الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

بعد إنتحار طالبين بطريقة غريبة في مصر... الطبّ النفسي يحذّر من نشر رسائل اليأس من الحياة

المصدر: "النهار"
مروة فتحي
تعبيرية.
تعبيرية.
A+ A-

الحياة ليست وردية دائماً، ولا يمكن أن تكون كذلك، ولكن الإنسان خُلق ليحارب الصعاب ويتغلب عليها، ورغم فشله في كثير من الأحيان، فيجب أن يعلم كيف يحاول من جديد أن يكون متمسكاً بالأمل في التغيير.

ورغم العزيمة القوية وقصص النجاح التي حققها كثيرون، إلا أن البعض يستسلم لليأس. وفي مصر؛ عثرت الأجهزة الأمنية على جثتي طالبين بكليتي الطب والهندسة بجامعة الإسكندرية، أقدما على الانتحار في أحد الفنادق وسط المحافظة مساء الجمعة في ظروف غامضة.


وكشفت التحريات أن الجثتين تعودان الى "طالبين في الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا وهما من أسرتين ثريتين، وأنهما انتحرا وهما بالملابس الداخلية واستخدما أكياساً بلاستيكية في الانتحار".


وأظهرت التحقيقات أنهما حرصا على الحجز المسبق بمعرفة طالب الطب، الذي توجه لحجز الغرفة، وفي اليوم التالي حضر إليه طالب الهندسة وأغلقا باب الغرفة بالمفتاح حتى لا يتمكن أي شخص من فتحه وإنقاذهما.


كما بيّنت التحريات أنهما أحضرا منشفتين مبللتين بمادة الكلور ووضعاهما داخل كمامتين تغطيان منطقة التنفس، وارتدى كل منهما كيس نايلون على رأسه وربطاهما بجنزير دراجات النارية.


وبالكشف على الجثتين، تبيّن عدم وجود أي إصابات ظاهرية، فيما تُكثّف الأجهزة المعنية تحقيقاتها لمعرفة ملابسات الواقعة وسبب وجودهما في الفندق واختياره للانتحار، رغم أنهما يقيمان في الإسكندرية.


وعن الحادث، قالت الدكتورة منى حمدي، استشارية الصحة النفسية والإرشاد النفسي لـ"النهار": "إنّ وراء كل منتحر أهل لا ينتبهون لهم ولا يعلمون كيفية احتواء أبنائهم كما يجب، أو يضغطون عليهم وقد يكونون يعاملونهم بقسوة، وقد تبدو بعض حوادث الانتحار غريبة مجهولة السبب لثراء فاعليها أو ظاهر العلاقات الأسرية الطبيعية، أو عدم ظهور مقدمات من اكتئاب أو أزمات سابقة قبل الانتحار فيما يُعرف بالاكتئاب المبتسم، وكمبدأ علمي لا يوجد ظاهرة وحيدة السبب".

 

وأضافت أنّ "تراجع دور الأسرة واختفاء التعليم الجيد وغياب الثقافة الدينية، إضافة إلى الإعلام والدراما والسوشيل ميديا وما تقدمه من عنف وتسويق لدراما الموت بكل أشكاله، ثم طرق تناول وطرح حوادث العنف والانتحار وفكرة الترند والشهرة من مستحدثات العصر الهوسية المصطبغة بطابع الاضطراب النفسى والمحفزة له، ثم التهميش لبعض فئات المجتمع، كل هذا قد يساهم في زيادة الميول الانتحارية للشخص".


وأوضحت أنّ "العوامل الوراثية والبيولوجية الكامنة والظروف البيئية وأساليب التربية المحفزة للميول الانتحارية، تأتي على رأس تلك الأسباب، والأصل وراء تأثير باقي الأسباب الفرعية السابقة، ثم نجد غياب محفزات السعادة الطبيعية بالحياة العصرية، وكذلك تراجع ممارسات الحب والعاطفة ما يؤدي إلى انخفاض الأوكسيتوسين، وهو هرمون سعادة التلامس للإنسان، والاندروفين وهو هرمون خفض وتسكين الآلام الجسدية والنفسية".


وأشارت إلى أنّ "أساليب التغذية غير الصحية الخافضة لهرمونات السعادة والمحفزة للاشتهاء المرضي للأطعمة المحفزة للخمول والاكتئاب المانحة لجرعات سعادة معدية يعقبها انخفاض بهرمونات السعادة طويلة المفعول، كما أن غياب الأهداف والرؤية وتحقيق الذات يضع لمساته الأخيرة فى تولد فكرة الانتحار للشخص".


وتابعت: "المانشتات والتقارير الصحافية والإعلامية المثيرة عن حوادث ومحاولات الانتحار بطريقة ما، دون قصد وبلا وعي، تؤدي إلى زيادة معدلات الإقدام على الانتحار من ذوي الاستعداد الشخصى والميول الانتحارية، ولذلك فقد أوصت المنظمات الدولية المعنية بتوخي الحرص في عرض ومعالجة هذه الحوادث بشكل لا يوحي بأن الانتحار كان  الحل السحري والراحة الأبدية، بل يجب عرض الانتحار كسلوك مُحرم وآثم وليس حلاً".


وطالبت بعدم نشر الرسائل التي تركها المنتحر قبل وفاته لعدم تصدير التعاطف والأسى له ووضعه في دور الضحية وإن كان بالفعل ضحية، "ما يحفّز الميول الانتحارية لدى المهيئين وحاملي الاستعداد الجيني والمحفّز البيئي".


وللحدّ من حالات الانتحار بين الشباب المتزايدة بمعدل 800 ألف منتحر سنوياً، ووفق إحصاءات منظمة الصحة العالمية،  هناك منتحر كل 40 ثانية، وأكثر من 20 شخصاً حاولوا الانتحار ولم يتم، تؤكّد استشارية الصحة النفسية على ضرورة نشر ثقافة الصحة النفسية ووعي طلب المساعدة النفسية، والتنويه المكثّف لكل أشكال الدعم النفسي والطبي والدعم المادي، وعدم الاستهانة بها وتضخيم وتعقيد المشاكل.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم