الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

مشروع سد بسري: أضرار الالغاء حقيقة أم لعبة سياسية... وماذا عن البديل؟

المصدر: "النهار"
مرج بسري.
مرج بسري.
A+ A-
كتبت جودي الأسمر
 
شعور بالانجاز لا يزال يعمّ المناهضين لمشروع سد بسري بعد قرار الغاء البنك الدولي المبالغ غير المصروفة بقيمة 244 مليون دولار. خطوة أمدّت المجتمع المدني اللبناني على اختلاف تخصصاته، بأمل جديد في قدرته على إحداث خرق وتحقيق الأثر، وسط حال من الكساد المعنوي الذي يلفّ هذه الشريحة حول إمكانيتها في التغيير. في المقابل، لم يحبط القرارعزيمة وزارة الطاقة بدفاعها عن المشروع، وفريقها السياسي يسوّق لـ"أزمة" مياه ستحدق ببيروت لأن لا بديل لسدّ بسري، فيما يعكف فريق من الوزارة على اجتراح معادلات لإقناع البنك الدولي بالتراجع. فهل يحمل هذا القرار تداعيات علمية مضرّة بالمصلحة العامّة؟ وما موقف "الحملة الوطنية للحفاظ على مرج بسري" أمام اتهامها بـ"الاكتفاء بالمعارضة بدون طرح البديل"؟
سلبيات دولية
يرى رئيس منظمة "جوستيسيا" والمرجع القانوني المحامي الدكتور بول مرقص أن "قرار البنك الدولي يعزز التوصيف السلبي للمانحين والمقرضين الدوليين للبنان لأنهم سيجدون فيه مخاطر ائتمانية. ذلك أن هذه المؤسسات عادة ما تفرد بابًا خاصًا من ميزانيتها لتمويل ما يسمى بـ"غاية محددة حصرًا" (affectation spéciale)، فتجمده لزوم هذا المشروع. حين لا ينفذ المشروع الذي خصصت له مبالغ وهي عادة لعدة دول مانحة، يكون لبنان قد فوّت الفرصة على جهة ثالثة وبخاصة الدول النامية لتمويل مشاريعها عوضا عنه"، مضيفًا أن إلغاء تمويل سد بسري هو "نتيجة سوء إدارة وتقاعس"، وهو ليس النقطة السوداء الوحيدة في سجل لبنان فـ" أهم مثال نعيشه اليوم هو تمويل "سيدر"، المجمد لأن لبنان لا يريد تنفيذ الشروط الاصلاحية، وفرص أخرى فوتها لبنان في "باريس" 1 و2 و3، بسبب عدم الالتزام بالشروط".
ويخلص الدكتور مرقص الى ان رأيه هو من الناحية الائتمانية الصرف ويقع في معزل عن تقييم صوابية قرار البنك الدولي في وقف التمويل.
 
"إحراج" البنك الدولي
من ناحيته، يؤكد منسّق الحملة الوطنية للحفاظ على مرج بسري، المهندس رولان نصّور، أنّ البنك الدّولي وجد في إلغاء المبالغ غير المصروفة "مخرجًا"، نتيجة قيام الحملة بـحشره في الزاوية من خلال خطة مدروسة ومتكاملة في معايير الحملات المدنية، إذ "انطلقت الحملة عام 2017، من خلال لقاءات عقدناها مع فريق البنك الدولي ببيروت ومناظرات علمية وشكاوى رفعناها أمام لجنة التفتيش في البنك الدولي في واشنطن." 
واستمرّ إبراز الحقائق بالتوازي مع "حملات إعلامية مكثفة على المستويين المحلي والدولي، إضافة لتظاهرات في مرج بسري، وأمام البنك الدولي في بيروت، وأخرى للجاليات اللبنانية في الخارج."
مع الوقت، تبيّن أنّ "المشروع أظهر عكس ما يدعيه البنك الدولي، لناحية حماية البيئة والتنمية المستدامة والتشاركية بأخذ القرار مع السكان المحليين، وهذا ما أظهرناه من خلال كشف الحقائق المزورة والدراسات المخبأة. صار البنك الدولي محرجًا، خصوصا أننا توجهنا الى الدول الاعضاء في مجلس ادارة البنك الدولي من خلال ناشطين يقومون بالضغط عليها لسحب تمويلها."
خلاصة هذه العوامل أن "البنك الدولي حاول التفتيش عن مخرج أخير من خلال إعطاء مهلة اضافية للدولة اللبنانية كي تلتزم ببعض الشروط التي تأخرت في تنفيذها، وهذا ما لم يحدث لأن أحد الشروط نصّ ببدء العمل على الأرض، وكلّ من البنك الدولي والدولة اللبنانية يعلم أنّ هذا الأمر مستحيل، لأنّ اعتصامنا مستمر في مرج بسري منذ عدة أشهر ويمنع أي محاولة لاستكمال الأعمال." 
 
شوائب المشروع
يعتبر نصور أن "الأطراف السياسية دائما ما تدعم مشاريع تخدم جيوبها والمستفيدين في الوزارات والمتعهدين المحسوبين عليها، فتشيع بأن مشروع بسري لا بدائل عنه وتلجأ لتخويف الناس." إنما "نحن نعرف جيدا، أنّ مشكلة المياه في لبنان عامة وبيروت الكبرى خاصة، ترتبط بشكل أساسي بسوء الادارة وتوزيع المياه. فحوالي 40% من مياه الشبكة تذهب هدرًا، بسبب التعديات على الشبكة، إنما أيضا بسبب اهتراء أنابيب وشبكة المياه. ناهيك عن وجود ينابيع كبرى قريبة من بيروت لا يتم استثمارها بالطريقة الفعالة: كنبع جعيتا ونبع أنطلياس ونبع الديشونية، ونبع القشقوش".
وثمة مشكلة "تتعلق بالفوضى في قطاع المياه الجوفية. أكثر من 80 ألف بئر غير مرخص. ولا يوجد إحصاء مستمر لهذه الآبار، وبالتالي المعضلة الأساس تكمن في فوضى عارمة وعدم فعالية باستثمار المياه الجوفية، ما يتسبب بتمليح واستنفاد المخازن. لذلك نحن اقترحنا إعادة تنظيم استثمار المياه الجوفية، ونضمن أنه سيزيد تغذية بيروت الكبرى بمئات ملايين الأمتار المكعبة."
ويفنّد نصّور تمسّك الوزارة بمشروع بسري على أنّه الخلاص الوحيد من أزمة المياه، فهو "غير قادر على تأمين الكميات المزعومة لأن الأرقام التي بينتها مصلحة الليطاني في السنوات العشر الأخيرة، تظهِر بأن منسوب نهر بسري يترواح بين 75 و85 مليون متر مكعب وبالتالي لا يستطيع تأمين 100 مليون متر مكعب التي وعدوا بها. ويجب أيضا أن نخصم معدلات التسرب والتبخر والتصريف البيئي للنهر وعوامل غيرها، ما يبقي لبيروت حوالي 40 الى 50 مليون متر مكعب فقط." مشيرًا إلى أن "الرقم ضئيل جدًا مقارنة بالبدائل الأخرى." فضلًا عن كون تكاليف سد بسري "باهظة جدا"، فـ"نحن نتحدث عن مليار ومئتي مليون دولار لإنشاء السد مع شبكة المياه المرتبطة به، تضاف اليها تكاليف التشغيل والصيانة والضخ التي سترتب أعباء كبيرة على الأجيال القادمة." 
 
اقتراح بديل
يشير رولان نصور الى "أن معهد BGR الألماني يفيد في دراسة أجراها عام 2012 بأن 70 % من مياه بيروت الكبرى تأتي من نبع جعيتا، إنما يوجد هدر كبير في قناة جر المياه من نبع جعيتا الى محطة ضبية لتوزيعها في بيروت الكبرى. هذا الهدر يتخطى نسبة 30% عدا عن هدر موجود في مجمل الشبكة. ووضِعت دراسة لزيادة التغذية من نبعي جعيتا والقشقوش، إضافة الى دراسة جدوى إضافية لهذا المقترح. إنما طبعا الدولة لم تتبنى هذا الطرح لأنها تفضل المشاريع الكبيرة." 
وكبديل يتحدّث نصّور عن مشروع بكلفة 31 مليون دولار فقط ، اقترحته الحملة برسالة أخيرة وجهتها للبنك الدولي بتاريخ 18 آب، ويتلخص المشروع بـ"استراتيجية شاملة ومنخفضة المخاطر وواعية بيئيًا. هذه الخطة ستعطي الأولوية لإعادة تأهيل شبكة توزيع المياه الحالية. كما تأخذ في الاعتبار تحسين إدارة المياه في منطقة بيروت الكبرى، وتوفير مياه إضافية من المصادر الموجودة. ويتمثل أحد المشاريع الخاصة في إعادة تأهيل وتوسيع أنابيب نقل نبع جعيتا، مما يزيد من قدرتها من 250.000 إلى 400.000 ألف متر مكعب."
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم