الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

البابا فرنسيس يقف حيث دُحر "داعش": "أطلب السلام لكلّ الشرق الأوسط" (صور وفيديو)

المصدر: "النهار" - "أ ف ب"
البابا فرنسيس خلال إلقاء كلمة في أور بحضور مسؤولين دينيين مسلمين وأيزيديين وصابئة (أ ف ب).
البابا فرنسيس خلال إلقاء كلمة في أور بحضور مسؤولين دينيين مسلمين وأيزيديين وصابئة (أ ف ب).
A+ A-
بعد دعوته من بغداد الى الاستماع إلى "من يصنع السلام"، التقى البابا فرنسيس اليوم، في اليوم الثاني من زيارته التاريخية الى العراق، في النجف المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني الذي أعلن "اهتمامه" بـ"أمن وسلام" المسيحيين العراقيين.

وبعد النجف التي شكّل اللقاء فيها مع السيستاني أبرز محطات زيارة الحبر الأعظم، حطّ البابا فرنسيس في أور، الموقع الرمزي من الناحية الروحية، حيث ندد في خطاب بـ"الإرهاب الذي يسيء إلى الدين". وقال البابا في خطابه الذي سبق صلاةً مع ممثلين عن الشيعة والسنة والأيزيديين والصابئة والكاكائيين والزرداشتيين: "لا يصدر العداء والتطرف والعنف من نفس متدينة: بل هذه كلها خيانة للدين".
 
 
وأضاف "نحن المؤمنين، لا يمكن أن نصمت عندما يسيء الإرهاب للدين. بل واجب علينا إزالة سوء الفهم"، وذلك بعد حوالى أربع سنوات من دحر "تنظيم الدولة الإسلامية" الذي سيطر بين العام 2014 و العام 2017 على أجزاء واسعة من العراق وزرع الرعب والدمار.

وقد شكّلت زيارة أور، الموقع الأثري في جنوب العراق الذي يعتقد أنه مكان مولد النبي ابراهيم، أب الديانات السماوية، حلماً للبابا الأسبق يوحنا بولس الثاني في عام 2000، قبل أن يمنع الرئيس حينها صدام حسين الزيارة.

قبل ذلك، التقى الزعيم الروحي لـ1,3 مليار مسيحي في العالم المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني الذي يعدّ أعلى سلطة روحية بالنسبة للعديد من الـ200 مليون شيعي في العالم.
 
في اللقاء المغلق الذي دام نحو ساعة، أكّد السيستاني على "اهتمامه بأن يعيش المواطنون المسيحيون كسائر العراقيين في أمن وسلام"، بحسب بيان صدر عن مكتبه بعد الاجتماع. وشدّد السيستاني خلال اللقاء الذي بدأ نحو الساعة التاسعة في منزله وانتهى بعد خمسين دقيقة، على ضرورة أن يتمتع المسيحيون "بكامل حقوقهم الدستورية".

بحسب بيان صادر عن الفاتيكان، كان اللقاء "فرصة للبابا لتقديم الشكر إلى آية الله العظمى السيستاني لأنه رفع صوته مع الطائفة الشيعية في مواجهة العنف والصعوبات الكبيرة في السنوات الأخيرة، دفاعا عن الأضعف والأكثر اضطهاداً".

وأدت سنوات من العنف والاضطهاد إلى تراجع عدد المسيحيين في العراق من 1,5 مليون في 2003 إلى 400 ألف فقط اليوم. ويقول المسيحيون في العراق الذين يتفرعون إلى آشوريين وكلدان وسريان، إنهم يتعرضون للتهميش والتمييز في هذا البلد الذي لم يعرف منذ 40 عاماً على الأقل استقراراً سياسياً وأمنياً. كما يشكون من عدم الحصول على مساعدة من الحكومة لاستعادة منازل لهم وممتلكات صودرت خلال النزاع على أيدي مجموعات مسلحة نافذة.
 
منذ وصوله الجمعة إلى بغداد، تطرق البابا إلى كل المواضيع الحساسة والقضايا التي يعاني منها العراق وليس المسيحيين فقط. وقال خلال لقائه الرئيس برهم صالح " لتصمت الأسلحة! ولنضع حدا لانتشارها هنا وفي كل مكان!".

وفي إشارة الى المسيحيين الذين يشكلون واحداً في المئة من السكان، شدّد البابا الجمعة، على ضرورة "ضمان مشاركة جميع الفئات السياسية والاجتماعية والدينية، وأن نؤمن الحقوق الأساسية لجميع المواطنين"، قائلاً: "يجب ألا يعتبر أحد مواطنا من الدرجة الثانية".


"شرف نادر"
بعدما التقى زعماء الطوائف الكاثوليكية الجمعة في بغداد، مدّ البابا فرنسيس اليد إلى المسلمين الشيعة بزيارته المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، البالغ من العمر 90 عاماً والذي لا يظهر في العلن أبداً، في منزله المتواضع في مدينة النجف على بعد 200 كيلومتر إلى جنوب بغداد.
 
من جانبه، أكد السيستاني للبابا فرنسيس "اهتمامه بأن يعيش المواطنون المسيحيون كسائر العراقيين في أمن وسلام وبكامل حقوقهم الدستورية"، بحسب بيان صادر عن مكتبه أعقب اللقاء الذي جمع بينهما في النجف.
 
 
ونقلت وكالة "أسوشييتد برس" عن مسؤول ديني في النجف، أن السيستاني، الذي يظل جالساً عادة للزوار، وقف لتحية البابا فرنسيس عند باب غرفته، وهو شرف نادر. كما خلع البابا حذاءه قبل دخول غرفة السيستاني الذي تحدّث أكثر من ضيفه خلال اللقاء. تم تقديم الشاي وزجاجة ماء بلاستيكية للبابا الذي شرب الماء فقط.

وأضاف المسؤول أن البابا توقف عند مغادرته صالة السيستاني لإلقاء نظرة على المكان.

إلى ذلك، أشار الفاتيكان في بيان، إلى أن "البابا فرنسيس بحث مع السيستاني التعاون بين جميع الديانات والحوار من أجل خير العراق وخير المنطقة".
 
 
وأشار بيان صادر عن مكتب السيستاني حول اللقاء إلى أنّ الحديث دار "حول التحديات الكبيرة التي تواجهها الإنسانية في هذا العصر ودور الإيمان بالله وبرسالاته والالتزام بالقيم الأخلاقية السامية في التغلب عليها".

وأضاف: "تحدث (السيستاني) عمّا يعانيه الكثيرون في مختلف البلدان من الظلم والقهر والفقر والاضطهاد الديني والفكري وكبت الحريات الأساسية وغياب العدالة الاجتماعية، وخصوصاً ما يعاني منه العديد من شعوب منطقتنا من حروب وأعمال عنف وحصار اقتصادي وعمليات تهجير وغيرها، ولا سيما الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة".

كما ذكر البيان أنّ السيستاني "أشار إلى الدور الذي ينبغي أن تقوم به الزعامات الدينية والروحية الكبيرة في الحد من هذه المآسي، وما هو المؤمل منها من حضّ الأطراف المعنيّة -ولا سيما في القوى العظمى- على تغليب جانب العقل والحكمة ونبذ لغة الحرب، وعدم التوسع في رعاية مصالحهم الذاتية على حساب حقوق الشعوب في العيش بحرية وكرامة". وتابع: "أكّد على أهمية تضافر الجهود لتثبيت قيم التآلف والتعايش السلمي والتضامن الانساني في كل المجتمعات، مبنياً على رعاية الحقوق والاحترام المتبادل بين أتباع مختلف الاديان والاتجاهات الفكرية".


"ضحايا أبرياء للهجمية المتهورة"
في سياق متّصل، قال البيان إنّ السيستاني "نوّه بمكانة العراق وتاريخه المجيد وبمحامد شعبه الكريم بمختلف انتماءاته، وأبدى أمله بأن يتجاوز محنته الراهنة في وقت غير بعيد. وأكّد اهتمامه بأن يعيش المواطنون المسيحيون كسائر العراقيين في أمن وسلام وبكامل حقوقهم الدستورية، وأشار إلى جانب من الدور الذي قامت به المرجعية الدينية في حمايتهم وسائر الذين نالهم الظلم والأذى في حوادث السنين الماضية، ولا سيما في المدة التي استولى فيها الإرهابيون على مساحات شاسعة في عدة محافظات عراقية، ومارسوا فيها أعمالاً اجرامية يندى لها الجبين".
 
 
إلى ذلك، "تمنّى السيستاني للحبر الاعظم وأتباع الكنيسة الكاثوليكية ولعامة البشرية الخير والسعادة، وشكره على تجشمه عناء السفر إلى النجف للقيام بهذه الزيارة"، حسبما جاء في خاتمة بيان مكتب السيستاني.

في سياق متّصل، سمى البابا فرنسيس، الأيزيديين، "الضَّحايا الأبرياء للهجمية المتهورة وعديمة الإنسانية، فقد تعرضوا للاضطهاد والقتل بسبب انتمائهم الديني وتعرضت هويتهم وبقاؤهم نفسه للخطر".

تعرّض الأيزيديون للقتل والخطف والسبي والعبودية والاضطهاد خلال سيطرة "تنظيم الدولة الإسلامية" على أجزاء واسعة من العراق بين 2014 و2017. وارتكب التنظيم انتهاكات في سوريا المجاورة أيضاً التي ذكرها البابا في خطبه الجمعة. وقال اليوم: "السلام ليس فيه غالبون ومغلوبون، بل إخوة وأخوات، يسيرون من الصراع إلى الوحدة"، مضيفاً: "لنصلّ ولنطلب هذا السلام لكلّ الشرق الأوسط، وأفكّر بشكل خاص في سوريا المجاورة المعذّبة".
 
 
وكان البابا ذكر الجمعة في كلمة أمام المسؤولين في بغداد أيضاً سوريا، حيث تحوّلت انتفاضة شعبية إلى حرب لا تزال مستمرةً منذ 10 سنوات، راح ضحيتها أكثر من 387 ألف شخص.

كما دعا أيضاً من أور إلى "احترام حرية الضمير والحرية الدينية والاعتراف بها في كل مكان"، مضيفاً "إنها حقوق أساسية، لأنها تجعل الإنسان حراً للتأمل في السماء التي خلق لها"، في نداء مماثل للذي أطلقه خلال زيارته إلى المغرب قبل نحو عامين.

وتغيب بسبب التدابير الوقائية من وباء كوفيد-19، الحشود التي اعتادت ملاقاة البابا في كل زياراته، مع استثناء خلال القداس الذي سيحييه الأحد في الهواء الطلق في إربيل في كردستان بحضور نحو أربعة آلاف شخص حجزوا أماكنهم مسبقاً للمشاركة فيه، علماً أن المكان يتسع لعشرين ألفاً.

ويحتفل البابا عصر اليوم، بقداس في كاتدرائية مار يوسف للكلدان في حي الكرادة في وسط العاصمة العراقية حيث وضعت سواتر من إسمنت ونشرت قوات خاصة لحماية المكان، إذ تجري زيارته وسط إجراءات أمنية مشددة.
 
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم