الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

الشيخ جراح من حي في القدس إلى وسم عالمي محمد الكرد: إنها حرب الكلمة والسردية والرأي عام

المصدر: النهار
محمد الكرد وشقيقته منى بعد الإفراج عنهما في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية الاحد.  (أ ف ب)
محمد الكرد وشقيقته منى بعد الإفراج عنهما في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية الاحد. (أ ف ب)
A+ A-
كان حي الشيخ جراح في القدس الشرقية المحتلة مجرد حي فلسطيني آخر في المدينة قبل أن يصير قضية ذات صدى عالمي مع الاحتجاجات، التي شهدها على خلفية التهديد بإجلاء عائلات فلسطينية من منازلها لمصلحة الجمعيات الاستيطانية. 
 
قبل أسابيع قليلة، أشعلت التظاهرات في الشيخ جراح حركة احتجاجية انتقلت إلى حرم المسجد الأقصى الذي شهدت باحاته صدامات عنيفة بين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية. وشكلت هذه الأحداث شرارة لاندلاع صدامات دامية في البلدات اليهودية العربية في إسرائيل قبل أن تؤدي إلى نشوء حرب خاطفة استمرت 11 يومًا بين حركة "حماس" في قطاع غزة والدولة العبرية.
 
وخلال أيار الماضي، بات وسم  #انقذوا_حي_الشيخ _جراح بلغات مختلفة منتشرا بكثافة، بينما سارع نشطاء وشخصيات بارزة بينها مشاهير من أنحاء العالم إلى مشاركته من بينهم لاعب مانشستر سيتي رياض محرز وممثلين مثل الاميركي مارك رافالو وفايولا دافيس. 
 
وتمت إزالة حسابات عن "تويتر" وحجب محتوى على "إنستغرام"، بينما ندّد مستخدمون فلسطينيون للإنترنت بمحاولات لإسكاتهم عبر فرض "رقابة" على مضمون منشوراتهم.
 
ومن بين هؤلاء الناشط والكاتب الفلسطيني محمد الكرد (23 عاما) الذي  يتهدد الإخلاء منزل عائلته في الحي.
وقد برز اسمه واسم شقيقته منى عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مع استخدامهما لتويتر وانستغرام للحديث عن قضية الحي.
 
وكان الكرد يتحدث مع "وكالة الصحافة الفرنسية" قبل أيام، من احتجاز الشرطة الإسرائيلية الأحد له ولشقيقته منى.
وأفرج عن منى بعد ساعات قليلة بعد الظهر فيما بقي شقيقها قيد التحقيق قبل الإفراج عنه مساء.
 
وبرز اسم محمد الكرد خلال إجراءه مقابلات بالإنكليزية عبر وسائل الاعلام العالمية المختلفة ونشاطه عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال الكرد في مقابلة مع "وكالة الصحافة الفرنسية" أمام منزل عائلته في الحي: "أعتقد أن ما جعل وسم #انقذوا_الشيخ_ جراح ينجح هو السردية التي استخدماها. منذ بدء الحملة  كان الخطاب واضحا للغاية. نحن نتحدث عن استعمار واستيطان وليس فقط عن انتهاكات حقوق إنسان".
 
وبحسب الكرد فإن الشيخ جراح "عينة مصغرة للاستعمار الاستيطاني الصهيوني في القدس وفلسطين بشكل عام".
ويرى الكرد أن قضية الحي "قامت بتبسيط الأمور للناس التي باتت مطلعة على موازين القوى. تمكن الجميع من رؤية أننا نباطح قوانين ونظام قضائي عنصري استيطاني مكتوب لحماية ولدعم المستوطنين".
 
تغيير كبير
للكرد أكثر من نصف مليون متابع على انستغرام ونحو مئتي ألف متابع على تويتر.
ويوضح الشاب النحيل أن "هناك تغييرا كبيرا بشكل عام. رأينا تغييرا في الرأي العام العالمي لم نره من قبل  ورأينا أن الناس تلقت تعليما سياسيا في الشهرين الماضيين وأصبح الناس يفهمون قضية الشيخ جراح وعن الاستعمار بشكل عام في القدس".
 
ويضيف: "حتى لو لم نتمكن من انقاذ البيوت،. قمنا بأمر أكبر من ذلك"، مؤكدا أن "قضيتنا لا تتوقف عند انقاذ البيوت. وإذا انقذنا بيوت الشيخ جراح فهناك 800 منزل في سلوان في حاجة للانقاذ...هناك أماكن مهددة بالتهجير في كل مكان"، في إشارة إلى أحياء اخرى في المدينة.
 
ويخوض نحو 700 فلسطيني في حي بطن الهوى في سلوان الواقعة على تلة إلى الجنوب من البلدة القديمة للقدس معركة مع المستوطنين للبقاء في منازلهم. 
 
وكانت المحكمة المركزية في القدس، قضت في وقت سابق من العام الجاري بإخلاء أربعة منازل يسكنها فلسطينيون يقولون إن لديهم عقود إيجار معطاة من السلطات الأردنية التي كانت تدير القدس الشرقية بين 1948 و1967، تثبت ملكيتهم للعقارات في الحيّ.
 
وجاء ذلك دعماً لمطالبة مستوطنين يهود بملكية هذه المنازل بدعوى أنّ عائلات يهودية عاشت هناك وفرّت في حرب عام 1948 عند قيام دولة إسرائيل.


"تضليل وتواطؤ"
خلال أيام المواجهات، شارك فلسطينيون مقاطع فيديو أو صور عبر حساباتهم على مواقع التواصل، تظهر فيها القوات الإسرائيلية وهي تقمع المتظاهرين بعنف. وتم إزالة حسابات عن "تويتر" وحجب محتوى على "إنستغرام"، فيما قالت الشركتان في وقت لاحق أنها "اخطاء تقنية".
 
وسجلت منصة "صدى سوشال" الفلسطينية التي تعنى بالدفاع عن الحقوق الرقمية للفلسطينيين، 700 انتهاك ضد المحتوى الفلسطيني خلال ايار الماضي.
ويرى الكرد أن "شركات التواصل الاجتماعي الضخمة، لم تكن فقط تقوم بالتضليل على  صوتنا وعلى سرديتنا حيال انتهاكات الاحتلال بل كان هناك تواطؤ واضح جدا".
 
وأستطرد "في فترة من الفترات  لم يكن في إمكاننا نشر أي أمر حول الشيخ جراح دون تعرضه للحذف.  ووصلتنا انذارات كثيرة بحذف حساباتنا وتراجعت مشاهداتنا في بعض الأحيان من ربع مليون مشاهد إلى تسعين ألفا او حتى خمسة آلاف مشاهد".
 
وبالنسبة للكرد، فإن استخدام وسائل الاعلام الاجتماعي قد يؤدي إلى التغيير، موضحا "كنت من الناس المؤمنين بأن أي منشور أو صورة لن يقوم بتغيير أي أمر على أرض الواقع. لكن أكتشفت أن حربنا الأولى والأخيرة هي حرب الكلمة وحرب سردية وحرب رأي عام".
 
ويعترف الكرد الذي بدأ منذ أكثر من عشر سنوات نشاطه في تسليط الضوء على قضية الشيخ جراح، بأن الأمر ليس سهلا. وقال: "من الممكن أن نمل أو نتعب ولكن الاستسلام او الاندحار او الخروج عن هذا العمل  ليس خيارا". 
 
وأضاف : "لا نملك ترف أن نترك الأمر وننساه، لأنه في اللحظة التي سنرفع فيها يدنا عن الموضوع، من الممكن أن تسرق بيوتنا في أي لحظة من اللحظات".
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم