الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

والدة رولا يعقوب لـ"النهار": أقول لابنتي "يمكنك أن ترتاحي الآن"

المصدر: النهار
ليلي جرجس
ليلي جرجس
تعبيرية ("النهار").
تعبيرية ("النهار").
A+ A-

9 سنوات سلكت فيها الأمّ ليلى خوري طريقها من عكار إلى العدليّة من دون كللٍ أو مللٍ، ولم تغب عن أيّ جلسة طوال تلك السنوات، ولم تستسلم، بالرغم من صدور حكمين ببراءة كرم البازي في العامين 2014 و2018، بل كانت مصرّة على أن حقّ ابنتها المغدورة رولا يعقوب سيؤخذ مهما طال الزمن...
 
في 7 تموز 2013 أغمضت رولا يعقوب عينيها إلى الأبد، بعد تعنيف زوجيّ لم يتحمّله جسدها، الذي انهار تحت هول الضربات، فاستسلمت للموت أمام أعين أولادها الخمسة.
 
ليالٍ طويلة شهدت على بكاءِ ليلى خوري ابنتَها الوحيدة، التي قضت ظلماً، في وقت لم تملك الأم ليلى غير عزيمتها واللون الأسود لتواجه تلكّؤ القضاء حيناً، وتنحّي أكثر من قاضٍ حيناً آخر، ثم تنتظر الدّخان الأبيض، الذي سيخرج من المحكمة من أجل روح ابنتها؛ وذلك على مدى تسع سنوات.
 
بصوتها الخافت تُعلن ليلى خوري لـ"النهار" أنّ اليوم "أوّل عيد للأمّ أفرح به، بعد 9 سنوات من الانتظار والخيبات والوجع؛ قلبي مجروح، وأعرف أن حقّ ابنتي أكبر من مجرّد خمس سنوات سجن. كنت أطالب بأكثر من ذلك، ولكن يكفيني أن يُحاسب على فعلته. أريد أن يُحرق قلبه كما حرق قلبي، وأن يتذوّق الألم الذي تذوّقته عندما حرمني وحيدتي".
 
لقد حُرمت ليلى خوري من ابنتها الوحيدة، وهي التي ليس لديها أحد في هذه الدنيا. تقول "لقد حرمني من الحياة، وجعلني أتعايش مع أمراض كثيرة، أنا أمّ موجوعة، وحرقة قلب الأم لا يُمكن لأحد أن يداويها. ولكن أقول لرولا اليوم بعد 9 سنوات من النضال يمكنك أن تنامي وترتاحي. هذا ما أعطاني إيّاه القضاء. أعرف أنّه يستحقّ عقوبة أكبر، ولكن تحقيق عدالة متأخّرة خير من اللاعدالة".
 
 

وعن كلّ الأمهات اللواتي ينتظرن الحقّ في جرائم العنف المنزليّ، تؤكّد الخوري أنّه "ما ضاع حقّ وراءه مطالب. ومهما تأخّرت العدالة إلا أنّها ستأتي. لقد أخذت حقّ ابنتي وحقّ أولادها الأربعة الذين حُرموا منها، وهم بحاجة إليها اليوم أكثر من أيّ وقت مضى".
 
لم ترَ ليلى أحفادها منذ عيد الميلاد، ولا تعرف رأيهم بهذا الحكم، ولكنّها تأمل في أن يعرفوا أنّ حق والدتهم تحقّق بعد 9 سنوات، بعد أن شاهدوها تموت أمام أعينهم.
 
في انتصار لحقوق النساء، وللعدالة في وجه العنف الأسريّ، أنصف القضاء روح #رولا يعقوب ووالدتها بعد أكثر من 9 سنوات على حصول الجريمة البشعة، فأصدرت محكمة التمييز الجزائيّة حكماً قضى بحبس كرم البازي خمس سنوات، وإدانته بالتسبّب بقتل زوجته رولا يعقوب، بموجب المادة 550 من قانون العقوبات، وجرّدته من الحقوق المدنيّة، وألزمته دفع 300 مليون ليرة تعويضاً للمدّعية ليلى الخوري.
 
لكنّ المسار القضائيّ كان طويلاً قبل الوصول إلى الحكم، والمحكمة سبقت أن برّأت الزوج قبل أن تُدينه أخيراً، ممّا أثار لغطاً في الموضوع، وهو ما توضحه المحامية ليلى عواضة من منظمة "كفى"، في حديثها لـ"النهار"، بقولها "هناك لغطٌ عند الناس في مسألة الحكم. يجب أن نعرف ما هي تهمة البازي تحديداً، وعليه ادّعت النيابة العامة على زوج رولا يعقوب بالمادة 550 أي التسبّب بالموت، وليس بالقتل العمد (أو القتل القصدي). لم يكن يُخطّط لجريمة قتل، وإنما قُتلت نتيجة الضرب والعنف الذي أدّى للوفاة".
وتُضيف عواضة أنّ "عقوبة الجرم في المادة 550 أي التسبّب بالقتل تتراوح بين 5 و 7 سنوات كحدّ أقصى، عكس قضيّة منال عاصي التي كان يجب أن تكون عقوبتها 25 عاماً، وحُكم بخمس سنوات لظروف تخفيفية".
 
 
وعن التأخّر في صدور الحكم بعد قرارين بتبرئة الزوج في عامَي 2014 و2018، تقول عواضة إن "هذه العدالة كان يمكن أن تكون منذ خمس سنوات أو سبع، لكنّها تحقّقت اليوم متأخّرة". 
وتشير إلى "أن هذا الملف شهد مساراً متخبّطاً، بعد أن صدرت البراءة بحقّ الزوج مرّتين، وتنحّى عنه أكثر من قاضٍ، وبعد إحباطٍ ويأسٍ من الوصول إلى شيءٍ في ملف رولا يعقوب؛ العدالة تحقّقت حتى لو جاءت متأخّرة، وتبقى هذه العدالة أفضل من اللاعدالة".
وبرأي عواضة أنه "بعد 9 سنوات من النضال، وبعد تخبّطات وتنحّي قضاةٍ عن ملف رولا، وصلنا إلى خاتمة محقّة، ويُسجّل أن والدتها التي تعبت طوال هذه السنوات، ولم تغب بتاتاً عن أيّ جلسة، وكانت تتوجّه من عكار إلى العدليّة للمطالبة بإحقاق الحقّ ومتابعة الملف، قد نجحت في استرجاع حقّ ابنتها الوحيدة، وهذه النتيجة هي أقلّ ما يُمكن أن تحصل عليه".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم