الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

العمال في "مشروع الفقر" يرفعون صرخات حرمانهم من الوظيفة... كيف ردّت وزارة الشؤون؟

المصدر: النهار
جودي الأسمر
جودي الأسمر
من إعتصام العمال اليوم أمام وزارة الشؤون.
من إعتصام العمال اليوم أمام وزارة الشؤون.
A+ A-

هل أصبح "مشروع الاستجابة للأسر الأكثر فقراً في لبنان" باباً لفقر جديد؟ سؤال يتشكل حول اعتصام أقامه عاملون في البرنامج أمام وزارة الشؤون ظهيرة اليوم، في إطار إضراب مفتوح وصرخات يطلقونها ضد قرار الوزير رمزي مشرفية، القاضي بـ"طرد أكثر من 300 عامل اجتماعي"، والمتصف بـ"بربريّ تعسّفي جديد"، وفق بيانين. إلا أنّ القضية تتناولها روايتان مختلفتان، يسوقها عاملون في البرنامج وملجؤهم الاتحاد العمالي العام من جهة، ووزارة الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال من جهة أخرى، في وقت تتظهر حاجة الوزارة الملحة إلى كادر بشري يتمم عملية المسح لمئات الآلاف من الأسر، تحضيراً لمتطلبات البنك الدولي من أجل منح قرض مخصص للمساعدات الاجتماعية.

صرخات عمال محرومين  

في حديث مع "النهار"، يطلب رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر "الاستجابة لصرخة عمّال وقفوا اليوم أمام الوزارة  وتلوا بياناً يعبرعن قهرهم وحرمانهم والظلم المتمادي بحقوقهم. وأكثر هؤلاء العمال أرباب عائلات يتقاضون معاشاً بقيمة 860 ألف ليرة شهرياً بدون بدل نقل أو صندوق ضمان، ومنهم من يعمل منذ 10 سنوات في الوزارة، فتقرر الوزارة الاستغناء عن خدماتهم"، مضيفاً تمنيه أن "يتنازل الوزير للحديث إلى هذه الفئة التي تشهد انهياراً اجتماعياً ممنهجاً، وقد توجهنا اليوم إلى مبنى الوزارة وطلبنا الحديث إليه، فأخبرنا الحرّاس أن الوزير غير موجود".

ويسأل الأسمر عن سبب "عدم ردّ الوزير مشرفية على طلبات تواصل حول هذا الملف المرتبط بمصلحة عامة، ويقرر مصير مئات العائلات اللبنانية التي تنوء تحت ضغوطات جمة مقابل أجر زهيد سيكافأ بحرمانه منه؟". إشارة إلى أن الاتحاد متمسك بالمسار التصعيدي بداية الأسبوع المقبل في حال عدم عودة الوزارة عن قرارها.

وينقل لنا العامل في البرنامج مروان المستراح، إصراره على إطلاق صرخة أمام "الرأي العام اللبناني والبنك الدولي. عائلات العمال لا ضمان اجتماعي لها ولا حوافز، والوزارة غائبة عن حاجياتنا. منذ أيام فقدنا زميلنا المحامي إيلي نبهان جراء مضاعفات فيروس كورونا الذي التقطه خلال مزاولته المسح الميداني، والوزارة لم تكلف نفسها بأي خطوة ولو شكلية عرفاناً بجهود كلفته حياته".

مادياً، "لقد ضاق صدر الوزارة بمعاشات لا تتخطى 900 ألف ليرة، ولا تزال استمارات المسح المسعرة بقيمة 8 دولارات حسب صرف الدولار القديم أي 12 ألف ليرة، ومنهم حملة دكتوراه"، فـ"كيف إذن تسوغ الوزارة خطوتها بترشيد الإنفاق؟ العجيب أن كل موازنة رواتب 500 عامل اجتماعي لا تتجاوز 6 مليارات ليرة".

شروط البنك الدولي وديوان المحاسبة

في ضوء الاستيضاح، تواصلت "النهار" مع ممثل وزارة الشؤون الاجتماعية في المفاوضات مع البنك الدولي، المستشار عاصم أبي علي، وقال الآتي: "لو أنّ عدد المصروفين من البرنامج سيلامس الـ300 عامل، مثلما تشير البيانات، سيشكّل هذا المعطى شائنة في حقّ الوزارة، لأنّها ستوحي بأنّ برنامجاً صُرِف له مئات الملايين من الدولارات، أوكلت الوزارة مهامه لعاملين غير كفوئين وتقاعست عن تقييم مواردها البشرية. الحديث عن صرف مئات العمّال هو تهويل لا يحتكم للدّقّة، وفي ضوء مراجعة الوزارة للسيرة الذاتية للعاملين، فإنّ عدد العقود الملغيّة سيتراوح بين 50 إلى 60، وسنطبّق آلية لاستخدامهم في تعبئة الاستمارات".

ما هي إذًا هذه الآليّة، وإلى أيّ معايير تحتكم الوزارة في صرف العاملين؟

يجيب "خلال السنوات الماضية، انضمّ للوزارة عمال بدون معايير علمية تلحظ الكفاءات والحاجة. وبالفعل في عام 2018، أعادت الوزارة تشكيل كوادرها البشرية، بتوصيات متلاحقة تتلقاها من ديوان المحاسبة. وطلب الديوان تقليص أعداد العاملين الاجتماعيين، لأنّ كثيرين ممّن أدخلوا لا يحملون شهادات والبعض ليس بحوزته الشهادة المتوسطة. ثم إن الديوان أوصى بعدم صرف الرواتب من دون تقليص عدد العاملين في البرنامج، وفق معايير موضوعية محددة،  فأصبحت الوزارة غير قادرة على سداد رواتب العمال بسبب الضوابط التي أرساها ديوان المحاسبة".

ويذكّر أنّ "الوزير راسل ديوان المحاسبة في عام 2020 ، للمطالبة بضرورة صرف الرواتب نظراً للظروف المعيشية القاهرة. وقد توصّل الوزير لهذا الحل، على أن تقلّص الوزارة العدد وفق المعايير المطلوبة عام 2021". ولفت إلى "ضرورة وفاء الوزارة اليوم بالمعيار الموصى به من قبل الديوان، خصوصاً أن الأخير أفرج عن الرواتب لمدة 6 شهور إلى حين البت بأمر العاملين".

وعن مصير العاملين غير المطابقين لمعايير الديوان، يشرح أبي علي "نحن نعمل وفق صيغة تفرق بين العامل الاجتماعي الذي يتابع الحالة الاجتماعية، وهي مهام تدرّس في اختصاص جامعي، وغيره من العاملين. مع العلم أنّنا لا نحصر المعيار بشهادات في مجال المجتمع أو علم النفس. نحن نقول إنّ كل حامل إجازة سيستمر في عمله، أخذاً بعين الاعتبار أنه في حال كان لا يحمل شهادة موازية للاختصاص المطلوب، يتعين أن يحمل سنوات خبرة عملية تخوله بدون شك الاستمرار في البرنامج وهؤلاء لن يتم صرفهم. أمّا بخصوص غير حملة الإجازة، فنحن لن نجدد لهم عقد العمل، عملاً بتوصيات ديوان المحاسبة، ولكن نؤكّد أنّ هؤلاء سيضمّهم برنامج "البنك الدولي" في مكوّن تعبئة الاستمارات في الميدان إلى جانب متطوعين سيتم استخدامهم لهذه المهمة، لأنّنا بحاجة لطاقات تستطيع المساهمة في مسح الأسر".

ويختم "نحن لن نرمي هؤلاء العمال في الشارع كما يساق لهم وعبرهم، وليست هذه نية الوزير. ولكن جهات معيّنة تصوّر الموضوع بهذه الطريقة المضلّلة، بالرغم من حرصنا على التواصل مع العمال الاجتماعيين. وقلّة من هؤلاء العمال استفسروا وهم لن يشاركوا في الاحتجاجات لأنّهم عرفوا حقيقة الأمور وحرصنا على عدم ظلم أحد".

 

 

* بيان اعتصام العاملين الاجتماعيين في البرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقراً في لبنان أمام وزارة الشؤون الاجتماعية بتاريخ 23 نيسان 2021:

 

"نحن العاملين الاجتماعيين في البرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقراً في لبنان، المشروع المنبثق عن وزارة الشؤون الاجتماعية اللبنانية، يعرفنا الفقراء والمعوزون، يعرفنا الوزير وتعرفنا الإدارة، تعرفنا المنظمات الدولية التي تقر بقدرتنا، نحن من الفقراء واليهم، تضرب بنا الأمثال عند الاستشهاد بكفاءتنا وجودة متابعتنا وعملنا".

وتابع البيان: "لقد عملنا رغم كل المعوقات ورغم كل الظروف الاقتصادية والاجتماعية والأمنية الصعبة، ندفع من جيبنا ثمن النقل، ونتقاضى رواتبنا كل ستة أشهر مرة، رواتب من بضع مئات من آلاف الليرات لا تغني ولا تسمن من جوع.

نحن أيها اللبنانيون، نعمل منذ قرابة العقد من الزمن برواتب قليلة، مهمتنا لم تتغير: أخلاقية إنسانية اجتماعية وطنية، ليست سياسية ولا حزبية ولا طائفية ولا مناطقية، مهمتنا التقنية هي إجراء المسوحات والكشوفات والزيارات الميدانية، متابعة الفقراء وخدمتهم على مساحة الوطن. كل الوطن.

نعتصم اليوم لاستمرار المشروع الذي تعول عليه آلاف العائلات الفقيرة الأمل لمساعدتها ومساندتها بعد استفحال الفقر وتفشي البطالة جراء الانهيار الاقتصادي، نعتصم اليوم لأن وزير الشؤون الاجتماعية وقع على قرارات ظالمة. إننا وفي ظل متابعتنا لشؤون الأسر الفقيرة ونحن منها، تحولنا عبر هذا القرار مع عائلاتنا الى شريحة الأسر الأكثر فقراً في لبنان.

لقد أصدر الوزير قراراً يقضي بطرد أكثر من 300 عامل اجتماعي، أتتخيلون، ومن المطرود؟

المطرود تعسفياً هم نساء ورجال يعملون بجد ومثابرة وتفان وبتقنية وكفاءة مشهودة، المطرود هم الجنود المجهولون الذي يقوم على ظهورهم مشروع التعافي من الفقر، لأجل ماذا؟ ألأجل الإصلاح؟"

 

وأضاف البيان:"كيف؟ وأنتم ستوظفون آخرين مكانهم ليست لهم الخبرة في هذا العمل، وأساساً لا يتيح القانون التوظيف بقرار سابق للحكومة اللبنانية، فكيف سيستمر المشروع؟

تأتينا الوعود من هنا وهناك بإعادة التوظيف لقلة منا شرط التخلي عن الرفاق وخيانتهم، وطلب بعض من كنا نحسن الظن بهم، طلبوا منا إرسال السير الذاتية لينتقوا منها رجالاً ونساء للتوظيف. حاولوا لقاء بعضنا على انفراد مع تقديم المغريات والتلميح الى توظيفات في منظمات دولية لقاء رواتب بالدولار، فلم نخن ولن نخون الفقراء ولن نخون زملاءنا.

صيغت مساء أمس تغريدة رسمية أفادت أن الهدف هو الإصلاح. وقيل إن الهدف هو ترشيد الإنفاق. عجباً! العجب لأن كل موازنة رواتب 500 عامل اجتماعي لا تتجاوز الستة مليارات ليرة بينما هناك 11 شخصاً يتقاضون وحدهم ما يفوق هذا المبلغ من المفوضة السامية لشؤون اللاجئين UNHCR، يتقاضون ما يفوق موازنة كل العاملين في مشروع الفقر. هذا فقط من الـ UNHCR لم نذكر مداخيل أخرى ولا عقود إضافية مع منظمات أخرى. هذه أموال الشعب اللبناني. إن كل هبة تعتبر مالاً عاماً وملكاً للشعب اللبناني. فبأي إصلاح تعمل عليه يا معالي الوزير؟

نعيد ونكرر أن قرار الطرد هذا، هو خطوة غير صائبة لا تخدم المشروع ولا الفقراء ولا الوطن ولا علاقة له بالإصلاح وهو يضاف الى قرار سابق لا زال يصر عليه الوزير. ومعروف من خلفه يقضي بدمج كل المشاريع المنبثقة.

بناء على كل ما سبق نتوجه الى وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال رمزي مشرفية ونطالبه بالإصلاح الذي يبدأ بالعودة عن الخطأ وفي العودة عن الخطأ فضيلة ونؤكد على مطالبنا وهي:

- العودة عن قرار الطرد التعسفي لمئات العاملين الاجتماعيين.

- تعديل قرار دمج المشاريع المنبثقة بما يضمن استمرار العاملين واستمرار رواتبهم وأجورهم.

- التأكيد على الاتفاق مع الاتحاد العمالي العام الذي حصل في مكتب وزير الشؤون الاجتماعية بحضور رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر ولجنة المتابعة من العاملين في البرنامج والذي خطّ بيد مستشار معالي الوزير كما ورد.

- إعفاء كل من له علاقة بهذه المجزرة من مهامه (المستشار المحظي) والذي نص على النقاط التالية: تعويض النقل وتحسين واقع بدل الاستمارات والرواتب والانتساب الى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والاستفادة من كل الطاقات الموجودة والاستعانة بها، اضافة الى قيام معاليه بكل المهام الموكلة اليه بما يخص المستحقات المالية والحفاظ على الموظفين وحقوقهم واستمرارية عملهم".

وختم البيان: "نتطلع إلى إيقاف هذه المهزلة سريعاً، نحن لسنا هنا اليوم لخلق حال اعتراضية متمردة ولسنا هواة إشكالات ولا اعتصامات أو إضرابات، نريد الإنصاف لنا ولمشروعنا. ونعد الجميع بأننا إن لم نصل في وقت قريب إلى نتائج ملموسة فلا خيار أمامنا سوى الاستمرار في الإضراب المفتوح وفي التصعيد من دون استكانة، ونعدكم أن في جعبتنا أكثر وأننا سنصوب على أي شخص يمس بحقوق العاملين مهما كان موقعه أو منصبه".

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم