تحديّات العودة إلى المدارس... الأسرة التربوية في حاجة لسترة نجاة و42٪ من دخل أولياء الطلاب السنوي لتعليم طفل واحد!

إذا كان المجهول "يحكم" السنة الدراسية، فإن مركز الدراسات اللبنانية في الجامعة اللبنانية الأميركية قدم مسحًا للعام الثاني على التوالي لواقع التحضير للسنة الدراسية ومرتجاها، عكست من خلال معديها الباحث محمد حمود ومديرة المركز مها شعيب الواقع المزري والغامض لهذه السنة الدراسية.
 
واستنتجت الدراسة أن كل الأسرة التربوية في حاجة ماسة الى سترة نجاة لإكمال سنة دراسية صعبة جداً في كل مكوناتها؛ تسديد رسوم النقل، القسط المدرسي، الأهل، التلميذ والمعلم.

 
 
ولفتت الدراسة إلى أن "معدل الأقساط المدرسية السنوية التي يدفعها أولياء الأمور بلغ 1,037 دولاراً ورسوم النقل 1,318دو لاراً، أي 2,355 دولارًا أميركيًا لكل
طفل، مشيرة الى أنه "على الرغم من القيود، التي تفرضها وزارة التربية والتعليم العالي على زيادة الأقساط المدرسية في المدارس الخاصة، فإنّ 7 من أصل كل 10 من أولياء الأمور أفادوا بأنّ مدرسة أطفالهم تطالب بدفع جزء من الأقساط المدرسية بالدولار الأميركي بالإضافة إلى الكلفة بالليرة اللبنانية التي لا تنفك تزداد."

وأكملت الدراسة التي ننشر مقتطفاً منها أنه "مقابل هذه الزيادة في الأقساط المدرسية، يبلغ معدل دخل الأسرة الشهري الذي أبلغ عنه أولياء الأمور 462 دولارًا، ما يعني أنّهم ينفقون 42% من دخلهم السنوي على تعليم طفل واحد. ولا تشمل هذه الأرقام تكاليف التعليم الإضافية مثل الكتب والقرطاسية."

أما في ما خص المعلمين، فبدا لافتاً أن "متوسط الدخل الشهري بلغ للمعلم(ة) 131 دولارًا، في حين أنّ تكاليف النقل الشهرية تبلغ 128 دولارًا، فلا يتبقى لهم سوى 3 دولارات لتلبية احتياجاتهم طوال الشهر. ما دفع الكثير من المعلمين والمعلمات (66%) للعمل في وظيفة ثانية من أجل تغطية نفقات معيشتهم."


الدراسة وأهميتها
وفي تفاصيل الدراسة أنه "للسنة الرابعة على التوالي، يستعدّ المعلمون والمعلمات، ومديرو ومديرات المدارس وأولياء الأمور والتلامذة لمواجهة
عام دراسي جديد محفوف بالاضطرابات.
فمع اقتراب نهاية العطلة الصيفية، لم تتوصل وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية بعد إلى خطة ورؤية أو استراتيجية واضحة لمواجهة عدد لا يحصى من التحديات.
وقد أثرت هذه التحديات على آفاق التعلم لمليون طالب لبناني وسوري، ودفعت أكثر من 39,000 معلم ومعلمة في المدارس الرسمية، وأكثر من 50,000 معلم ومعلمة في المدارس الخاصة إلى مواجهة مزيدٍ من العقبات".

وفي تفاصيل الدراسة أيضاً، "أن المساومة مع المعلمين والمعلمات من خلال منحهم تعويضات مالية متواضعة بعد انخفاض قيمة رواتبهم، وتهديدهم بتطبيق إجراءات تأديبية ضدهم في حال تخلّفوا عن الحضور إلى المدرسة بسبب تكاليف النقل الباهظة، هي الاستراتيجية الأساسية التي تعتمدها وزارة التربية والتعليم العالي في التعامل مع الأزمة. وتشكّل هذه الحلول الناقصة التي تطرحها الوزارة للمعلّمين والمعلّمات خطراً على الطلاب بخسارة عام دراسي جديد. لقد خسر الأطفال في لبنان بالفعل جزءًا كبيرًا من دراستهم منذ تحركات 2019، إضافة إلى الإغلاق التام الناتج من فيروس
كورونا، وإضراب المعلمين والمعلمات السابق."

تفاصيل الدراسة

 
 
 
وجاء في الدراسة أن مركز الدراسات اللبنانية أجرى مسحًا للعام الثاني على التوالي عن تأثير الأزمة على القطاع التعليمي في لبنان، في سبيل تقويم أداء الحكومة
اللبنانية ووزارة التربية والتعليم العالي والضغط عليها لوضع خطة لمواجهة الأزمة. أجرينا مسحًا عبر الإنترنت شمل 2700 ولي أمر (89% من أطفالهم يلتحقون بالمدارس الخاصة و11% يلتحقون بالمدارس الرسمية) و1512 معلمًا ومعلمة (57% في المدارس الخاصة و43% في المدارس الرسمية) موزعين على جميع المحافظات الثماني. كما أجرينا حواراً مع ممثلين من مختلف اتحادات المعلمين واتحادات أولياء الأمور والجهات الفاعلة في مجال التعليم والمجتمع المدني لمناقشة النتائج ووضع توصيات لتحقيق عام دراسي ناجح.


التأثير على المعلمين والمعلمات
"أدى انهيار قيمة الليرة اللبنانية إلى انخفاض قيمة رواتب المعلمين بنسبة تجاوزت 90%. وبينما استفاد البعض من تعويضات مالية إضافية، بقيت الرواتب منخفضة للغاية بحيث لا تسمح بتغطية نفقات المعيشة الأساسية. ووفقًا للمشاركين في المسح، أفاد ثلثا هؤلاء أيضًا بأنهم يُضطرون إلى اقتراض الأموال لتأمين الاحتياجات الأساسية. علاوة على ذلك، أفاد 73% من المعلمين والمعلمات بأنهم يواجهون صعوبات في دفع فواتيرهم، وهو رقم ليس مفاجئًا نظرًا إلى أنّ معدل تكاليف الكهرباء والإنترنت الشهري يمثّل 139% من متوسط الدخل الشهري الذي يتقاضاه المعلمون والمعلمات. لقد أدت هذه الأزمة إلى حرمان المعلمين والمعلمات من احتياجاتهم الإنسانية الأساسية، حيث أفاد 99% من المعلمين والمعلمات بأنّ الأزمة قد حرمتهم من الوصول إلى الخدمات الطبية.

أما تكاليف النقل المرتفعة فإن 60% من المعلمين والمعلمات فقد أجبروا على التغيب عن أيام التدريس في المدرسة. ونتيجة لذلك، واجه 20% منهم إجراءات تأديبية بسبب التغيب عن العمل وحُرموا من التعويض الإضافي البالغ 90 دولارًا. وقد أثرت هذه الصعوبات سلبًا على حماس المعلمين والمعلمات للعمل وعلى سلامتهم
النفسية، كما أدّت إلى تدهور علاقتهم بإدارة مدرستهم".

 
دور وزارة التربية
توقفت الدراسة عند تقديمات وزارة التربية والتعليم العالي،التي أقرت علاوة إضافية بقيمة 90 دولارًا للتعويض عن انخفاض قيمة الرواتب. وقد وصف أكثر من ثلاثة أرباع (86%) المعلمين والمعلمات أداء الوزارة بأنّه ضعيف. كما فشلت نقابات المعلمين في توفير الدعم الكافي للمعلمين والمعلمات، إذ أفاد أكثر من نصف المشاركين لدينا بأن أداء نقابات المعلمين في المدارس الخاصة والرسمية كان غير مرضٍ.

وشددت على أن الوضع المزري الذي يشهده المعلمون والمعلمات وفشل الجهات المعنية في الاستجابة للأزمة بشكل مناسب أدى إلى يأس الكثير من المعلمين والمعلمات، حيث يخطط 73% منهم لمغادرة القطاع التعليمي، بينما أفاد ثلاثة من أصل كل أربعة معلمين بأنّهم يخططون لمغادرة لبنان.


 
المدرسة والتلامذة
إعتبرت الدراسة أن الأزمة الاقتصادية كان لها أثرها أيضًا على قدرة المدارس على فتح أبوابها، إذ أفاد ثلاثة أرباع المعلمين والمعلمات بأنّ مدارسهم ليست جاهزة تمامًا لاستقبال عام دراسي جديد وسط أزمة الوقود ونقص عدد الموظفين، ما قد يؤثر بشكل كبير على جودة التدريس والتعلم للسنة الرابعة على التوالي.

أما الأطفال في لبنان بمن فيهم السوريون، وفقاً للدراسة، فقد خسروا جزءًا كبيرًا من دراستهم على مدى السنوات الثلاث الماضية، الأمر الذي قد يدمّر مستقبلهم الأكاديمي. ووفقًا لثلث أولياء الأمور والمعلمين والمعلمات الذين شملهم المسح، أدت الأزمة إلى تراجع أداء الأطفال الأكاديمي وسلامتهم النفسية بشكل عام، بينما ترك 10% مدارسهم، وأعاد 15% صفهم الدراسي."

ولفتت الدراسة إلى أنه مقابل هذه الزيادة في الأقساط المدرسية، يبلغ معدل دخل الأسرة الشهري الذي أبلغ عنه أولياء الأمور 462 دولارًا، ما يعني أنّهم ينفقون 42% من دخلهم السنوي على تعليم طفل واحد. ولا تشمل هذه الأرقام تكاليف التعليم الإضافية مثل الكتب والقرطاسية."

واعتبرت الدراسة أنه "مع ارتفاع الأقساط المدرسية، أفاد نصف أولياء الأمور بأنّهم نقلوا أولادهم مؤخرًا من مدرسة خاصة إلى مدرسة رسمية، حيث أشار 87% منهم إلى أنّهم لم يعودوا قادرين على تحمل تكاليف المدارس الخاصة. بالإضافة إلى ذلك، تمثّل تكاليف النقل عبئًا آخر يتكبده أولياء الأمور، إذ يبلغ معدل إنفاق أولياء الأمور المخصصة لتغطية تكاليف نقل أطفالهم إلى المدرسة 110 دولارات. كل هذه التحدّيات تهدّد مستقبل الأطفال الأكاديمي حيث أفاد 72% من أولياء الأمور بأنهم قد لا يستطيعون تحمل تكاليف تعليم أطفالهم، فيما أشار 10% منهم إلى أنّ أطفالهم قد يضطرون إلى دخول سوق العمل مبكرًا."
 
 
ما العمل؟
حملت الدراسة اقتراحات أبرزها:
ـ أنه لطالما كان التمويل المقدم من المانحين للقطاع التعليمي في لبنان متاحًا، إلّا أنّ سوء الإدارة وانعدام الشفافية والمساءلة أعاقا أي جهود جادة لتعزيز هيكله.

-يتحمل المانحون جزءاً من المسؤولية لعدم المطالبة بمزيد من الشفافية وعدم التحقيق في فشل وزارة التربية والتعليم العالي المستمر في الوفاء بوعودها على مدار الثلاثين عامًا الماضية.

-يتوجب على المجتمع المحلي والدولي الضغط اليوم أكثر من أي وقت مضى على السلطات اللبنانية للتحضير لعام دراسي ناجح للطلاب في لبنان، وإلا سيفقد الأطفال في لبنان سنة رابعة من تعليمهم الأكاديمي.

-من الضروري تشكيل مجموعة ضغط تعليمية ناشطة محليًا ودوليًا تدفع من أجل الإصلاح الهيكلي في وزارة التربية والتعليم العالي من حيث تعيين الموظفين وتعزيز آليات الشفافية والمساءلة لإنقاذ قطاع التعليم ومستقبل أكثر من مليون ونصف مليون طفل في لبنان.


المراجع:
Hammoud, M., Shuayb, M., & Al Samhoury, O., (2021). The Challenges and Prospects of gas: Reflections of Parents, Teachers, and Principals in Lebanon. Centre for Lebanese Studies. https://bit.ly/2YB69Ls
World Bank (2021). Lebanon Sinking into One of the Most Severe Global Crises Episodes, amidst Deliberate Inaction. https://www.worldbank.org/en/news/press-release/2021/05/01/lebanon-sinking-into-one-of-the-most-severe-global-crises-episodes