الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

هنّ مصدر الانتاج في عوائلهن... سيّدات ريفيات يروين تجاربهم في صنع المونة

المصدر: النهار
فرح نصور
تعبيرية  (من الأرشيف- تصوير مارك فياض)
تعبيرية (من الأرشيف- تصوير مارك فياض)
A+ A-
برز دور السيدة الريفية بشكلٍ قوي في ظلّ الأزمة الراهنة، بعد أن وجدت في خبرتها الإنتاجية في مجال المونة رأس مالٍ لتجاوز الأزمة ومساندة زوجها وتحريك الاقتصاد. يتجلّى مفهوم تمكين المرأة بمعناه الحقيقيّ والسليم في التعاونيات النسائيّة، التي تنتج المونة اللبنانية، والتي تحوّل إنتاج المونة من إنتاج عائليّ إلى business، يعود عليها بمردودٍ يُشعِرها باستقلاليّتها وكينونتها، ويعزّز انفتاحاً على المدينة لطالما كان مستهجَناً في الأرياف. 

كانت السيّدات الريفيّات يبذلن جهداً في إنتاج المونة من دون منفعة مادية. لذلك، كان الهدف من تأسيس تعاونية "أطايب الريف"، تأمين أداة بيد النساء لترجمة هذا الجهد بمردودٍ ماديّ. هذا ما تقوله رئيسة مجلس إدارة تعاونية "أطايب الريف"، مي طربلسي. فالمردود بيد الشخص يُعطيه قوّة في إبداء رأيه، وفي إثبات وجوده، وفي اتّخاذ القرارات، وذلك يساعد المرأة الريفية على أن تتحلّى بهامش من حرية تعبير أوسع في منزلها، فيما يُعطيها المردود الماديّ قوّة في نطاق المجتمع. ولكونها سيّدة منتِجة، تتوسّع آفاق عملها، وتتوافر لها حريّة التحرّك من الناحية الماديّة، فـ"القوة الرأسماليّة هي قوة حاكمة". 

وتغطّي كثيرات من السيدات الريفيات حالياً نسبة تقرُب من 100% من مصاريف عائلتها الماديّة، في الوقت الذي فقد عدد كبير من الأزواج وظائفه وتعثّر. ويعتمد هؤلاء على نسائهم في مساعدتهم على الإنفاق على المنزل، "فالمرأة أثبتت أنّها هي العنصر المنتِج في الأزمات". 
 
"أطايب الريف" تتعاون مع أكثر من 45 تعاونية من جميع المناطق اللبنانية، بأغلبيتها نسائيّة، في وقت يشكّل إنتاج السيدات الريفيّات للمونة حركة اقتصادية، لكَون إنتاج المونة سلسلةً من المشتركين في هذا الاقتصاد من المزارع إلى نقاط البيع إلى عمّال التوصيل من الريف إلى المدينة. و"السيدة الريفيّة هي التي تُعطي القيمة المُضافة لهذه الحركة، لأنّ إنتاجها هو إنتاج يدويّ، وهذا هو رأس مالها، إضافة إلى تأمينها الأمن الغذائيّ للوطن والعائلة الصغيرة"، وفق طرابلسي. 
 
وعن مساهمة هذا العمل في هذه الأيام بتعزيز انفتاح السيّدة الريفيّة على المدينة والمجتمعات الأخرى، ترى طرابلسي أنّ "إنتاج المونة حالياً دفع بالسيدة الريفيّة إلى الانفتاح أكثر؛ فهناك سيّدات يُشاركن في معارض لعدّة أيّام في المدينة، ويبتن خارج المنزل لأيّام، وهذا أمر غير اعتياديّ بالنسبة لسيّدة ريفيّة، لكنّهن كسرن التابو"، وانفتحن على هذه الأفكار بحكم عملهنّ في إنتاج المونة وتصريف إنتاجهنّ، و"بذلك بات دورهنّ أكبر من دور السيّدة التي تعيش في المدينة".
 
"دور المرأة في مجال إنتاج المونة أصبح قوياً جداً، لأنها تتمكّن من إنعاش عائلتها في هذه الظروف. وكلّ سيّدة منتِجة للمونة باتت تشعر بنوع من الاستقلاليّة، إذ بات عمل المونة يدخِل عليها مردوداً جيّداً جداً على عكس ما كان الحال سابقاً عندما كانت تقوم بتحضير المونة لبيتها وعائلتها فقط". هذه شهادة زينب، سيّدة منتِجة للمونة من بلدة الحلوسيّة. فتمكين المرأة الريفية لإنتاج المونة قوّاها وأعطاها سلاحاً في يدها، وجعلها تشعر بنوعٍ من التحرّر. 
 
 
إنتاج المونة عامل تحرّرٍ واستقلاليّة للسيدة الريفية 

وبما أنّ عمل المونة هو من اختصاص المرأة، "فقد وجدت السيّدة الريفية في هذه الظروف الصعبة فرصة لمساعدة زوجها على تحسين المعيشة"، بحسب ما تفيد رئيسة تعاونية "جود الأرض"(العباسية- صور)، باسمة زين لـ"النهار". فإنتاج المونة يؤمّن مدخولاً جيّداً جداً، يُمكن للسيدة الريفية الاعتماد عليه في الظروف الاقتصادية الصعبة، ويُمكنها القيام به من منزلها من دون الحاجة إلى تركه أو ترك أولادها، و"لهذا العمل آفاق في التوسّع".

ويفتح هذا العمل أمام السيدة الريفية المجال واسعاً لناحية بناء علاقات اجتماعية واسعة، والانفتاح على مجتمعات متعدّدة في وطنها. كذلك، "تمتلك حالياً استقلاليّة بفضل عملها في المونة، إضافة إلى الانفتاح الفكريّ والمجتمعيّ، وهو أمر مفيد جداً لها"، بحسب زين. لذلك، في هذه الظروف، السيّدة الريفية قادرة على مساندة زوجها وعلى بناء الوطن واقتصاده وأمنه الغذائي. 
 
وتتحدّث سامية، سيدة منتِجة للمونة من دير الأحمر، عن أنّ إنتاج المونة وبيعها هو عامل مساعد جداً في تحسين الظروف المعيشية، لا سيما أنّ غلاء السّلع الغذائية في ظلّ هذه الأزمة، وجّه كثيرين إلى شراء منتجات المونة التي تدوم لوقت أطول في المنزل، ويمكن حفظها من دون برّاد (أزمة الكهرباء)، وسعرها أفضل من السّلع الطازجة. وترى أنّ "هذا العمل يحسّن من القدرة الشرائية لعائلتي، وقد تغيّر شكله، وزاد بشكلٍ ملحوظ جداً، إذ عاد الناس إلى الطبيعة، وبات الطلب على منتجات المونة أكبر ليشكّل إنتاج المونة تجارة وعملاً جادّاً وثابتاً للسيّدة الريفيّة". 

وتروي عايدة سيّدة منتِجة للمونة من بلدة الريحان أنّ نساء كثيرات يعتمدن على المونة حالياً كمصدر وحيد للعيش، فـ"السيّدة الريفيّة أصبحت سيّدة عاملة، وتشعر بأنّها منتِجة في هذا المجتمع، حيث الكثير من الرجال غير قادرين على الإنتاج، إذ لم يعد بالإمكان الاعتماد على الزوج حالياً في هذه الظروف إنّما على "شغل أيدينا".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم