الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

دعم البنك الدوليّ للمشاريع البيئيّة مشروط بخطّة استدامة ماليّة من الحكومة (صور)

المصدر: "النهار"
من المشروع البيئيّ.
من المشروع البيئيّ.
A+ A-
زحلة – "النهار":
 
في يوم احتفال لبنان بذكرى الاستقلال، برز كلام المدير الإقليميّ لدائرة المشرق في مجموعة البنك الدوليّ ساروج كومار جا، في ختام جولة على عدد من المشاريع البيئية القائمة على حوض الليطاني، الذي خصّص البنك الدولي قرضاً بقيمة 55 مليون دولار لمكافحة تلوّثه، حضّ فيه الحكومة اللبنانية على تحمّل مسؤوليّاتها، ودعاها للمباشرة فوراً بوضع خطّة مالية لاستدامة منشآت المشاريع البيئية على الحوض، كشرط للمضي قدماً مع الحكومة، وقال: "نحن نحتاج أن نرى أوّلاً خطّة لكيفية تأمين استدامة القطاع". كلام مسؤول البنك الدوليّ جاء في خلال لقاء في محطّة تنقية مياه الصرف الصحّي لزحلة وجوارها، ضمّه الى وزيري الطاقة والمياه وليد فياض، والبيئة ناصر ياسين، سفيرة إيطاليا لدى لبنان نيكوليتا بومباردييري، رئيس مجلس إدارة المصلحة الوطنية لنهر الليطاني سامي علوية وممثلين عن مجلس الإنماء والإعمار، ومؤسّسة مياه البقاع في حضور رئيس بلدية زحلة – معلّقة وتعنايل أسعد زغيب. وكان وفد البنك الدوليّ قد جال برفقة الوزير ياسين وعلوية ومجلس الإنماء والإعمار على معمل فرز النفايات في جب جنين الذي يديره "اتّحاد بلديات البحيرة"، ومعمل فرز النفايات في برّ الياس.
وبدا مسؤول البنك الدوليّ من كلامه محبطاً من أداء السلطات اللبنانية، إذ لفت الى أنّها زيارته الثانية لهذه المنشأة، وقال: "لدى زيارتي لها العام 2018 ناقشنا المسائل نفسها، مسألة الاستدامة، مرّت ثلاث سنوات ولا زلنا نناقش المسألة عينها".
 
وشدّد على أنّ "دعم البنك الدولي مرتكز على شرط وهو أن تقدّم الدولة خطّة استدامة مالية"، مضيفاً "قلنا ذلك في الأعوام 2018 و2019 و2020 وهو موثّق في رسائلنا".
 
وتابع: "نحن نحتاج أن نرى أولاً خطة لكيفية تأمين استدامة القطاع، وما الذي يحتاجه، ما هي الأكلاف، ما هي العائدات (...)، طلبي من الحكومة أن تضع حالاً خطة استدامة مالية تظهر الأكلاف والعائدات لكلّ المنشآت في البلاد، وعلى هذا الأساس نحن مستعدّون أن نمضي قدماً مع الحكومة ونقدّم أيّ نوع من الدعم المطلوب. ولكن ما نحن ليس على استعداد له هو تأجيل مسار الاستدامة لوقت آخر فذلك لن يساعد، نحن نحتاج أن نضع الخطة الآن". مقترحاً العمل من أسفل الهرم الى أعلاه وإشراك البلديات وسكانها وشركاء آخرين. وخلص قائلاً: "نحتاج أن نحضّر لانتقال إدارة المحطة الى الدولة اللبنانية الآن وليس بعد سنتين".
 
 
فالجدير ذكره بأنّ البنك الدولي سيتولى تغطية تمويل تشغيل محطة التكرير في زحلة وصيانتها وأيّ نوع آخر من الدعم التقني، بمفعول رجعي من آذار 2021، تاريخ انتهاء عقد تمويل الحكومة الإيطالية لتشغيل المحطة، ولغاية آذار 2022. ليدخل بعدها الإيطاليّون على الخطّ لتأمين تمويل تشغيل المحطة لسنتين مقبلتين، إنطلاقاً من حرص الحكومة الإيطالية على استدامة عمل المنشأة التي استثمرت فيها إنشاءً وتشغيلاً، وهي مصدر فخرٍ لها. إذ أوضحت السفيرة الإيطالية الى أنّه منذ أيقنت حكومتها بأنّ الجهة اللبنانية غير جاهزة بعد لتحمّل مسؤولية إدارة المحطة، لدى انتهاء العقد في آذار الفائت، بادرت الى تقديم "مشروع تمويل الدعم التقني للمحطة عبر برنامج الأمم المتّحدة الإنمائيّ لسنتين، بتمويل إيطالي، على أن تلتزم الحكومة اللبنانية في غضون ذلك إنجاز التحضيرات لجهة المقدّرات البشرية والمالية لتحمّل مسؤولية إدارة المنشأة".
 
فقد تكون محطة تنقية مياه الصرف الصحّي لزحلة وجوارها "منشأة على مستوى عالمي" كما وصفها ساروج كومار جا، ولكنّها في الواقع لم تقم ولم تستمرّ إلّا بفضل الجهات المانحة، أو كما قال علوية في مداخلته "الجهة الإيطالية الممولة هي التي حافظت على استدامة تشغيلها حتى الآن"، وذلك في معرض تحذيره من أنّ "محطة زحلة معرّضة للتوقف إن لم تؤمّن الاستدامة لتشغيلها، لأنّ مؤسسة مياه البقاع غير قادرة بعد على تشغيلها". لافتاً الى أنّه "بمجرّد توقّف المحطة يوماً واحداً عن العمل سيتعرّض الليطاني لرمي 37 ألف متر مكعّب من الصرف الصحّي فيه، وبالتالي نعود الى نقطة الصفر". ومشدّداً على أنّه "آن الأوان أن نتعاون مع البنك الدولي ووزارة الطاقة لنتمكّن من المحافظة على استدامتها".
 
وقد لاقى كلام المسؤولين الأجانب صداه في اللغة العربية في ردّ لعلوية على سؤال لـ"النهار" عمّا إذا كان متفائلاً من جولة الوفد، إذ قال: "ليست الجولة الأولى لوزراء وجهات مانحة على محطات تكرير ومعامل فرز نفايات. المشكلة الأساسية بما يعني الموارد المائية والبيئية هي سوء إدارتها من قبل الدولة اللبنانية، الحلّ يجب أن يبدأ من مجلس الوزراء ومن السلطات اللبنانية التي يجب أن تحسن إدارة مواردها المائية والبيئية، وتتعامل بكلّ شفافية مع كلّ تمويل خارجيّ يأتي إلى لبنان". وتابع: "بالتالي هذا الوفد آت في حالة طوارئ لإنقاذ محطة تكرير زحلة وإنقاذ بعض مراكز معالجة النفايات، ولكن فكرة الاستدامة تكون على مسؤولية الدولة اللبنانية (...)، إذا لم نحسن إدارة الموارد المائية والبيئية والموارد المالية ونظمنا إداراتنا اللبنانية ومؤسساتنا لن يكون هناك نتيجة".
 
 
وأبرز دليل على تقاعس السلطات اللبنانية المزمن، الذي يتجلّى في محطة تكرير المياه الآسنة في زحلة، هو موضوع الحمأة الناتجة عن عمليّة المعالجة أو الـsludge، إذ انّه لدى استطلاع وزير البيئة عن كيفية معالجة الحمأة تبيّن أنّنا مقبلون على مشكلة. ذلك أنّ الحلّ الذي أعتمده مجلس الإنماء والإعمار وقضى باستحداث ثلاث خلايا لطمر الحمأة، بسعة 6 آلاف متر مكعّب للخليّة، شارف على الاستنزاف، إذ لم يتبقَّ سوى خليّة واحدة امتلأت حتّى نصفها، وبالتالي لم يتبقَّ سوى أشهر قليلة قبل أن تمتلئ الحفرة، بحسب ما قالته مسؤولة في مجلس الإنماء والإعمار، وبالتالي فإنّ مشكلة التخلّص من الحمأة مرشّحة لتعود وتبرز من جديد. سيّما وأنّ الحلّ الذي تحدّث عنه ممثلو مجلس الإنماء والإعمار خلال اللقاء، يرتبط بشركة خاصّة ستتولّى نقل الحمأة الى موقعها ومعالجته لتحويله الى سماد وتصديره، ومن المتوقّع أن تبدأ العمليّة في آذار المقبل. ولكن الوفد نفسه، بدا متحفّظاً من عقبات قد تؤدّي الى تأخير الحلّ المقترح، وبادر الى الطلب، في هذه الحالة، من بلدية زحلة – معلّقة وتعنايل، أن تقبل بطمر الحمأة في مطمرها الصحيّ لمدّة تمتدّ ما بين 3 و6 أشهر. وهو الأمر الذي رفضه رئيس البلدية أسعد زغيب، بناءً على تجربة سابقة، إذ أنّ الحمأة التي يتمّ تنشيفها بنسبة 20 في المئة فقط تبقى لزجة، وبالتالي فإنّ نقلها الى خليّة مطمر زحلة الصحيّ وطمرها مع النفايات أسفرا الى تهديد سلامة عمل آليات الطمر لتحوّل أرضيّة العمل الى أرضيّة موحلةٍ وغير ثابتة على ما شرح زغيب، مضيفاً تعذّر تخصيص خليّة كاملة للحمأة كسبب آخر للرفض. وعليه فإنّ الحلّ الوحيد، في رأيه، هو باستخدام تقنية تنشيف الحمأة بالكامل في محطة التكرير، وحينها فقط يمكن طمرها في مطمر زحلة.
من جهته أعرب علوية عن استعداد مصلحة الليطاني تأمين قطعة أرض تعود لها لاستخدامها كمطمر مناسب بيئيّ للحمأة. بعد أن كان قد أبدى أيضاً استعداد مصلحة نهر الليطاني الطلب من البنك الدوليّ تحويل تمويل مشاريع المصلحة من ضمن قرض الـ55 مليون دولار، لاستدامة تشغيل محطّة زحلة "لأن لا أمل إلّا إذا تعاونّا معاً".
 
ولكن ما كان موقف الوزيرين فيّاض وياسين؟
 
في جوابه على كلام السفيرة الإيطالية، شدّد فياض على ضرورة "التكامل بإدارة قطاع المياه"، وقال: "كلّنا يعرف بأنّ العديد من مشكلاتنا في قطاع الصرف الصحّي متعلّقة بعدم الربط بين الشبكة والمعالجة، سواء على صعيد التخطيط أو التشغيل، أو المالية واستعادة الكلفة، لأنّه من الصعب تخيّل آليّة تحديد الأكلاف بعزل الصرف الصحّي عن مياه الشفة، فتلك خدمة مدمجة".
 
ودعا الى الاستفادة من تمويل مشروعَي الدعم التقني للمنشأة خلال السنوات الثلاث من قبل البنك الدوليّ والحكومة الإيطالية، باعتبارهما مشروعاً واحداً لبناء قدرات مؤسّسة مياه البقاع، بحيث مع انتهاء المدّة تكون الجهة اللبنانية المسؤولة الوحيدة عن تشغيل المحطة.
 
من جهته أكّد وزير البيئة للسفيرة الإيطالية بأنّ مقاربة الوزارة للمشاريع البيئية تأخذ في عين الاعتبار استرداد الأكلاف وإشراك السلطات المحليّة.
وتناول موضوع النفايات الصلبة في حديث صحافيّ انطلاقاً من المعاينة الميدانيّة لمعملي فرز جب جنين وبرّ الياس، ولفت الى أنّ "هناك حاجة لتطوير الأداء في بعض المعامل القائمة، وإعادة النظر بعمل البعض الآخر ضمن خطط مستدامة. نعمل بالقدر الممكن على خطط محليّة تحت إشراف الإدارات المحليّة وخاصّة اتّحادات البلديات". وأضاف: "البنك الدوليّ يدعم هذه المشاريع المرتبطة بدعمه لحوض الليطاني، نبحث في كيفية أن نستفيد من المساعدات الموجودة لهذين القطاعين تحديداً، قطاعيّ النفايات الصلبة وتنقية مياه الصرف الصحّي".
 
وعن المشكلة التي واجهها معمل برّ الياس عندما أبدى المتعهّد نيّته بالانسحاب بعدما فقد التعهّد قيمته بالليرة اللبنانيّة جرّاء تضخّم سعر صرف الدولار، أكّد الوزير ياسين استمرار المتعهّد تشغيل المعمل لغاية نهاية السنة، "في هذا الوقت قمنا بمعادلة جديدة مع مجلس الإنماء والإعمار ومع وزارة التنمية المحليّة للأخذ بالاعتبار التضخّم الحاصل. لن نعدّل العقود ولكن يمكن القيام بمعادلة جديدة لآلية الصرف لتأخذ معدّلات التضخّم بعين الاعتبار".
 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم