الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

"لم نرَ سوى هياكل أعمدة"... رواية ليلة الحريق وخسائر أحداث طرابلس (صور)

المصدر: "النهار"
فرح نصور
محاولة إنقاذ الملفات في بلدية طرابلس (تصوير مارك فياض).
محاولة إنقاذ الملفات في بلدية طرابلس (تصوير مارك فياض).
A+ A-
في اليوم الرابع من احتجاجات طرابلس، شهدت المدينة أعمالاً تخريبية بدت متعمَّدة وممَنهَجة. وفي حين يعاني أهل طرابلس الفقر المدقع والحرمان، وجهت اتهامات الى جهات تستغل وجع الناس لإحداث هذه الأعمال التخريبية لغاية في نفس يعقوب، وكذلك أثير سؤال كبير عن الخرق الأمني الكبير بوجود الأجهزة الأمنية على الأرضية. فما هي حصيلة الأضرار والخسائر التي حلّت بمركز البلدية والسرايا الحكومية وبعض المؤسسات الخاصة؟ جولة لـ"النهار" تحاول ايجاز مشهد الخراب والدمار الذي حلّ في العاصمة الثانية للبنان.
 
يفيد مصدر في بلدية طرابلس، أنّ "التخريب بدأ في ساحة النور ومن ثمّ حاول المشاغبون اقتحام السرايا، فهم يحاولون ذلك منذ بضعة أيام، وألقوا قنبلة على المحكمة الشرعية السنية الموجودة في سرايا طرابلس الحكومية، لكنّها لم تصل إلى سجلات المحكمة، كما أُُلحقت بعض الأضرار في السرايا والسيارات والأشجار". 
 
أمّا عن مبنى بلدية طرابلس الذي أحرقت أجزاء منه، فيوضح المصدر أنّه "عبارة عن ثلاثة مبانٍ، والمبنى الذي تضرّر هو المبنى الأثري الأساسي للبلدية، وأُصيب منه الطابق الأرضي حيث تضرّرت قاعة المجلس البلدي وجزء من المصلحة المالية ومكتب الاستقبال ومركز الاتصالات، والأضرار فادحة جداً في قاعة المجلس البلدي والمصلحة المالية، فالمشهد كان مبكياً لدى دخولنا، بحيث وجدنا المستندات محروقة بالكامل والأثاث محروقاً كله، وحتى الأسقف المستعارة هبطت، فالوضع أسوأ من أن يوصف إذ لم نرَ سوى هياكل أعمدة، كما رأينا آلة التصوير عبارة عن علكة، والثرية الضخمة  في باحة البلدية والمشهورة فيها ذائبة وقد هبطت أرضاً، ولم يمكن باستطاعتنا إخراج شيء سليم من المكان. وفي مصلحة الهندسة في البلدية، تمّ خلع بعض الأبواب، ووجدنا رصاصة في أحد المكاتب قد دخلت من الزجاج. وفي البلدية، في مركز الشرطة، حصل تكسير وتخريب وسرقة درجات نارية وحواسيب وإحراق لسيارات". 
 
تصوير حسام شبارو.
 
ويروي المؤهل أوّل ربيع الحافظ، قائد شرطة بلدية طرابلس، أنّ "الأضرار فادحة في المدينة، إذ ظلّوا يحرقون السرايا حتى العاشرة والنصف مساءً، وكذلك المحكمة الشرعية لكنّهم لم يصلوا إلى أرشيفها، واقتحموا بلدية طرابلس وخلال خمس دقائق خرّبوا ما خرّبوه، وقد وصلت سيارات نزل منها حوالى أربعين أو خمسين شخصاً، وكان هناك نحو 700 أو 800  شخص موجَّهين للقيام بهذه الأعمال وعلى رأسهم ثلاثة أو أربعة أشخاص يديرون هذه الأعمال، فحرقوا البلدية في غضون ثلاث دقائق، وكلّ منهم كان على علم مسبقاً بالدور الذي سيقوم به، وكانوا ينوون تخريب أماكن أخرى كغرفة التجارة والصناعة وشارع المطاعم في المدينة".
 
ولم يسلم قائد الشرطة من هذه الأعمال، ويسرد أنّه "كنت أوّل مَن تواجد في البلدية خلال إحراقها، وحتى أنا لم أسلم منهم، إذ اعتدى عليّ حوالى سبعة أشخاص ولاحقوني، لكنّني استطعت النجاة منهم في اللحظات الأخيرة".  
 
ويكمل الحافظ، أنّ "العمل التخريبي ممنهَج، والأجهزة الأمنية أصبحت على علم بمَن يقف خلفه، والهدف منه إلغاء صورة طرابلس الحضارية، ونتيجة الفقر، شكّلت طرابلس أرضاً خصبة للتلاعب على أرضها، ولا نريد الحديث عن أمنٍ ذاتي في المدينة، لأنّه في حال ذلك سيسوء الوضع حتماً".
 
 تصوير حسام شبارو.
 
ولم يقتصر التخريب في المؤسسات العامة فقط، إنّما امتدّ إلى المؤسسات الخاصة ومنها صرح تربوي وهو جامعة "العزم"، وشركة النقل "Connex".  
 
ويشير رئيس جامعة "العزم"، دكتور رامز معلوف إلى أنّ "الأضرار في الجامعة بسيطة جداً، فالمحتجّون لم يتمكّنوا من دخول حرم الجامعة، واقتصرت الأضرار على تحطيم زجاج كشك أمام الجامعة وكاميرا مراقبة واقتلاع بوابة، لكن تمكّنّا من معاودة تركيبها، والجامعة لها مداخل عدة، وتواجد المحتجّون عند المدخل المؤدّي إلى أحد مواقف الجامعة وليس حرمها"، مشدّداً على أنّ "المؤسسات التربوية هي آخر الأماكن التي يجب أن تتعرّض لهكذا أعمال، فهذه المؤسسات، ولأي طرف انتمت، تبقى مؤسسات تربوية للجميع".
 
 
أحد الشركاء في شركة "Connex" للنقل، سلطان حربا، يؤكّد على أنّ "الخسائر المعنويّة أكبر من الخسائر المادية لأنّ الماديات تعوَّض، لكن للأسف البلد متروك منذ زمن ومن المفترض أن تُتّخَذ إجراءات لردع هذه الأعمال في المدينة، ومن المؤسف القول إنّ طرابلس هي مركز لتصفية الحسابات، ولا يمكنني الإدلاء بأي شيء إضافي في هذا الإطار". 
 
ووفق ما أفاد مراسل "النهار" في طرابلس، أنّه تم تحطيم مكاتب وزجاج الشركة المذكورة، كما تمت سرقة محتوياتها، لكن باصات الشركة كانت مركونة بعيداً في منطقة البحصاص، لذا كانت الأضرار المادية بسيطة ولم تُقدَّر قيمة المسروقات بعد. يُذكر أنّ المؤسسة تقع بجانب السرايا الحكومية.
 
تصوير مارك فياض
 
تصوير مارك فياض
 
واعتبر رئيس بلدية طرابلس رياض يمق، أنّ إحراق مبنى البلدية "فعلٌ متعمدٌ ومدبرٌ". وقال لـ"النهار" إن "أهدافاً قد تكون سياسية، تكمن وراء هذا الهجوم الذي استهدف رمزاً للطرابلسيين، يمثّل حاضرهم وماضيهم، ويحضن وثائقهم، وتاريخ عقاراتهم وشوارعهم، علماً أني معروف بانحيازي إلى الثوار الشرفاء، وأقف إلى جانب الفقراء، وأعمل على مدار الساعة لملاحقة شؤونهم". 
 
وأشار إلى أنّه لم يتمّ بعد إحصاء الأضرار، مستبعِداً أن تكون الوثائق المهمة "قد أتلفت، ذلك أنها موجودة في المبنى الجديد الذي بقي سالماً".
 
وأخذت القوى الأمنية تسجيلات كاميرات المراقبة لكشف الملابسات ومعرفة من يقف وراءها وخلفياته، وفق يمق، علماً أن كثيرين من المحتجين الغاضبين كانوا يصوّرون الحريق ويفخرون بما فعلوا ونُشرت هذه الفيديوات على السوشيل ميديا، يختم رئيس البلدية الذي صدمته حادثة ليل الخميس، ولم يفهمها بعد. شأنه شأن كثيرين يجهلون، أو يعلمون ولا يريدون أن يعلموا!
 
تصوير حسام شبارو
 
تصوير مارك فياض
 
تصوير مارك فياض
 
تصوير حسام شبارو
 
تصوير مارك فياض
 
تصوير مارك فياض
 
تصوير حسام شبارو
 
تصوير حسام شبارو
 
تصوير حسام شبارو
 
تصوير مارك فياض
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم