السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

صوّر شقيقته بوضع مخل مع صديقه من أجل الميراث

المصدر: النهار
مروة فتحي
تعبيرية.
تعبيرية.
A+ A-
لم يعد المثل المصري القائل "الدم عمره ما يبقى مَيّه"، معبراً عن الواقع بصدق، بعد أن استعان شاب بصديقه لاغتصاب شقيقته، من أجل أن تتنازل له عن الميراث. وتداول رواد التواصل الاجتماعي فيديو يرصد سيدة تدعى إسراء السعيد تصدر استغاثة من داخل سيارة ملاكي، بعد تعرّضها للسحل، حيث كانت مقيدة ومختطفة من قِبل شقيقها وأحد أصدقائه.

وخطفها شقيقها الأصغر في إحدى الطرق الزراعية بمساعدة صديقه، من أجل تصويرها في أوضاع مُخلّة وإجبارها على التنازل عن ميراثها له، ولكنه أوهمها بأنّه سيذهب معها لتحرير توكيل في الشهر العقاري، وأخبرها أنّ صديقه سيرافقه حتى يسهل الإجراءات لهما.
 
وتوقّف شقيق إسراء في مكان منزوٍ، وقال لها إنّه سيذهب لقضاء حاجته، ونزل من السيارة ثم نادى صديقه، حتى فوجئت بهما يهجمان عليها، من البابين الخلفيين للسيارة ويقيدان يديها، ويكممان فمها بلاصق طبي، وطالبها شقيقها بالتوقيع على أوراق للتنازل عن ميراثها، فرفضت، وحاولت الصراخ وفتح الباب لإلقاء نفسها، ولكنهما خلعا ملابسها لاغتصابها وتصويرها من أجل ابتزازها، إلّا أنّ بعض الأهالي سمعوا صوت صراخها وتجمّعوا لإنقاذها، حيث استطاعت الهروب من السيارة، وساعدها المارة في الاتصال بالنجدة.
 
وتمكّنت القوات الأمنية، من ضبط المتهمَين، وباشرت النيابة التحقيق في القضية، وتبيّن أن إسراء هي الشقيقة الكبري للجاني، لكنه دائم التعدّي عليها بالضرب، رغم أنها هي التي قامت بتربيته، وبعد وفاة والدهما قررا تقسيم الميراث بعد بلوغ شقيقها السن القانونية، ولكن بعد فترة فوجئت بأنه قرر بيع الأرض دون علمها. ورغم محاولات التدخّل إلّا أنّه أصرّ على قراره.
من جانبها، قالت الدكتورة إيمان عبدالله، استشاري الصحة النفسية والإرشاد الأسري لـ"النهار": إن جرائم الإرث سلسلة لا تنتهي من القصص الدرامية التي تجتاح بعض المجتمعات في مصر بسبب الميراث، فالله سبحانه وتعالى قسّم المواريث وهو بكل تأكيد يعلم ما تحتاجه المرأة وما يحتاجه الرجل وما يحتاجه الابن، ويُعدّ حرمان المرأة من الميراث قضية لا بد أن نوقفها، لأنّه سلسال من الدم، ويحصل كثير من الجرائم المعلنة وغير المعلنة بسبب الإرث، وأصبحت الماديات تطغى على فكر وعقل الإنسان، إلى أن أصبح عبارة عن مادة تسير على الأرض، وهذا الشخص بالتأكيد سيقوم بإزاحة الأخوّة والاحترام والدين من خلال ما يطلق عليه "ميكانيزم الدفاع"، فأي شيء يمنعه من أن يأخذ هذا النصيب، فسيقوم بإزاحته حتى لو كان شخصاً من دمه وشرفه وصلبه كشقيقته.
 
وأوضحت أنّ "العادات والتقاليد والتربية الذكورية الخاطئة والتربية على طمع وأنانية، جعلت الناس تتمسك بتقاليدها الخاطئة من الأساس، وتتجنب شريعة الله، وهذه هي الطامة الكبري، وكثيرون يفعلون هذه الجرائم أو يمارسون الابتزاز لإجبار المرأة على التخلي عن ميراثها، لأنه ينظر إليها نظرة متدنية وأنّها لا تستحق هذا الميراث، ومثلما كان يحدث من وأد للبنات في عصر الجاهلية، وكما قال العلماء فنحن الآن نعيش في الجاهلية الحديثة، وأصبح هناك قتل معنوي وقتل جسدي وقتل مادي لها".
 
وكشفت أنّ "الجاهلية الحديثة هي الاعتداء على الحقوق من جهة الإرث، فهناك أفكار تقول كيف ترث المرأة وهي ستأخذ هذا الإرث وتعطيه لرجل آخر وهو زوجها، لافتةً إلى أنّ مَن يمنع المرأة من إرثها فهو شخص سيكوباتي وعدواني تربّى على الطمع وأخذ حق الغير، ويعود ذلك بالأساس إلي التربية، فمن المؤكّد أن من يفعل ذلك قد تربى عليه من خلال عائلته، وهؤلاء الذين يتبنون ذلك الفكر الجاهلي يعانون من أمراض وآفة موروثة من الأسرة تجعلهم يمارسون الاضطهاد على الطرف الآخر، فتعطي للولد سلطة التحكم في البنت سواء في الدراسة واختيار العريس والزواج والطلاق والإرث وغير ذلك من أمور، وكأن الأب غير موجود والأخ هو الذي يتحكم فيها، وبالتالي هذا الجحود والجمود وعدم التعاطف في التعامل مع المرأة يسبب أكل الحقوق والميراث ظناً من الفاعل أنه يحافظ على التركة العظيمة، ولكن نقول إن الطمع جمرة يُحرق بها في الدنيا والآخرة لمن يقوم بهذا الفعل الشنيع".
 
ولفتت استشاري الصحة النفسية إلى قول الراحل الدكتور مصطفي محمود، أنّه "عندما تطغى الماديات على الإنسان يصبح سلوكه مادياً وليس إنسانياً، فعندما تطغى المادة سنجد كل القيم والمعايير تختلف، كما يرجع ذلك إلى وجود نقص شنيع في التنشئة الدينية، فالمرأة تحتاج المادة مثل الرجل، والدين كرّم المرأة مادياً وجعل لها حقوقاً مادية ولها الحق الكامل في التصرف فيها كما كفل لها الدين كل الكرامة".
 
وتابعت: "التنشئة الاجتماعية أو الأسرية تساهم في بث الأنانية والتسلّط في نفوس الذكور ضدّ الفتيات فيصبح الولد أنانياً، ويكون لديه حب التملك وتتحوّل تعاملاته كلها إلى مادية ويتوارث الأنانية وعدم المساواة بين الذكور والإناث، بالإضافة إلى النظرة المتدنية للفتاة منذ الجاهلية إلى الآن، وكل هذا يجعل المجتمع في حالة من التهديد الأمني والسلامة".
 
 
وأكّدت أنّ "صور العنف ضدّ المرأة متنوعة، ولكن السائد هو العنف الاقتصادي والأسري، وفي هذا الحادث نجد أنّ الأخ متهم بأكثر من جريمة، ويجب أن يعاقب عقاباً رادعاً، حتّى يكون عبرة لمن لا يعتبر، وأن نكسر رقبة فرعون التي تنمو يوماً بعد يوم وتنبت رؤوساً مثل رؤوس فرعون في بعض المحافظات، من خلال العادات التي تتوارث بأن البنت ليس لها أي حقوق، وأن الأخ هو الذي يأخذ دور الزوج والأب، فيصبح لدينا ظاهرة مجتمعية هي تأنيث الفقر، لأن أكثر الفئات فقراً هن النساء، إما لأن المرأة تعول أسرتها بسبب مرض الزوج أو وفاته أو هجره، وبالتالي فإن نسبة الفقر بين السيدات أكثر ممّا هي بين الرجال، وبالتالي تزيد معدلات التسول والتشرّد والمرض بينهن".
 
واختتمت الدكتورة إيمان عبدالله حديثها قائلةً إن "الله أعطى وقسّم للمرأة حقّها حتّى يحميها من المرض والعوز، ولكن العنف والابتزاز الذي يُمارس ضدّ المرأة يخلق سيدة مريضة بالاكتئاب والتوتر والخوف ويصبح لها أثر نفسي شديد، فتسلب حقوقها لأنّها امرأة".
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم