السكان باعتبارها منطقة عسكرية".

ويعبّر، بينما يجلس أمام طاولة في مطعم مشرف على البحيرة التي تجوبها زوارق صغيرة تقل السواح المحليين، عن فرحه، لأن "المكان بدأ يستعيد عافيته ويقصده الناس للتنزه باستمرار خلال فصل الصيف".

على ضفاف بحيرة الأسد، ينفث شبان دخان نراجيلهم، وتفترش عائلات الأرض مع أطعمة وفواكه، ويلهو أطفال قربها، بينما تصدح أصوات الموسيقى في الأرجاء.

من محافظة اللاذقية الساحلية، قصد رضوان قهواتي (40 عاماً) القلعة برفقة زوجته وأطفاله في رحلة استغرقت ساعات في السيارة، تجاوباً مع رغبة ابنته التي درست عن القلعة في المدرسة.

ويقول لـ"فرانس برس": "أتينا إلى القلعة للسياحة والترفيه والسباحة.. الحمدلله نحن سعداء بالزيارة".