الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

الكويت: الانتخابات البرلمانيّة تسفر عن معارضة قويّة قد تمثّل تحدياً للحكومة

المصدر: رويترز
المرشح الكويتي ورئيس مجلس النواب مرزوق الغانم يحتفل مع أنصاره بعد إعلان فوزه في الانتخابات البرلمانية في مدينة الكويت (6 ك1 2020، أ ف ب).
المرشح الكويتي ورئيس مجلس النواب مرزوق الغانم يحتفل مع أنصاره بعد إعلان فوزه في الانتخابات البرلمانية في مدينة الكويت (6 ك1 2020، أ ف ب).
A+ A-
أسفرت نتائج مجلس الأمة (البرلمان) الكويتي التي أعلنت، اليوم الأحد، عن تقدم نسبي لأصحاب المواقف المعارضة للحكومة، لا سيما القبلية والإسلامية، وهو ما قد يشكل تحديا حقيقيا للحكومة التي تعاني أزمات اقتصادية طاحنة بسبب جائحة كورونا وهبوط أسعار النفط.

واحتفظت الحركة الدستورية الإسلامية (الإخوان المسلمون) بمقاعدها الثلاثة. كذلك، احتفظ النواب الشيعة بمقاعدهم الستة، مع تغيير في الوجوه.

وذكرت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) أن رئيس الوزراء صباح الخالد الصباح قدم استقالة حكومته اليوم، في إجراء روتيني بعد الانتخابات، وأن أمير الكويت قبل الاستقالة. وطلب من الحكومة مواصلة عملها في تسيير الأمور لحين تعيين حكومة جديدة.

وجاء المجلس الجديد المكوّن من خمسين عضوا خاليا من العنصر النسائي بعد أن فقدت النائبة الوحيدة في المجلس السابق صفاء الهاشم مقعدها. وبلغت نسبة التغيير في المجلس الجديد 60 في المئة.

وأخفق التجمع الإسلامي السلفي الموالي للحكومة للمرة الثانية في إيصال أي من مرشحيه للبرلمان، وفي المقابل نجح سلفيون آخرون معارضون للحكومة في اقتناص مقاعد.

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور غانم النجار لرويترز إن نتيجة الانتخابات "تعكس الإحباط" من الوضع الحالي والرغبة في التغيير.

وأكد أن غياب المرأة "من الملامح السلبية" في الانتخابات الأخيرة، مشيرا الى أنه لم يتوقع فوز المرأة في الانتخابات الحالية. لكنه توقع أن تنافس بشكل جيد "وهذا لم يحدث للأسف".

وقال: "لا بد من مشاركة المرأة كي يتوازن المجتمع. وإذا كانت الصورة بهذا الشكل، فقد آن الأوان لفتح باب النقاش حول الحصص في قانون الانتخابات".

وقال المحلل السياسي ناصر العبدلي إن "الانتخابات أسفرت عن صعود نواب يمثلون تحالفا إسلاميا قبليا له نفس معارض. وهذا التحالف يحمل أجندة تتضمن المصالحة الوطنية والعفو عن النواب السابقين والناشطين الموجودين بالخارج بسبب إدانتهم في قضايا داخل الكويت.

وتابع: "الحكومة الآن رأت الخريطة و(رأت) أن الجو العام بنفس معارض، وسترتب نفسها على هذا الأساس. أتوقع أن تعمل على تسوية الملفات الساخنة، وأهمها ملف المصالحة الوطنية (مع المعارضة). وستكون موضوعات مثل قانون الدين العام وتعديل قانون الانتخابات، مجالا للمماحكة مع الحكومة".

بعد أن فرضت الحكومة العمل بنظام الصوت الواحد في الانتخابات منذ 2012 من خلال مرسوم أميري، قاطعت المعارضة الانتخابات التي تلت صدور المرسوم. لكنها عادت تدريجيا للمشاركة، واقترن ذلك بعزوف بعض شرائح المجتمع عن المشاركة في التصويت.

لكن المحلل السياسي الدكتور محمد الدوسري قال إن "هذه الشرائح عادت للتصويت هذه المرة بسبب النقمة على المجلس السابق بعد اكتشاف حالات فساد لم يتم التعامل معها بالجدية المطلوبة. لذلك جاءت النتائج التي حققتها المعارضة "أكثر من التوقعات هذه المرة... وكانت هناك إرادة لقلب الطاولة على الموالين للحكومة".

ويقول محللون إن نظام الصوت الواحد نجح في تفتيت الكتل التصويتية الكبيرة، سواء كانت هذه الكتل تمثل تجمعات سياسية أو تجمعات قبلية أو طائفية، بعكس النظام السابق الذي كان يسمح للناخب بالتصويت لأربعة مرشحين وهو ما كان يسمح بتحالفات واسعة بين المرشحين.

وقال الدوسري: "أسفرت الانتخابات عن عودة قبائل كبيرة كانت فقدت ثقلها النيابي في الانتخابات الماضية وسيكون لها هذه المرة تمثيل أكبر".

وتنافس في هذه الانتخابات أكثر من 300 مرشح، بينهم 29 امرأة، للفوز بالمقاعد في أقدم وأقوى المجالس النيابية التي تتمتع بسلطات تشريعية في الخليج.
 
ويقول منتقدون إن المجلس السابق عطل إصلاحا استثماريا واقتصاديا وماليا في نظام الرفاه يشمل مختلف الفئات العمرية.

وقال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية بالكويت الدكتور هشام العوضي إن "التغيير جاء بسبب تكيف كثيرين مع نظام الصوت الواحد الذي كانوا معترضين عليه. اقتنع هؤلاء أن التغيير يأتي من البرلمان. ودخولهم بعد فترة مقاطعة أضاف إلى شعبيتهم ومكنهم من إزاحة بعض الوجوه القديمة من الذين استشعر المواطنون أنهم لم يؤدوا ما عليهم".

ويرى الدوسري أنه ستكون "هناك معركة قوية على رئاسة مجلس الأمة. الصوت الحكومي هو المرجح بين المتنافسين على الرئاسة. والتصويت الحكومي في هذا الأمر سيكشف شكل العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية".

وتكهن بأن نوابا معارضين سيرفضون عودة الرئيس السابق مرزوق الغانم لمنصبه من جديد.

وفي السابق، أدت المشاحنات المتكررة بين الحكومة والمجلس إلى تعديلات وزارية وحل البرلمان عدة مرات. ويختار أمير الكويت، وهو صاحب القول الفصل في الحياة السياسية الكويتية، رئيس الوزراء الذي يختار بدوره أعضاء الحكومة.

وقال النجار: "في المرحلة المقبلة، ينبغي أن يبدأ النواب في التكتل، أي يحددون قضايا يتفاهمون عليها مع الحكومة وهذا هو ما سيدفع المجتمع للأمام. وإذا لم يتكتلوا فستظل التحركات فردية ولا تحقق كثيرا."

وأكد أن "التركيز في الانتخابات لم يكن حول البرامج وإنما حول الأشخاص... حتى لو كان هناك معارضون ذوي أصوات عالية في المجلس، ستكون تحركاتهم ضعيفة وغير مجدية ومجرد كلام، مهما علا الصوت، وسيكون هناك صدام مع الحكومة، ما لم يحدث بينهم تكتل".

ويواجه الاقتصاد الكويتي، المعتمد بالأساس على مورد وحيد هو النفط، عجزا يبلغ 46 مليار دولار هذا العام، بسبب جائحة كورونا وهبوط أسعار النفط.

ومن المتوقع أن تعطي الحكومة أولوية لتمرير قانون الدين العام الذي يسمح لها باقتراض 20 مليار دينار (65.7 مليار دولار) على مدى 20 عاما والذي رفضه البرلمان السابق.

وفي السابق عطلت البرلمانات المتعاقبة خططا حكومية كانت تهدف إلى إصلاح الاقتصاد وتقليل الدعم الحكومي الذي يتم تقديمه للمواطنين وتقليل اعتمادهم على الحكومة.

وقال العوضي إنه يرى "بوادر صراع" برلماني بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بسبب رغبة الحكومة في تغيير عقلية المواطنين تجاه دولة الرفاه، وما يرتبط بها من اعتماد على الحكومة من المهد إلى اللحد، في وقت سيرفض فيه النواب هذا التوجه مفضلين الانحياز للقواعد الانتخابية التي أوصلتهم للبرلمان.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم