الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

يستحق الأطفال أن نكون "قدوة في التربية"... ماذا في جعبة "كفى"؟

جودي الأسمر
جودي الأسمر
ملصق الحملة.
ملصق الحملة.
A+ A-

لأنهم أطفال، لا يملكون السلطة وأدوات التعبير والمعرفة الكافية، للتحصّن ضدّ التداعيات التي تعكسها أزمات لبنان.

الحلّ؟ ليس سحريًا، لكن ثمة محاولات يترتب عليها توعية الأهل ومقدّمي الرعاية ليكونوا "قدوة" و"أهلًا للتربية"، في ظل غرق المسؤولية الوالدية بالتحديات، بسبب تفشي "كورونا"، وتمترس الأطر الخانقة التي فرضها الحجر.

 

استجابةً لهذا الواقع، وبالتزامن مع عيد الطفل، أعدّت منظمة "كفى عنف واستغلال"، بالشراكة مع منظمة "اليونيسف"، حملة بعنوان "قدوة في التربية"، انطلقت في فيديو بمواقع التواصل الاجتماعي، بعنوان "التعامل مع الإجهاد والغضب"،  ضمن سلسلة من 6 فيديوات قصيرة، يعرض واحد منها أسبوعيًا، لمدة شهر ونصف الشهر.

خطوات الحملة
 تساعد هذه المواد الأهل ومقدمي الرعاية في استخدام أساليب صحية وفاعلة للتعاطي مع تصرّفات أطفالهم ومشاكلهم الناتجة من ضغوط نفسية وعاطفية وصحية، كما تهدف الى
 "الحفاظ على بيئة سليمة وعلاقة صحيّة بين الأطفال والمراهقين/ات وبين الأهل/مقدمي الرعاية"، بحسب بيان المنظمة.

 

الفيديو القصير (مدته 46 ثانية) المعروض بتقنية الرسوم المتحركة، وبلغة محكيّة سهلة تستقطب اللبنانيين، هو جزء من مكوّنات أخرى للحملة، أعدّت كالآتي:
-
 توزيع كتيب خاص ببعض التقنيات التي تساهم ببناء علاقة أفضل بين الأهل ومقدمي الرعاية والأطفال على كافة الأراضي اللبنانية.  
- عقد جلسات توعوية "أونلاين" حول التربية، للأهل ومقدمي الرعاية في بيروت وجبل لبنان والبقاع حيث توجد مراكز للمنظمة
.
- انطلاق خط استشارات 71/678881 للتواصل مع الاختصاصيين في "كفى"، من
أجل التزوّد مباشرةً بالدعم والمعلومات حول التربية الوالدية الايجابية وإدارة الضغط والاهتمام بالنفس.

منزل آمن

 رئيسة قسم حماية الأطفال في منظمة "كفى عنف واستغلال" ماريا سمعان التي فصّلت الحملة أعلاه، تضيف لـ"النهار" أنّه "في ظل الكارثة الاقتصادية والاقفال التام وإغلاق المدارس، يعاني الأهل صعوبات استثنائية في رعاية أولادهم، بدءًا من تلبية احتياجاتهم الأساسية كالمأكل والمشرب التي تصطدم بالضائقة المادية، وصولًا للحفاظ على صحة الأطفال النفسية، في موازاة ضغوطات الأهل أنفسهم، ونقص الموارد وصعوبة تنظيم الأدوار والمشاق اليومية".

وتلفت سمعان إلى أنّ "الأطفال والقصّر المستفيدين من جلسات الدّعم النفسي والاجتماعي يبلّغون عن عنف أسري يتعرّضون له"، في جواب على سؤال يربط بين الحملة وملف العنف الأسري في لبنان، موضع تعديلات قانونية أخيرة شهدها في كانون الأول 2020.
من هنا، تؤكد سمعان حرص الحملة على "المساهمة في تأمين راحة الطفل ونموّه المتوازن. لبلوغ هذا الهدف، نسعى لتخفيف الضغوطات عن الأهل وتسهيل تعاملهم مع الأطفال، ليصير المنزل بيئة آمنة للجميع".

العنف بالأرقام

 في خلفية مترابطة، لحظت "كفى" ضمن دراسة أجريت في نيسان 2020 استهدفت عينة من 750 شخصًا أنّ "39% لمسوا تغيرات سلبية في دينامية الأسرة، و15% استخدموا مرارًا العنف اللفظي مع الأطفال و7% باتوا يستخدمون العنف الجسدي مع الأطفال"، وغالبية هؤلاء الأهل يعانون تدهورًا في الوضع المادي وتشنجًا في العلاقات الزوجية والأسرية عمومًا ويشعرون بالقلق من المستقبل.

دوليًا، تطالب بالقضاء على العنف ضد الأطفال العديد من الغايات المحددة في خطة التنمية المستدامة لعام 2030، يمثل لبنان في ضوئها حالة محليّة مستعصية، ضمن وضع عالمي صعب، يسجّل "ما يناهز 300 مليون طفل في جميع أنحاء العالم تراوح أعمارهم بين عامين و4 أعوام، (يعانون) من أساليب التأديب العنيف من مقدمي الرعاية لهم"، وفق تقرير الحالة العالمي عن الوقاية من العنف ضد الأطفال لعام 2020.

ويتابع التقرير "أثّر إغلاق المدارس على نحو 1.5 مليار طفل"، وبالنتيجة "أصبح الناس معزولين، أسرًا وأفرادًا، عن مصادر دعمهم المعتادة".

مسار دولي ومحلي

 لا بدّ لمن يطّلع على بنود "الاستجابة العالمية للعنف ضدّ الأطفال في فترة كوفيد-19" أن تلفته تجانس حملة "كفى" مع محاولات دولية هذا نصها: "(تعزيز) الحكومات والمجتمعات قدرة الأسر لتجاوز الضغوط التي يسببها الحجر الصحي والقلق بشأن المستقبل. وبُذلت أيضًا جهود متضافرة لتزويد جميع الأسر باقتراحات ملموسة للسلوك الذي ينبغي التحلي به لتحسين العلاقات الإيجابية بين الأبوين والطّفل، وكيفية تجنيب استخدام أسلوب التأديب العنيف، وما يمكن فعله عندما يوشك العنف على الاندلاع".

لا يمثّل لبنان، إذاً، حالة شاذّة، إنّما منسيّة، ومتفاقمة بسبب الإهمال الحكومي.

 وفي انتظار إيلاء حماية الطفل وتوعية الأهل الاهتمام المحق على صعيد المؤسسات الرسمية، تبقى إضاءة شمعة  في حملة "قدوة في التربية" في هذه الدرب المؤجلة، محطّ أثر مأمول، وخطوة أفضل ألف مرّة من الاستسلام للواقع أو التخلي عن مسؤولياته المترتبة على الراشدين والمنظمات المتدخلة في قضايا الطفل والأهل.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم