السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

"النهار" تتابع كارثة التلوّث في صور... المحميّة مهددة وسلاحف تنفق!

المصدر: "النهار"
من سلاحف المحمية البحرية.
من سلاحف المحمية البحرية.
A+ A-
في محمية شاطئ صور الطبيعية، يعيش منذ سنوات، نوعان من السلاحف البحرية المهدّدة بالانقراض، والمدرجة على اللائحة الحمراء للاتحاد الدولي لصون الطبيعة ومواردها (IUCN)، السلاحف الخضراء (Green turtle)، والسلاحف ضخمة الرأس (Loggerhead turtle). ولعلّها، لنُدرتها وفرادتها في حوض البحر المتوسط، أكثر ما يسترعي الانتباه اليوم، بعد تلوّث شاطئي الناقورة وصور بمادّة القطران المتسرّب من إسرائيل.
 
كأنّ تحالف الأزمات الثلاثي، السياسية والاجتماعية والاقتصادية، لم يكفِ لبنان، حتى حلّت بأنظف شواطئه كارثة بيئية قلّما شهدت المنطقة كوارث مماثلة، وبات العمل على إيجاد حلٍّ سريع أكثر ما يلزمنا لإنقاذ المنظومة البيئية الفريدة لمحمية شاطئ صور.
 
أثار خبر التسرب النفطي من ميناء أشدود في تل أبيب، حتى المياه الإقليمية اللبنانية، اهتمام ومتابعة الجهات الرسمية والمعنية، وبناءً على توجيهات رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، أخذت الفرق العلمية في المجلس الوطني للبحوث العلمية، عينات من شاطئ صور لتحليلها، بالتنسيق مع البلدية والهيئات البيئية في المنطقة.
 
"كوارث وصدمة كبيرة". هكذا يصف رئيس المركز اللبناني للغوص، يوسف الجندي، في حديث لـ"النهار"، المشهد على الشاطئ الممتد من صور حتى الناقورة والبيّاضة، "حيث تجمّعت الترسّبات النفطية في فجوات الشاطئ الصخري".
 
 
في الناقورة، اعتاد غوّاصو المركز، والغواصون المحترفون، دخول كهوف تحت الماء أسفل الشاطئ، لمعاينة أنواع من الفقمات. وفي جولة اليوم، أكّد الجندي أنّها "لا تزال حتى الآن، خالية من الترسّبات والمواد النفطية، بالإضافة إلى خلوّ قاع البحر منها"، مشيراً إلى أنّ "المركز تواصل مع صيّادي صور والناقورة، وبالأخص الصيادين بالشباك، الذين أكّدوا أنهم لم يعثروا على سمك نافق أو مطلي بالقطران". أمّا في جنوب مصبّ الليطاني وشماله، القاسمية وشاطئ الخرايب، "فكانت الكوارث".
 
تضمّ محمية شاطئ صور ثلاثة أنظمة إيكولوجية، هي النظام الرملي (الوحيد في لبنان لجهة الكثبان الرملية وعرض الشاطئ الذي يفوق الـ50 متراً)، والنظام المائي المتمثّل بالمستنقعات المائية المصنّفة كواحدة من "مناطق رامسار"، أي أنّها محمية بموجب اتفاقية رامسار البيئية، وهي عبارة عن مستنقعات من المياه العذبة، تنبع من برك رأس العين الفينيقية وتكوّن تنوعاً بيولوجياً مميّزاً لدى اختلاطها بالمياه المالحة. بالإضافة إلى النظام الإيكولوجي الزراعي المتمثّل بمنطقة رأس العين الزراعية.
 
في هذا الإطار، يرى مدير المحمية، حسن حمزة، أنّ "التلوث الطارئ من شأنه التأثير بشكل مباشر على المياه والشاطئ على حدٍّ سواء"، ويشرح لـ"النهار: "تضع السلاحف بيضها في الرمال النظيفة التي متى دخلتها عناصر كيميائية غريبة، كالنفط، تتأثّر فيزيائياً وكيميائياً، بالأخص أنّ النفط من المواد المائعة التي يصعب التخلّص منها بسهولة".
 
ويتابع: "من شأن هذه المواد النفطية التأثير على المياه فيزيائياً وكيميائياً أيضاً، لجهة الموائل والتنوّع البيولوجي، كالسلاحف البحرية والأعشاب"، مشيراً إلى أنّه من السهل دخول جزيئات النفط خياشيم السمك، ما يؤدي إلى نفوقها على الفور.
 
 
 
حلول ومناشدات
يرى حمزة أنه "علمياً، تستغرق دراسة الأثر البيئي للتسرّب النفطي وقتاً، كذلك الحال لملاحظة التداعيات البيئية، وحتى اليوم، رصدنا 4 سلاحف نافقة، أصغرها تزن 237 غراماً، 3 منها مطلية طلاءً تاماً بالنفط". ويشرح أنّ الرابعة تخضع اليوم للتشريح لمعرفة سبب نفوقها غير البادي على جسدها.
 
يُطلق حمزة والجندي صرخةً مدوّية لحماية المحمية والتنظيف السريع للشاطئ والمياه، بالنظر إلى أهمية المنظومة البيئية التي تحويها، إذ تضمّ 37 نوعاً من الأسماك، بالإضافة إلى الاسفنج البحري والقريدس والنباتات والأعشاب البحرية. كما تُعدّ المنطقة ممرّاً للأسماك المهاجرة، كالسردين على سبيل المثال.
 
"لا حلّ سوى بالتنظيف الجدّي والسريع". جملة تُجمع عليها إدارة المحمية والمركز اللبناني للغوص. يحدّد الجندي مهلة أقصاها 10 أيام، "تجنّباً لكارثة أكبر"، في وقت يؤكّد حمزة أنّ "حملة تنظيف تنطلق نهار السبت لرفع المواد النفطية".
الصورة نقلاً عن المركز اللبناني للغوص
 
نسأل عن إمكانية إنشاء محمية رديفة ومصغّرة، موازية للمحمية الرئيسية، تحوي أزواجاً من الثروة السمكية الموجودة في المحمية. يشرح حمزة أنّ "هكذا خطوة من شأنها تدمير المنظومة البيئية الموجودة في المحمية"، مؤكداً أنّ "الطبيعة قادرة على مداواة نفسها بنفسها وتصحيح الخلل، فكلّ ما نحتاجه اليوم هو التنظيف فقط".
 
في وقت يرى الجندي أنّ هذه الكارثة "تفوق قصف القوات الإسرائيلية معمل الجية الحراري، وتسرّب 15 ألف متر مكعب من الفيول إلى البحر، لناحية المساحة"، يشير حمزة إلى "ضرورة إنشاء وحدة مؤلفة من خبراء بيئيين، ومتطوّعين متخصصين في مراقبة الشواطئ والاستجابة لحالات الطوارئ"، تماماً كالدفاع المدني.
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم